صحيفة مبتعث - مهرة الصيعري
” ايش خططكم تسووا بعد ما تتخرجوا؟”
سؤال معلمة اللغة العربية وقد بدى مثيرا بالنسبةِ لي وكنت حينها في الصف الأول ثانوي في عام 2004
أجبتها أريد أن أكمل دراستي في الخارج.. ضحكت ضحكة علا صداها الفصل وقالت: ” احلمي شوي شوي ثم أردفت قائلة: ” ماراح تروحي” أو جمله شبيهه بهذا المعنى.. ولكني أجبتها بثقة العزم سأذهب باذن الله
انتهى المشهد الذي نراه في أغلب مدارسنا إلا ما رحم ربي..
ولست هنا بصدد الحديث عن الأحاديث الناقصة والعقول المهترئة التي تسخر من الأحلام وتقزّمها ولكني بصدد الحديث عن رحلتي مع الحلم
الحلم الذي يجعل للحياة معنى وللأوقات قيمة
الحلم الذي يُحفزنا لنسخر من عقبات الدنيا ويزودنا بالوقود لتخطيها
الحلم باختصار هو إكسير الحياة
أنهيت الثانوية العامة بإمتياز ومازال الحلم عالقا في ذهني
أريد أن أكمل دراستي في الخارج
أريد أن أحظى بفرصة التعلم في بيئة تجعل منك انسان لا تكف عن السؤال والفضول للاستكشاف
أريد أن أعيش تفاصيل يومي ملوّنا كما كنت أراه وأتخيله حين أشاهد مقاطع فيديو تحفيزية
أريد أن أكون مسؤولة مسؤولية تامة عن اختياراتي
أريد أن أتحدث مع معلمتي عن أحلامي لتجيبني yes, you can
وأريد أن أعيش ذلك التناغم العرقي الذي كنت أراه في الأفلام الأمريكية
ومن هنا وقع اختياري على أمريكا كونها بلد الفرص كما يسمونها
وعشت أخطط تفاصيل حلمي بشغف وبحب وبخوف
نعم خوف من الظروف والعقبات والعقليات التي ستسقبل الخبر
كيف لي باقناع المجتمع
كيف لي أن أؤثر ولا أتأثر
وكيف لي أن أسخّر ظروف من حولي حتى يكون لدي مرافق يرافنقي طيلة فترة ابتعاثي .. كونه أحد شروط الابتعاث للطالبة
صعب جدا ان تُعلّق أحلامك على شخص آخر لان ذلك معناه ان تكون أحلامك هي ملكك مع وقف التفيذ
سعيت وسعيت وحاولت واجتهدت ولكن لم تكن الظروف تسمح لأحد أفراد أسرتي مرافقتي
فقررت حينها أن أتقدم لجامعة الملك فيصل بالأحساء وأتخصص لغة إنجليزية
لعلها رغبتي في الشعور بأني لم أفقد حلمي جملةً واحدة
فقد تم الاقتراح علي من قبل منسوبات الجامعة ومن أجرت مقابلة معي بأن أتخصص تربية خاصة كونه تخصص جديد ومطلوب
وكانت نسبتي تؤهلني لدخوله
ولكنني أصريت على أن أكمل ما بدأته
وفعلا تم دخول جميع المرشحات لاختبار اللغة الانجليزية وكنت من ضمنهم
أذكر ان الإختبار لم يكن سهلا مقارنة بمستوى تدريس اللغة الإنجليزية في مدارسنا ولكني اجتزت الإختبار بفضل من الله ثم بجهد سنين طويلة من البحث في أغلب معاجم اللغة
ومن تعليقي للصور على باب غرفتي ومتابعة القاموس الناطق لكيفية نطق هذه الكلمة وتلك
وبالفعل تم قبولي في تخصص اللغة الإنجليزية
ولكنني أستقبلت الخبر وكأنه أداء واجب لا أكثر
كانت فرحتي ناقصة
كيف لي أن لا ألتحق بقافلة المبتعثات
وأنا متفوقة!
وبأي ذنب يتم حرمان الطالبة الطموحة حقها في أخذ الفرصة!
وكيف لي مجابهة ظروف ليس لي حيلة في مواجهتها وتسخير ظروف من هم حولي حتى أتم شرط المرافق!
بدأ الفصل الدراسي الأول ودخلت أول محاضرة لي
كان شعور مُتِعب أن تتحمل وزر ظروف غيرك وعدم مقدرتهم على مرافقتك لتحقيق أحلامك ومع ذلك
تميزت
أنجزت
تفوقت
ولكني كنت أشعر ان هناك شيئا ما ينقصني
وكنت أًحدث نفسي في كل محاضرة أحضرها للغة الانجليزية
مكاني ليس هنا .. مكاني ليس هنا
وبالفعل ما تُحدّث به نفسك سيتحقق ولو بعد حين
في السنة الثالثة الجامعية لي
اتصلت بي احدى صديقاتي وقالت:
“مهرة إلحقي الهيئة العامة للسياحة والآثار طرحت قرابة 200 مقعد للطالبات”
أذكر أنني لم أستطع النوم في تلك الليلة
بحثت في جميع الشروط وكانت تنطيق عليّ
الا شرطا واحدا بقيت أتأمله “وجود مرافق”
ترى هل سأستطيع إيجاد مرافق لي؟
وكيف ؟
ومتى؟
امتلأ رأسي بهذه الأسئلة ولكن بقت روحي مليئة بالأمل والتفاؤل الذي استقبلت به صباح اليوم التالي
والذي تغيّبت فيه عن جميع محاضراتي وجلست أمام شاشة الكمبيوتر والسكانر لأقوم بتحميل جميع المستندات المطلوبة للتقديم على البعثة
كان جسدي في الجامعة حينها ولكن روحي تُحلق في السماء في محاولة جادة مني لمطاردة حلمي واقتناصه هذه المرة
ظهرت النتائج بعد قرابة شهرين كاملين
فكانت الفاجعة لأهلي وأنا أخبرهم النتيجة وكان اسمي من ضمن المقدمات على الابتعاث لمرحلة الباكلوريوس
أتذكر غضب أمي حينها وتعجب أفراد أسرتي
كيف تقدمي على البعثة لمرحلة الباكلوريوس وأنتي لم يتبقى لك سوا سنة واحدة وتنهين درجتها
كنت أجيبهم هل ستضمنون ان أحظى بهذه الفرصة لمرحلة الماجستير؟
فكانوا يصمتون او يتمتمون لم لا..
ولكني تجاهلت كل شئ وبقى تركيزي على فرصة البعثة
تحدثت مع أخي وعن رغبتي الملحة في الدراسة
تلون وجهه أظنه كان يُفكر في ظروفه ومسؤولياته الأسرية والتزاماته العملية ولكنه قال لي وهو ثابتا على رأيه
باذن الله سيتحقق حلمك وسأرافقك مهما كلفني الأمر
بكيت فرحا
وامتنانا لأخي الذي كلّفه حلمي الكثير أيضا
ومن هذه اللحظه كان علي أن أستعد استعداد المحارب لجميع التعليقات الساخرة والناقدة والحاقدة على قرار بعثتي
تماسكت ووقفت وقوف الأسد في غابة لم تكن تدرك سوى المخاطر لهذا القرار
ولكني كنت أرى الوجه الآخر لهذه المغامرة
ولم أأبه للثلاث سنوات التي قضيتها في تخصص اللغة الانجليزية ولم يتبقَ سوى سنة واحدة لاتمامها
أنهيت هذه السنوات الثلاث بتفوق
ولكني لم أبالي سوى بحلمي وكنت مستعدة لدفع تكاليف ثمنه الباهض مادام أن أخي أعلن مؤازرته لي
للحديث بقية..
وقفة
حاول أن تقزّم تعلقك بأي شيء في هذه الدنيا.. إلا أحلامك وطموحاتك.. اجعلها عملاقة بكل ما أوتيت من قوة
صحيفة مبتعث - مهرة الصيعري
” ايش خططكم تسووا بعد ما تتخرجوا؟”
سؤال معلمة اللغة العربية وقد بدى مثيرا بالنسبةِ لي وكنت حينها في الصف الأول ثانوي في عام 2004
أجبتها أريد أن أكمل دراستي في الخارج.. ضحكت ضحكة علا صداها الفصل وقالت: ” احلمي شوي شوي ثم أردفت قائلة: ” ماراح تروحي” أو جمله شبيهه بهذا المعنى.. ولكني أجبتها بثقة العزم سأذهب باذن الله
انتهى المشهد الذي نراه في أغلب مدارسنا إلا ما رحم ربي..
ولست هنا بصدد الحديث عن الأحاديث الناقصة والعقول المهترئة التي تسخر من الأحلام وتقزّمها ولكني بصدد الحديث عن رحلتي مع الحلم
الحلم الذي يجعل للحياة معنى وللأوقات قيمة
الحلم الذي يُحفزنا لنسخر من عقبات الدنيا ويزودنا بالوقود لتخطيها
الحلم باختصار هو إكسير الحياة
أنهيت الثانوية العامة بإمتياز ومازال الحلم عالقا في ذهني
أريد أن أكمل دراستي في الخارج
أريد أن أحظى بفرصة التعلم في بيئة تجعل منك انسان لا تكف عن السؤال والفضول للاستكشاف
أريد أن أعيش تفاصيل يومي ملوّنا كما كنت أراه وأتخيله حين أشاهد مقاطع فيديو تحفيزية
أريد أن أكون مسؤولة مسؤولية تامة عن اختياراتي
أريد أن أتحدث مع معلمتي عن أحلامي لتجيبني yes, you can
وأريد أن أعيش ذلك التناغم العرقي الذي كنت أراه في الأفلام الأمريكية
ومن هنا وقع اختياري على أمريكا كونها بلد الفرص كما يسمونها
وعشت أخطط تفاصيل حلمي بشغف وبحب وبخوف
نعم خوف من الظروف والعقبات والعقليات التي ستسقبل الخبر
كيف لي باقناع المجتمع
كيف لي أن أؤثر ولا أتأثر
وكيف لي أن أسخّر ظروف من حولي حتى يكون لدي مرافق يرافنقي طيلة فترة ابتعاثي .. كونه أحد شروط الابتعاث للطالبة
صعب جدا ان تُعلّق أحلامك على شخص آخر لان ذلك معناه ان تكون أحلامك هي ملكك مع وقف التفيذ
سعيت وسعيت وحاولت واجتهدت ولكن لم تكن الظروف تسمح لأحد أفراد أسرتي مرافقتي
فقررت حينها أن أتقدم لجامعة الملك فيصل بالأحساء وأتخصص لغة إنجليزية
لعلها رغبتي في الشعور بأني لم أفقد حلمي جملةً واحدة
فقد تم الاقتراح علي من قبل منسوبات الجامعة ومن أجرت مقابلة معي بأن أتخصص تربية خاصة كونه تخصص جديد ومطلوب
وكانت نسبتي تؤهلني لدخوله
ولكنني أصريت على أن أكمل ما بدأته
وفعلا تم دخول جميع المرشحات لاختبار اللغة الانجليزية وكنت من ضمنهم
أذكر ان الإختبار لم يكن سهلا مقارنة بمستوى تدريس اللغة الإنجليزية في مدارسنا ولكني اجتزت الإختبار بفضل من الله ثم بجهد سنين طويلة من البحث في أغلب معاجم اللغة
ومن تعليقي للصور على باب غرفتي ومتابعة القاموس الناطق لكيفية نطق هذه الكلمة وتلك
وبالفعل تم قبولي في تخصص اللغة الإنجليزية
ولكنني أستقبلت الخبر وكأنه أداء واجب لا أكثر
كانت فرحتي ناقصة
كيف لي أن لا ألتحق بقافلة المبتعثات
وأنا متفوقة!
وبأي ذنب يتم حرمان الطالبة الطموحة حقها في أخذ الفرصة!
وكيف لي مجابهة ظروف ليس لي حيلة في مواجهتها وتسخير ظروف من هم حولي حتى أتم شرط المرافق!
بدأ الفصل الدراسي الأول ودخلت أول محاضرة لي
كان شعور مُتِعب أن تتحمل وزر ظروف غيرك وعدم مقدرتهم على مرافقتك لتحقيق أحلامك ومع ذلك
تميزت
أنجزت
تفوقت
ولكني كنت أشعر ان هناك شيئا ما ينقصني
وكنت أًحدث نفسي في كل محاضرة أحضرها للغة الانجليزية
مكاني ليس هنا .. مكاني ليس هنا
وبالفعل ما تُحدّث به نفسك سيتحقق ولو بعد حين
في السنة الثالثة الجامعية لي
اتصلت بي احدى صديقاتي وقالت:
“مهرة إلحقي الهيئة العامة للسياحة والآثار طرحت قرابة 200 مقعد للطالبات”
أذكر أنني لم أستطع النوم في تلك الليلة
بحثت في جميع الشروط وكانت تنطيق عليّ
الا شرطا واحدا بقيت أتأمله “وجود مرافق”
ترى هل سأستطيع إيجاد مرافق لي؟
وكيف ؟
ومتى؟
امتلأ رأسي بهذه الأسئلة ولكن بقت روحي مليئة بالأمل والتفاؤل الذي استقبلت به صباح اليوم التالي
والذي تغيّبت فيه عن جميع محاضراتي وجلست أمام شاشة الكمبيوتر والسكانر لأقوم بتحميل جميع المستندات المطلوبة للتقديم على البعثة
كان جسدي في الجامعة حينها ولكن روحي تُحلق في السماء في محاولة جادة مني لمطاردة حلمي واقتناصه هذه المرة
ظهرت النتائج بعد قرابة شهرين كاملين
فكانت الفاجعة لأهلي وأنا أخبرهم النتيجة وكان اسمي من ضمن المقدمات على الابتعاث لمرحلة الباكلوريوس
أتذكر غضب أمي حينها وتعجب أفراد أسرتي
كيف تقدمي على البعثة لمرحلة الباكلوريوس وأنتي لم يتبقى لك سوا سنة واحدة وتنهين درجتها
كنت أجيبهم هل ستضمنون ان أحظى بهذه الفرصة لمرحلة الماجستير؟
فكانوا يصمتون او يتمتمون لم لا..
ولكني تجاهلت كل شئ وبقى تركيزي على فرصة البعثة
تحدثت مع أخي وعن رغبتي الملحة في الدراسة
تلون وجهه أظنه كان يُفكر في ظروفه ومسؤولياته الأسرية والتزاماته العملية ولكنه قال لي وهو ثابتا على رأيه
باذن الله سيتحقق حلمك وسأرافقك مهما كلفني الأمر
بكيت فرحا
وامتنانا لأخي الذي كلّفه حلمي الكثير أيضا
ومن هذه اللحظه كان علي أن أستعد استعداد المحارب لجميع التعليقات الساخرة والناقدة والحاقدة على قرار بعثتي
تماسكت ووقفت وقوف الأسد في غابة لم تكن تدرك سوى المخاطر لهذا القرار
ولكني كنت أرى الوجه الآخر لهذه المغامرة
ولم أأبه للثلاث سنوات التي قضيتها في تخصص اللغة الانجليزية ولم يتبقَ سوى سنة واحدة لاتمامها
أنهيت هذه السنوات الثلاث بتفوق
ولكني لم أبالي سوى بحلمي وكنت مستعدة لدفع تكاليف ثمنه الباهض مادام أن أخي أعلن مؤازرته لي
للحديث بقية..
وقفة
حاول أن تقزّم تعلقك بأي شيء في هذه الدنيا.. إلا أحلامك وطموحاتك.. اجعلها عملاقة بكل ما أوتيت من قوة