مرحبا بكم في لقائنا الثاني لذكريات طالب في كرايس تشيرج:
قبل الانطلاق:
لم تكن فكرة السفر للنزهه وانما لضرورة تعلم اللغة الانجليزية حيث بدأت فكرة تعلم اللغة أثناء العمل فقد كنت أعاني عند لقائي بموظف أجنبي لا يعرف التحدث باللغة العربية.. حيث كنت أعمل في احدى شركات الاتصالات الكبرى وفي قطاع تقنية المعلومات أيضا.. فكان موقفي أن اتصل بأحد زملائي الذين يتحدثون الانجليزية وأطلب منه المساعده.. فقلت لم لا أبدأ في تعلم اللغه وأكفي نفسي السؤال.. فاستعنت بالله وبدأت بدراسة اللغة في أكاديمية مميزة.. وقد استغرقت دراستي قرابة السنتين حصلت بعدها على دبلوم لغة انجليزية ولكن كانت العقبة التي أمامي هي صعوبة التحدث.. فسألت من سبقني في تجربة تعلم اللغة وقال لي الان أتى وقت السفر للخارج.. في البداية كنت مستبعدا الفكرة ولكن بعد استخارات كثيرة واستشارات متعددة عقدت العزم وحددت الاتجاه (نيوزلندا – كرايس تشيرج) .. وقد كان لدراستي السابقة قبل سفري أكبر الاثر في سرعة تعلم اللغه بعد السفر ولله الحمد..
ومثل أي شاب لم يغادر بلده الحبيب ويريد السفر لدولة في أقصى الكرة الارضية فقد كنت مرتبكا بعض الشيء.. فلا علم بطريقة الملابس والحجوزات.. حيث اعتدنا على لبس الثوب والشماغ في أي مناسبه.. وعند اقلاع الطائرة قبل موعدها والغاء حجزك تأخذ لك أقرب سيارة وتكمل سفرك.. لكن هنا يختلف الوضع تماما..
لاأخفيكم سرا بتوتري بعض الشيء.. بل وازعاجي لم لديه بعض الخبرة في شراء الملابس للسفر للخارج.. فنحن الان في شهر رمضان وسفري بعد العيد ولم أحجز ولم أشتري أي ملابس ولا غيره.. فبعد معاناة مع الحجز وأخذه بسعر غالي نوعا ما (قرابة 10آلاف ريال) التحقت بدورة لمدة ساعه يوميا لاستذكار معلومات المطار وغيرها من المعلومات الضرورية أثناء الوصول.. اضافة إلى الذهاب لشراء الملابس وعدم معرفتي بها مما اضطرني إلى الذهاب برفقة أحد المجربين سابقا في مثل هذه الملابس وقد أزعجته كثيرا لكن بيض الله وجهه فقد أنهى كل مشكلتي في اللباس..
لا تتخيلون برنامجي في رمضان وكيف كان ضغطا شديدا لم أتوقعه.. فأستيقظ قبل صلاة الظهر وبعد الصلاة أذهب لإنجاز بعض الاعمال الضرورية وحتى قرابة المغرب.. وبعد صلاة المغرب آخذ لي غفوة بسيطة.. وبعد التراويح مباشرة أذهب لدراسة اللغه وبعدها أكمل العمل حتى صلاة الفجر..
كنت أعيش لحظات شديدة وضغط عمل لم أنتهي منه الا بعد العيد.. ولكن الحمد لله على تيسيره.. وبعد أن تعيدنا بدأت في مطالعة بعض المواقع المتخصصة في السفر خصوصا لمدينتي وقد استفدت منهم كثيرا فجزاهم الله خيرا وكتب أجرهم..
امتحان في اللحظات الاخيرة:
في ثاني أيام العيد بدأتني أعراض الانفلونزا فقلت ستزول ان شاء الله ولكن المرض بدأ يزداد شيئا فشيئا.. استخدمت بعض الادوية ولكن لا جدوى.. حتى كان يوم الخميس ويوم غد ان شاء الله ستكون رحلتي ومرضي في زيادة مستمرة.. روادتني شكوك كثيرة هل ألغي رحلتي أم أذهب ولا أبالي بمرضي.. فذهبت وصليت صلاة الاستخارة ودعوت الله ان كان في سفري خير لي فإني أشفى من المرض أو أن مرضي يستمر حتى يوم الغد وألغي السفر.. ولكن وبحمد الله بدأ المرض في الزوال بشكل سريع وقررت السفر..
موقف عصيب:
ضحكتي ما بينهم وأنا رضيع ** ما تساوي عبرتي يوم الوداع
هكذا قالها أمير شعراء النبط " محمد بن لعبون" ولكن لم أكن أتصور أن تكون لحظات الوداع بهذه الصورة.. نزلت وقد تجهزت للسفر بلباسي الجديد وقد كان موقفي عصيبا للغاية.. كيف سأودع والدي الغاليين.. كيف سأودع اخوتي وأخواتي.. كيف ستكون حالهم بعد ذهابي.. أسئلة كثيرة جالت بخاطري حتى دخلت وجلست بين والدي الغاليين.. بدأنا في شرب قهوة الوداع.. لا أتذكر أني كنت أشتهي شرب تلك القهوة.. ولم أكن أستطيع أن أتحدث.. كيف لي أن أفكر في أي شيء وأنا بعد قليل سأفارقهم.. لقد كانت بحق لحظات عصيبة.. أزف وقت الرحيل فقبلت أيديهما وكان موقفي شديد للغاية.. تغيرت النظرات.. اختفت الابتسامات.. تغير كل شيء.. كان بعض إخوتي يحيطون بي ويحاولون مزج بعض الضحكات علهم يخففون على والدي الغاليين.. ولكن كان الموقف على الوالدين صعب جدا.. رغم تظاهرهم بالابتسامة أحيانا ولكن ما تخفي صدورهم أكبر.. لم أكن أتوقع أن أتأثر لهذه الدرجه.. بل لن أستطيع أن أصف مشاعري وأنا أودع والدي وإخوتي.. لقد كان بعض الصغار مستغربا من لباسي حيث لم يعلم بأني سأسافر ولم أنا ألبس هذا اللبس الغريب عليه.. ولكن شددت على نفسي وخرجت ولحقني بعض الإخوة إما لتصوير الوداع الاخير أو للتوصيات خصوصا عند وصولي وكيف سيتغير علي المكان وقد أفكر في الرجوع ولكن بعد يوم أو يومين سيتغير الواقع.. وهذا ما حصل لي تماما خصوصا في أول يومين..
ركبت السيارة متجها إلى المطار.. كان ذهني شاردا للغاية.. بدأ شريط الذكريات يمر أمامي.. ذكريات قضيتها مع والدي ووالدتي.. كيف سأكون بعد فراقهم؟ كيف ستمر هذه الأيام وأنا بعيد غاية البعد عنهم؟ كيف لقلبيهما الحنونين بعد فراقي؟ بل كيف ستمضي هذه الأيام وأنا في بلد يبعد عمهم مسافة 20 ساعه بالطائرة؟ كيف سيكون يوم الجمعه دون ارتشاف فنجان قهوة معهم؟ كيف سيكون حالهم في المناسبات دون وجودي؟ كيف وكيف؟
دخلت للمطار وبعد الانتهاء من كافة اجراءات السفر.. توجهت إلى البوابة رقم 13 حيث كانت الرحلة رقم cx723 المتوجهه إلى هونق كونق في انتظاري.. وصعدت الطائرة وغادرت الوطن الحبيب لمدة 92 يوما..
أتمنى أن أكون وفقت في عرضي السابق.. وانتظروا أحداث مطار أوكلاند..
إلى اللقاء
أحمد
May 27th, 2009, 02:59 PM