الأعضاء الإشتراك و التسجيل

    التسجيل و الدخول عبر

نسيت كلمه المرور
الأقسام
ADs

تابعنا :



إلى أبي….

24 سبتمبر, 2014 - 6:25:22 مساءً آخر تحديث : 24 سبتمبر, 2014 - 6:25:22 مساءً

صحيفة مبتعث - خالد الشعلان

صحيفة مبتعث – خالد الشعلان
أبي .. إن أشد ما يؤلمني هو نسيانك أنني شاب ، فتطالبني بأكثر مما يطيقه الشباب حين تقيسني بسنك وحين تفترض أن لي من التجارب والعلم ما لك ، ثم تحاول أن تحصي عيوبي وتغمرني بالنصائح . لعلك نسيت أن الشباب له من الحيوية والنشاط ما يدفعه دائماً لمواجهة الحياة ليستمد منها خبرته وتجاربه أكثر من الاستماع إلى النصيحة . فلا تحرمني من خوضِ غمار الحياة بنفسي ، لأستمد منها خلاصة تجاربي وخبراتي ، فتنموا بذلك شخصيتي وتزيد ثقتي بنفسي . إنه ليس أسهل على الآباء من توجيه النصائح وإحصاء الأخطاء على أبنائهم ، ولكنّ التحدي في قدرتهم على تهيئة الظروفِ المناسبةلتربية صالحة . إنني أتطلع لرب أسرة لا ينصح ولكنه يغير الظروف لإحداث التغيير ، فإذا تغيرت الأسباب تغيرت المسببات . في انجلترا يتركون أبنائهم يعتمدون على أنفسهم في نفقات الجامعة وفي الحياة ، فيشبون رجالاً يُعتمد عليهم لا أطفالاً يقادون كما كان يُفعل بنا . أرجو ألا تفهم من كلماتي أني أكره نصحك ، ولكن خير نصح ما كان في تغيير الظروف وتهيئة الجوالملائم” . تلك كانت الكلمات التي أجاب بها الابن لنصائح أبيه التي جاءت في رسالة “إلى ولدي” !!

فأجاب الوالد بقوله : يا بني كما المرء يتأثر بالبيئة التي حوله كما ذكرتَ فإنه يتأثر بالنصيحة ، وأحياناً تجد النصيحة محلها فتعمل عملها ، ولولا ذاك لما نصح القرآن والنبي عليه الصلاة والسلام ، ولما اتفقت الأمم وحكماؤها على العناية بالنصائح . فقولك أن البيئة كل شيء مغالطة بل هي شيء من أشياء ، وإن النصيحة التي أذكرها لك هي نفسها بيئة من البيئات . فلذلك سأستمر في النصيحة ما دمتَ ابناً وما دمتُ أباً ، ولك الخيارُ في أن تقبلَ ما تقبلُ وترفضَ ما ترفض . دعني أقولُ لك أنّ فلاناً الذي تعرفه سقطَ في امتحانه بسببِ ما تورّط في أصدقائه ، ثم عن طريقِ المصادفة شهدَ روايةً سينمائية لفتَ نظرُهُ منها جملة خلُقية قوية ، فأتى وكتبها بخطه وعلقها في حجرة نومه ، فكان يقرؤها إذا نامَ وإذا صَحا من نومه حتى استقام أمره . أفلا تعدّ هذه نصيحة من النصائح القوية الفعالة ؟”.

ما أجمل هذا الحوار الراقي الذي يخوضُ غمارَ العقل بقوة ولكنه لا يجرحُ شعوراً أو يسيء إلى كرامة ، ويظلّ الأبُ أباً والابن ابناً مهما ذهبت بهم السنين .

  • لا يوجد تعليقات

خالد الشعلان

كاتب

أكاديمي تربوي جامعة الطائف مبتعث للدكتوراه بجامعة اكستر ببريطانيا

التعليق

عفواً, للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول أولاً. إذا كنت لا تملك عضوية, يمكن الإشترك بالنقر هنا إنشاء عضوية

تسجيل عبر
ADs