الأعضاء الإشتراك و التسجيل

    التسجيل و الدخول عبر

نسيت كلمه المرور
الأقسام
ADs

تابعنا :



لسان الضاد يبقينا

20 يناير, 2015 - 10:07:06 مساءً آخر تحديث : 20 يناير, 2015 - 10:07:06 مساءً

صحيفة مبتعث - خالد الشعلان

صحيفة مبتعث – خالد الشعلان

شابٌ انجليزي يدرسُ اللغة العربية في إحدى الجامعات البريطانية وله اهتمامٌ بشئون الشرق الأوسط أرسلَ لي رابطَ برنامجٍ وثائقي عُرض على إحدى القنوات العربية الفضائية يحملُ عنوان “لسان الضاد يجمعنا” ، وطلب مني أن نلتقي لمناقشة بعض مضامين هذا البرنامج .

“لسان الضاد يجمعنا” عنوانٌ يحملُ في ثناياه قيمةً يُناضَلُ ببسالةٍ من أجلها تدعى “الهوية”.

“لسان الضاد يجمعنا” عنوان ينبئك أنّ اللغة ثقافةٌ أو وعاءٌ للثقافة ، وليست مجرد حروف وكلمات وعلامات ترقيم .

“لسان الضاد يجمعنا” عنوان حيّ مفعم بذكريات لا تنسى وآمال لن تموت .

بثَّ هذا البرنامج مضامين منها :

إنّ المنتِجَ للفكر والحضارة هو المنتِج للمصطلحات ، ولذلك فاللغة الحاضرة بقوة في العالم هي التي تفرض معاني المصطلحات التي تبدعها ، ولا يمكن أن تُقبَلَ هذه المصطلحات إلا في سياقها التي وردت فيه ، بل هي التي تحدد الصورة الذهنية لكثير من القضايا وترسم أطراً لأنماط التفكير . خذ مثلا لذلك مصطلح “جدار الفصل العنصري” وما يحمل في طياته من معاني .

تعلم اللغة الحاضرة عالمياً لا يعني بمفرده تجسير الهوة العلمية والحضارية مع الأمم المتقدمة .

امتلاك منجز حضاري حقيقي يُقدَّمُ للعالم هو بداية الحضارة لأي أمّة ، ولا يتحقق ذلك الا ببناء إنسان مؤهل يملك انتماء لحضارته التي من أبسط أوعيتها اللغة .

الأمة الوحيدة في العالم اليوم -بحسب البرنامج- التي تفرط في لغتها ببساطة هي الأمة العربية ، في مقابل دولٍ سابقت في ميادين العلم وحافظت على لغتها وثقافتها بكل اقتدار ، من مثل اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وإسرائيل وغيرها كثير .

نسيان اللغة الأم هو موت لذاكرة أهلها التاريخية ، وهو تسليم سهل لثقافة جيل قادم لثقافات أخرى عولمت لغتها ، بل وتعدت من غير وجه حق فدمرت متاحف وآثار ومكتبات الآخر الذي لم تتقبله .

هناك لغات كادت أن تموت فأحياها أهلها حتى أصبحت تلبي مطالبهم التعليمية والحياتية وغدت لغةً لجامعاتهم وغالب مراسلاتهم اليوم . خذ اللغة العبرية لذلك مثلاً .

كان هذا بعض ما دونتُ من استماعي لهذا البرنامج ، إلتقيتُ بعدها هذا الشاب البريطاني ودار بيننا حديث طويل انتهى بطول تعجبه من تفاخر كثير من شباب العرب الذين التقاهم بتحدثهم اللغة الانجليزية -ولو على عوج- ليس في بلاد الانجليز بل في ذات البلاد العربية التي زارها من أجل الدراسة . اقترح عليّ متحمساً للتعريف بثقافتنا أن يكون هناك دروساً اختيارية لتعليم اللغة العربية في الجامعة بل وفي مدارس التعليم العام في بلد الابتعاث ، وما درى أني أحدث نفسي أن شكوانا في تلعثم لسان أبنائنا في لغتهم العربية يشغلنا عنْ التفكير في أنْ نُنْطقَ لسان الضاد في بلاد كهذه . فتبسمتُ فسألني مما تتبسم ؟ فغيرتُ الموضوع وحدثته عن إعجابي بهمّته بدراسة اللغة العربية ، وكيف أنه لما زار بلاد المغرب العربي لم يسألني عن ما لذّ وطاب في تلك البلاد ، بل طلب مني أن أحرر له نصاً عربياً عجيباً عن اللغة العامية لينتج تقريرا مرئيا قدمه لجامعته وبثه على قناة “اليوتيوب”.

كان كثيراً ما يقول لي كم أنّه فخور بتعلمه للغة العربية وكيف ينتابه شعور جميل رائع حين تجري الحروف العربية على لسانه من مثل حرف الحاء والخاء والعين والغاء وأحياناً الضاد ، هذا وهو لم يتعلمها من أجل دين وإنما تعلمها من أجل دنيا .

 

فياليتنا نبقي في نفوسنا وفي نفوس أبنائنا حب لغتنا العربية الأصيلة في وقتٍ تبدلت فيه الألسن وتلونت فيه الوجوه ولمْ تعد تطرب فيه الآذان لا لصوت مذياع عذب تنساب منه المعاني والكلمات كانسياب الماء على الأرض الناعمة ولا لرؤية متحدث طلق تجري على لسانه الألفاظ والدلائل والشواهد كساحر يراقص حباله ليريك أنها ثعابين تسعى .

 

 

  • لا يوجد تعليقات

خالد الشعلان

كاتب

أكاديمي تربوي جامعة الطائف مبتعث للدكتوراه بجامعة اكستر ببريطانيا

التعليق

عفواً, للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول أولاً. إذا كنت لا تملك عضوية, يمكن الإشترك بالنقر هنا إنشاء عضوية

تسجيل عبر
ADs