20 فبراير, 2015 - 4:11:54 مساءً
آخر تحديث : 20 فبراير, 2015 - 4:11:54 مساءً
صحيفة مبتعث - علي الغامدي
صحيفة مبتعث _ علي الغامدي
الإبتعاث حرام وإفساد لأخلاق الشباب وتمكين للمرأة وإخراج لها من حيائها ، باختصار …هو (تغريب) !
هذا ما اعتدنا على سماعة أثناء مناقشة قضية الإبتعاث في مجالسنا . وقد كثر المراهنون في بداية الإبتعاث على فشله ، وهي نظرة تفتقر للموضوعية حيث تنظر للمشروع بسطحية تامة ولاتهتم بالتفاصيل. بل إن البعض ذهب بعيدا ليدافع عن هذه الفكرة باستماتة حتى ربطها بالأخلاق بل و تجاوزها ليصل إلى الشرف. وقد سمعنا من يطالب عبثا بتقليل مكافأة المبتعثين ويغضب إذا سمع خبرا بزيادتها مدعيا أن ذلك يسهم في إفساد المبتعثين ويسهل لهم الوصول إلى المحرمات. وفي الحقيقة أن هذا النوع من البشر كمن ينظر إلى النقطة السوداء في الرداء الأبيض.
دعونا ننظر للجانب المشرق من الموضوع ونستشعر أهمية هذه الخطوة التي اتخذها قادة بلادنا حفظهم الله في بناء حضارة أمة . قد يتفق معي الأشخاص الذين يحملون الرأي المعارض للإبتعاث أن العلوم لم تصل إلى أوروبا إلا عن طريق انتقالها من بلاد المسلمين ، لذلك يجب أن ندرك أن العلوم لا تنتقل بين الأمم إلا عن طريق الشباب الذين يهاجرون ويتغربون لطلب العلم ثم يعودون به إلى بلدانهم. ولنأخذ أمثلة من العصر الحديث لدول طبقت هذه التجربة فنهضت من معاقل الفقر والتخلف لتقارع دول العالم الأول وتنافسها في الصناعة والإقتصاد.
أول دولة تتبادر إلى الذهن هي اليابان حيث بنت امبراطوريتها الصناعية العملاقة بعد أن أقسم الإمبراطور الياباني (ميجي) عام 1868 م على أنه سيبحث عن المعرفة ويقتفي أثرها في جميع أنحاء العالم . فبدأ بإرسال وفود من الطلاب اليابانيين إلى أمريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا التي كانت تشهد ثورة صناعية غير مسبوقة في ذلك الزمن. ومد ميجي جسور التعاون العلمي والمعرفي مع تلك الدول لتنقل النهضة الصناعية الغربية إلى بلاده.
ذكر الدكتور عبدالعزيز بن طالب في كتابه ( الدراسة بالخارج) أن النهضة الصناعية واالتكنولوجية في اليابان لم تأت بمحض الصدفة بل مرت بعدة مراحل . فكانت المرحلة الأولى عام (1868م) وهي فترة التخطيط والإعداد للتغيير وذلك بتكثيف أفواج المبتعثين إلى بلاد الغرب. تلتها المرحلة الثانية عام (1884م) : وهي فترة الإنطلاق في التحديث وذلك بمساعدة مؤسسات التعليم بإنشاء مراكز للأبحاث العلمية والتكنولوجيا. ثم المرحلة الثالثة : والتي بدأت عام (1930م) حيث بدأت اليابان تتحول من مرحلة التقليد إلى مرحلة الإنتاج بعد ارتفاع عدد الجامعات من 3 جامعات إلى 46 جامعة يابانية الذي زاد على إثره الإنتاج و انتعش الاقتصاد الياباني بشكل ملحوظ. المرحلة الرابعة بدأت عام (1945 م) وهي فترة مايسمى بإعادة بناء المجتمع الياباني وانطلاق الثورة الصناعية ومنذ ذلك الزمن واليابان من الدول المتصدرة للتصنيع عالميا.
هذا ماحصل أيضا مع كوريا الجنوبية عندما قفزت من كونها واحدة من أفقر دول العالم إلى ثالث دولة صناعية في آسيا بعد اليابان والصين وذلك بعد أن قامت بإرسال آلاف من الطلاب الكوريين إلى دول أوروبا ليكتسبوا منهم العلوم الحديثة. و أختم الأمثلة بالبلد الإسلامي الذي ضرب أمثلة نتعلم منها في التغيير ، فبعد أن بدأ مهاتير محمد خطته المشهورة لتغيير ماليزيا نحو الأفضل وضع الأولوية للتعليم والبحث العلمي وخصص لها أكبر ميزانية في الدولة لأنه كان يؤمن أن العلم هو أساس النهضة فأرسل عشرات الآلاف من الشباب الماليزي إلى بلاد أوروبا وأمريكا وزاد عدد الجامعات من 5 إلى 80 جامعة خلال فترة وجيزة بدأت بعدها خطة التصنيع والإنتاج لتتربع ماليزيا على عرش الدول المصنعة في آسيا.
على هذه الخطى اتخذت المملكة منهجها لبدء مرحلة التطوير والبناء بعد أن بدأ الملك عبدالله رحمه الله برنامج الإبتعاث في نسخته الجديدة عام 1426 هجرية وواصل الملك سلمان حفظه الله الدعم ليكمل المشروع بارسال حوالي 200 ألف مبتعث إلى شتى دول العالم الأول . ينظر المحللون بتفاؤل تجاه هذه الخطوة حيث ستشهد المملكة تغيرا جذريا في السنوات القادمة سيضعها ضمن الدول الأسرع نموا وتطورا في العالم . وضعت الكرة الآن في ملعب المبتعثين ليثبتوا أنهم بحجم المسؤولية ويعودوا بالعلوم النافعة ليساهموا في نهضة بلدهم .
alighamdi2@
صحيفة مبتعث - علي الغامدي
صحيفة مبتعث _ علي الغامدي
الإبتعاث حرام وإفساد لأخلاق الشباب وتمكين للمرأة وإخراج لها من حيائها ، باختصار …هو (تغريب) !
هذا ما اعتدنا على سماعة أثناء مناقشة قضية الإبتعاث في مجالسنا . وقد كثر المراهنون في بداية الإبتعاث على فشله ، وهي نظرة تفتقر للموضوعية حيث تنظر للمشروع بسطحية تامة ولاتهتم بالتفاصيل. بل إن البعض ذهب بعيدا ليدافع عن هذه الفكرة باستماتة حتى ربطها بالأخلاق بل و تجاوزها ليصل إلى الشرف. وقد سمعنا من يطالب عبثا بتقليل مكافأة المبتعثين ويغضب إذا سمع خبرا بزيادتها مدعيا أن ذلك يسهم في إفساد المبتعثين ويسهل لهم الوصول إلى المحرمات. وفي الحقيقة أن هذا النوع من البشر كمن ينظر إلى النقطة السوداء في الرداء الأبيض.
دعونا ننظر للجانب المشرق من الموضوع ونستشعر أهمية هذه الخطوة التي اتخذها قادة بلادنا حفظهم الله في بناء حضارة أمة . قد يتفق معي الأشخاص الذين يحملون الرأي المعارض للإبتعاث أن العلوم لم تصل إلى أوروبا إلا عن طريق انتقالها من بلاد المسلمين ، لذلك يجب أن ندرك أن العلوم لا تنتقل بين الأمم إلا عن طريق الشباب الذين يهاجرون ويتغربون لطلب العلم ثم يعودون به إلى بلدانهم. ولنأخذ أمثلة من العصر الحديث لدول طبقت هذه التجربة فنهضت من معاقل الفقر والتخلف لتقارع دول العالم الأول وتنافسها في الصناعة والإقتصاد.
أول دولة تتبادر إلى الذهن هي اليابان حيث بنت امبراطوريتها الصناعية العملاقة بعد أن أقسم الإمبراطور الياباني (ميجي) عام 1868 م على أنه سيبحث عن المعرفة ويقتفي أثرها في جميع أنحاء العالم . فبدأ بإرسال وفود من الطلاب اليابانيين إلى أمريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا التي كانت تشهد ثورة صناعية غير مسبوقة في ذلك الزمن. ومد ميجي جسور التعاون العلمي والمعرفي مع تلك الدول لتنقل النهضة الصناعية الغربية إلى بلاده.
ذكر الدكتور عبدالعزيز بن طالب في كتابه ( الدراسة بالخارج) أن النهضة الصناعية واالتكنولوجية في اليابان لم تأت بمحض الصدفة بل مرت بعدة مراحل . فكانت المرحلة الأولى عام (1868م) وهي فترة التخطيط والإعداد للتغيير وذلك بتكثيف أفواج المبتعثين إلى بلاد الغرب. تلتها المرحلة الثانية عام (1884م) : وهي فترة الإنطلاق في التحديث وذلك بمساعدة مؤسسات التعليم بإنشاء مراكز للأبحاث العلمية والتكنولوجيا. ثم المرحلة الثالثة : والتي بدأت عام (1930م) حيث بدأت اليابان تتحول من مرحلة التقليد إلى مرحلة الإنتاج بعد ارتفاع عدد الجامعات من 3 جامعات إلى 46 جامعة يابانية الذي زاد على إثره الإنتاج و انتعش الاقتصاد الياباني بشكل ملحوظ. المرحلة الرابعة بدأت عام (1945 م) وهي فترة مايسمى بإعادة بناء المجتمع الياباني وانطلاق الثورة الصناعية ومنذ ذلك الزمن واليابان من الدول المتصدرة للتصنيع عالميا.
هذا ماحصل أيضا مع كوريا الجنوبية عندما قفزت من كونها واحدة من أفقر دول العالم إلى ثالث دولة صناعية في آسيا بعد اليابان والصين وذلك بعد أن قامت بإرسال آلاف من الطلاب الكوريين إلى دول أوروبا ليكتسبوا منهم العلوم الحديثة. و أختم الأمثلة بالبلد الإسلامي الذي ضرب أمثلة نتعلم منها في التغيير ، فبعد أن بدأ مهاتير محمد خطته المشهورة لتغيير ماليزيا نحو الأفضل وضع الأولوية للتعليم والبحث العلمي وخصص لها أكبر ميزانية في الدولة لأنه كان يؤمن أن العلم هو أساس النهضة فأرسل عشرات الآلاف من الشباب الماليزي إلى بلاد أوروبا وأمريكا وزاد عدد الجامعات من 5 إلى 80 جامعة خلال فترة وجيزة بدأت بعدها خطة التصنيع والإنتاج لتتربع ماليزيا على عرش الدول المصنعة في آسيا.
على هذه الخطى اتخذت المملكة منهجها لبدء مرحلة التطوير والبناء بعد أن بدأ الملك عبدالله رحمه الله برنامج الإبتعاث في نسخته الجديدة عام 1426 هجرية وواصل الملك سلمان حفظه الله الدعم ليكمل المشروع بارسال حوالي 200 ألف مبتعث إلى شتى دول العالم الأول . ينظر المحللون بتفاؤل تجاه هذه الخطوة حيث ستشهد المملكة تغيرا جذريا في السنوات القادمة سيضعها ضمن الدول الأسرع نموا وتطورا في العالم . وضعت الكرة الآن في ملعب المبتعثين ليثبتوا أنهم بحجم المسؤولية ويعودوا بالعلوم النافعة ليساهموا في نهضة بلدهم .
alighamdi2@