الأعضاء الإشتراك و التسجيل

    التسجيل و الدخول عبر

نسيت كلمه المرور
الأقسام
ADs

تابعنا :



كيفُ نصنعُ بيئةً محفزة للمبتعثين ؟

3 ديسمبر, 2014 - 2:31:54 صباحًا آخر تحديث : 3 ديسمبر, 2014 - 2:31:54 صباحًا

صحيفة مبتعث - خالد الشعلان

صحيفة مبتعث – خالد الشعلان

انطلقتُ في إجازةِ نهايةِ الأسبوع برفقةِ صديقٍ عزيزٍ لزيارة مجموعةٍ من الأصدقاءِ المتواجدين في مدنٍ متعددة ببريطانيا . ابتدأنا رحلتنا بالسلام على صديقٍ أديبٍ صاحبِ سمتٍ مهيب وتناولِ وجبة الغداء معه بمدينة برمنقهام . ثم قضينا أمسيةً ماتعةً بمدينة نوتنقهام مع أصدقاءَ كرامٍ ، يأسِرك الجلوسُ إليهم والاستماعُ لحديثهم مما تلمسُ من طيبِ معشرهم وحسنِ منطقهم . في اليوم التالي كنا في ضيافةِ ذي القلبِ الكبيرِ والخلقِ الجميلِ بمدينة جلاسكو . قُدّم لنا الإفطارُ على الطريقةِ العربية ، ثم تجولنا في جامعة جلاسكو وفي بعضِ معالمِ هذه المدينة الجميلة ، ثم انتقلنا إلى جلسةِ شواءٍ رائعةٍ على ضفافِ تلك البحيرة الهادئة المجاورة . حدثنا صديقنا عن صلاتٍ اجتماعيةٍ وثيقةٍ تربطهم مع مجموعة من المبتعثين ، يجدون بها خيرَ سندٍ وعونٍ لهم في رحلتهم العلمية ببلد الابتعاث ، يتجددُ لقاؤهم بالمسجدِ المجاور لبيوتهم ، ويتجددُ لقاءُ عائلاتهم وأبنائهم أسبوعياً حيث البرامج الثقافية والترفيهية المتنوعة . أحببناهم ولكنْ لم يكنْ بدٌّ من وداعهم ، فشكرناهم على حسنِ ضيافتهم وطيبِ محيّاهم . وجهتنا الجديدةُ كانت مدينة مانشيستر حيثُ الموعدُ في صباحِ اليوم التالي مع صديقٍ يجذبك طيبُ قلبه وصدقُ منطقه . لم يتيسّر لنا لقاؤه فاعتذرنا لأننا لم نجد بمدينة مانشيستر مكاناً للمبيت ، فالفنادق ملأى وقد تساهلنا بالحجز لذلك من قبْل ، فاضطررنا لمواصلة المسير لوجهتنا التالية إلى مدينة بانقور في شمال ولاية ويلز . أعيانا التعبُ والإرهاق فقررنا أنْ ننزلَ عندَ أقربِ استراحةٍ بالطريق في إحدى وحداتها السكنية ولكنْ دونَ جدوى فالحجوزات مغلقة . اضطررنا للاسترخاء بداخلِ سيارتنا وحسناً فعلنا وقتها ، وقهقهةً ضحكنا بعدها يومَ جاءتنا غرامةٌ مالية عن مكثنا بهذه الاستراحة لمدة تتجاوز الساعتين . نسينا التعبَ لما رأينا أصدقاءنا في مدينة بانقور . وقد زيّنهم معنيان ؛ ألفةٌ واحترام . بساطةُ مدينتهم تراها في تعاملهم ، تراها في مسجدهم الذي يُذكّرك بمسجدِ القريةِ العتيقِ حينَ تجتمعُ فيه القلوبُ الطيبة ، تراها حين نكونُ في طريقنا لمجلسِ أحدهم وينضمُّ إلينا من نلتقيه في الطريقِ بلا قصدٍ فيبادلك أحسنَ الكلام وأجملَ المعاني ، تراها حين يتسابقون في الدعوة لدخولِ بيوتاتهم ولو على فنجانِ قهوةٍ أو حبةِ تمر ، تراها في تقديمِ  كبيرهم بكلّ محبةٍ وفي تقديرِ ذي الرأي منهم بكلّ تواضع . باختصارٍ لقد أحببنا تلك المعاني الجميلة التي لمسناها بينهم وودعناهم وقلوبنا عندهم ، بلْ وانقضى طريقُ عودتنا إلى مدينتنا ونحنُ نتحدثُ عن جميلِ مشاعرنا تجاههم . لقد توافقتُ أنا وصديقي على أنّ التجمّعَ الأخويّ المتحابّ المتوادّ المتعاون يخلقُ بيئةً مريحةً ملهمةً للمبتعثين الدارسين بالخارجِ ولأهاليهم . وسَمِّهِ بعدَ ذلك ما شئت ؛ نادياً طلابياً كما في مدينة بانقور ، أو تجمعاً عائلياً كما عند الأصدقاء في مدينة جلاسكو ، أو حتى مركزاً إسلامياً أو جمعيةً طلابيةً كما في بعض المدن الأخرى . بيئةُ المبتعثين للدراسة بالخارج بيئة مختلفة في طبيعتها وسياقها وظروفها واحتياجاتها ، ولو التفتَ المبادرون من المبتعثين لتلمّس حاجاتِ إخوانهم وأخواتهم في مكانِ دراستهم ، ثم صاغوا تصوراً لما يفي بمتطلباتها دون تكلف ، وبما يتوافق مع سياقها وظروفها ، ثم تلمسوا لها دعماً مادياً ومعنوياً ممن يملك تقديم ذلك ؛ لاجتمعتْ حولَ هذا الجهدِ القلوبُ وتضافرت له العقول . وبذلك – أي إرادة القلوبِ الصادقةِ ورؤية العقولِ الناضجة – ترقى أعمالُنا للمستوى اللائق بمن رحلوا في طريق العلم وتحمّلوا في سبيلِ ذلك المتاعبَ والمشاق ، وتنأى جهودُنا أنْ تُستهلكَ في مفضولٍ على فاضلٍ ونحن هنا في سباقٍ مع الزمن .

 

  • تعليق واحد

خالد الشعلان

كاتب

أكاديمي تربوي جامعة الطائف مبتعث للدكتوراه بجامعة اكستر ببريطانيا

إبداع وإمتاع تمنيت لو كنت رفيقك في رحلتك ..

معاني راقية وأسلوب رائع ..

سلمت أبا عبد الرحمن وزادك الله تميزا

التعليق

عفواً, للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول أولاً. إذا كنت لا تملك عضوية, يمكن الإشترك بالنقر هنا إنشاء عضوية

تسجيل عبر
ADs