الأعضاء الإشتراك و التسجيل

    التسجيل و الدخول عبر

نسيت كلمه المرور
الأقسام
ADs

تابعنا :



لندن …ودرس في المواصلات

9 أبريل, 2016 - 7:38:52 صباحًا آخر تحديث : 10 أبريل, 2016 - 12:57:21 مساءً

صحيفة مبتعث - علي الغامدي

كنت دائماً أتساءل كيف استطاعت لندن أن توفِق بين جذب ملايين السياح إضافة إلى الملايين الأخرى من سكانها وبين تقليل الإختناقات المرورية في نفس الوقت ؟ فلندن كما هو معلوم مأهولة بالسكان منذ أكثر من ٢٠٠٠ عام  و تحتوي على ٤٣ جامعة ومعهد للتعليم العالي. يبلغ عدد سكانها حوالي ٩ مليون نسمة ويزيد هذا العدد في مواسم الذروة ليصل إلى ١٣ مليون نسمة في الإجازات لكثرة الزوار من الخارج. ولكن عندما تفكر في عدد سكان لندن في هذه اللحظة فيجب أن تدرك أن جزء كبير من هؤلاء السكان يعيشون تحت الأرض وبالتحديد في قطارات الأنفاق فهي مدينة عملاقة تحت مدينة لندن. على عكس كثير من عواصم العالم ولا سيما العواصم العربية التي تكتظ بالزحام و الاختناقات المرورية والتي قد يحتاج فيها السائق إلى ساعة كاملة لقطع مسافة ٢ كيلومتر نجد شوارع وسط لندن رغم ضيق مساحتها تسير بسلاسة و انسيابية تامة. هناك إدارة ذكية فريدة من نوعها في لندن ليست وليدة اليوم بل هي تراكمات أعمال جبارة خلال عشرات السنين تثبت أن بريطانيا فعلاً دولة “عظمى” تفوقت على الكثير من عواصم العالم ولكن كيف فعلوا ذلك ؟ قامت لندن بتقليل فرص التنقل الفردي بالسيارة بتضييق الخناق على استخدام هذا الخيار وتوفير بدائل أخرى أكثر راحة وأقل سعراً وأسرع في التنقل وذلك عن طريق المواصلات العامة. فهناك منطقة مركزية وسط لندن نصف قطرها حوالي ٥ ميل يُلزم من يدخل هذه المنطقة مستخدماً سيارته الخاصة بدفع رسم مالي يقدر ب ١١.٥  جنيه استرليني يومياً وعند عدم الإلتزام بالدفع سيضطر السائق لدفع مخالفات مضاعفة. كما أن بلدية لندن لا تشجع استخدام السيارة في تلك المنطقة وذلك بعدم توفير مساحات كافية لمواقف السيارات أو تخصيص مجمعات مواقف بأسعار باهظة داخل تلك المنطقة وأرخص بكثير خارجها فيضطر السائق إلى ركنها خارج هذه المنطقة واستخدام المواصلات العامة. كما توفر لندن خيارات أسرع وأسهل في التنقل فهي تملتلك أقدم وثاني أطول شبكة مترو أنفاق في العالم ب ٢٧٠ محطة موزعة تحت أرض لندن تسيّر ٣ مليون رحلة بين محطاتها يومياً. وذلك بمساعدة ٨٥٠٠ حافلة تتوقف في ١٩٥٠٠ محطة توقف والتي تعمل على مدار ٢٤ ساعة. وبين كل رحلة وأخرى وقت انتظار لا يزيد عن ٥ دقائق وهناك خرائط سهلة الإستخدام تمكنك من الوصل إلى أهم الأماكن خلال بضع دقائق. كما تجذب أسعار تذاكر المواصلات الرخيصة المواطنين والسياح إلى التوجه لهذا الخيار فيمكنك الحصول على تذكرة أسبوعية بسعر ٢١ جنيه استرليني تشمل إستخدامات متعددة وغير محدودة في الحافلة والقطار معاً مقارنة بمواقف قد تكلفك حوالي ٣٧ جنيه يومياً في نفس المنطقة. أغلب الأماكن السياحية تبعد مسافة قليلة سيرا على الأقدام داخل محيط هذه المنطقة فالسائح قد يزورها جميعاً سيراً على الأقدام أو باستخدام الحافلة دون الحاجة للسيارة كما أن ثقافة الشعب في استخدام المواصلات العامة لتوفير الوقت والمال ساعدت في نجاح هذه الخطط. وأخيراً يجب أن نعلم أن الإدارة الذكية هي مطلب أساسي لتصريف الإختناقات المرورية في بلادنا بل والإستفادة منها اقتصادياً إذا قدمت خيارات التنقل باسخدام المواصلات العامة.

  • لا يوجد تعليقات

علي الغامدي

كاتب

باحث دكتوراه , متخصص بعلم الأعصاب. جامعة يورك مهتم بالبحث عن أخر الدراسات وتفسير الظواهر المحيطة بنا بشكل علمي.

التعليق

عفواً, للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول أولاً. إذا كنت لا تملك عضوية, يمكن الإشترك بالنقر هنا إنشاء عضوية

تسجيل عبر
ADs