الأعضاء الإشتراك و التسجيل

    التسجيل و الدخول عبر

نسيت كلمه المرور
الأقسام
ADs

تابعنا :



في القطــار

19 أكتوبر, 2014 - 1:53:31 صباحًا آخر تحديث : 19 أكتوبر, 2014 - 1:53:31 صباحًا

صحيفة مبتعث - خالد الشعلان

صحيفة مبتعث – خالد الشعلان

كنتُ في القطارِ متجهاً من مدينةِ اكستر إلى لندن .. في إحدى المحطاتِ إذْ برجُلٍ انجليزي مُسنٍّ قد رقَّ عظمُه وانحنى ظهرُه يجلسُ بجانبي ويحادثني مبتسماً .. كانَ يرفعُ صوتَه ليُسمعني ويطلبُ مِنّي أنْ أرفعَ صوتي لأُسمعه ، فعرفتُ أنّ سمعَه قد ثقلَ وأنه قد بلغَ من الكِبَرِ عتيّا .. دارَ بنا الحديثُ حتى انتهينا إلى أنْ قدّم لي خلاصةَ تجربةٍ تمثلتْ في حكمتين يؤمنُ بها بعدَ أن قاربَ الثمانين من عمره ، الأولى هي الحرصُ أن تكونَ حياتُه ممتدة . فلما سألته ماذا يعني؟ قال حرصتُ أن يكونَ لي أبناءً وأنْ يكونَ لأبنائي أبناء ، وبذلك شعرتُ أنّ لحياتي امتدادٌ فوقَ ما كنتُ أتصوّرَه مِنْ قَبْل . الثانيةُ هي الحرصُ أنْ يحْيا مسالماً لا يؤذي أحداً مهما قَسَت الظروفُ من حوله . فقلتُ له وماذا شعرت بفعلك هذا؟ قال إنّ ذلك منحني طمأنينةً أجدُها في قلبي كلمّا تقدّمَت بي الأيام . استأذنني بعد ذلك دونَ أن ينظرَ لساعةٍ أو حتى يلتفتَ يمنةً أو يسرة ، قائلا اقتربتُ من المحطة التي يجبُ أن أتوقفَ بها ثمَّ ودعني وانصرف . عجبتُ وما زلتُ متعجباً من دماثةِ خُلُقِ هذا العجوزِ المُسنّ ومِنْ حكمةِ قولهِ ، ولم تزلْ كلماتُه تتردّدُ في ذهني وأثرُ ذلكَ الموقفُ يتجدّدُ في قلبي . لقد لفتَ نظري أنْ أنصتَ لحكمةِ الآخرين أياً كانوا ، فلستُ أدري على لسانِ مَنْ ستجري الحكمةُ فتنفعني ، ولا يمكنُ لي أن أنصتَ لمن حولي دونَ أنْ أعلّم نفسي التواضعَ وأروّضها على اللين . ولفتَ نظري أيضاً إلى أنّ حكمةَ العمرِ هي مِنْ أجلّ الحكم ، لأنها تلخصُ لك حياةَ آخرين ، وتنقلك إلى مواطن أخرى قد لا تردُ على تفكيرك ،  وتفتحُ لك أبواباً ما كانتْ لولاها لتُفتح ، سواءً اتفقتَ مع مضامين هذه التجاربِ أو اختلفت .

  • لا يوجد تعليقات

خالد الشعلان

كاتب

أكاديمي تربوي جامعة الطائف مبتعث للدكتوراه بجامعة اكستر ببريطانيا

التعليق

عفواً, للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول أولاً. إذا كنت لا تملك عضوية, يمكن الإشترك بالنقر هنا إنشاء عضوية

تسجيل عبر
ADs