الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

حديث اليوم...

حديث اليوم...


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 5959 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. الصورة الرمزية Amin
    Amin

    المدير العام

    Amin الولايات المتحدة الأمريكية

    Amin , ذكر. المدير العام. من السعودية , مبتعث فى الولايات المتحدة الأمريكية , تخصصى CS , بجامعة KSU
    • KSU
    • CS
    • ذكر
    • KENT, OH
    • السعودية
    • Dec 2005
    المزيدl

    September 1st, 2008, 09:28 PM

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة وأتم التسليم.
    في هذا البرنامج اليومي سوف نجتهد في طرح حديث في كل يوم بشروحة للفائدة العامة و زيادةً للمعرفة فجزا الله من ساهم في هذا الموضوع ومن داوم المرور عليه والإستفادة منه.
  2. الحديث الأول:

    ‏حدثني ‏ ‏يحيى ‏ ‏عن ‏ ‏مالك ‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن عمر أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ذكر رمضان فقال: ‏ ‏لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن ‏ ‏غم ‏ ‏عليكم فاقدروا له.

    [LINE]hr[/LINE]
    شرح موطأ مالك

    ( ش ) : قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان ذكر بعض الناس أنه لا يقال جاء رمضان ولا دخل رمضان , وإنما يقال جاء شهر رمضان وروي في ذلك الحديث عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقولوا جاء رمضان وقولوا جاء شهر رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه رأيت القاضي أبا الطيب الطبري قال يقال صمت رمضان ; لأن المعنى معروف فإذا وصف بالمجيء لا يقال جاء رمضان حتى يقال جاء شهر رمضان للإشكال فيه قال القاضي أبو الوليد والصواب أن ذلك جائز فقد روي ذلك من غير ما طريق صحيح , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين . ‏
    ( مسألة ) إذا ثبت ذلك فأول ما فرض من الصيام صوم يوم عاشوراء فلما فرض رمضان نسخ وجوبه فمن شاء صامه ومن شاء أفطره . ‏
    ( فصل ) قوله صلى الله عليه وسلم لا تصوموا حتى تروا الهلال يقتضي منع الصوم في آخر شعبان قبل رؤية هلال رمضان والمراد به منع ذلك على معنى التلقي لرمضان أو الاحتياط , وأما صيام يوم الشك وغيره من شعبان على غير هذا الوجه لمن كان في صوم متتابع أو لمن ابتدأ التنفل فيه فلا بأس به وذهب بعضهم إلى أنه لا يصح صوم يوم الشك بوجه والدليل على صحة ذلك ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يتقدمن أحدكم رمضان بيوم أو يومين إلا أن يكون رجل يصوم صومه فليصم ذلك اليوم . ‏
    ( مسألة ) ولا بأس أن يصام يوم الشك ابتداء , وقال محمد بن مسلمة لا يصومه إلا من كان يسرد الصيام وبه قال الشافعي والدليل على ذلك أن هذا يوم من شعبان فجاز أن يبتدأ بصومه نفلا كالذي قبله . ‏
    ( فصل ) وقوله صلى الله عليه وسلم حتى تروا الهلال الرؤية تكون عامة وخاصة فأما العامة فهي أن يرى الهلال الجم الغفير والعدد الكثير حتى يقع بذلك العلم الضروري فهذا لا خلاف في وجوب الصوم والفطر به لمن رآه ومن لم يره . ‏
    ( فرع ) وهذا يخرج عن حكم الشهادة إلى حكم الخبر المستفيض , وذلك مثل أن تكون القرية الكبيرة يرى أهلها الهلال فيراه منهم الرجال والنساء والعبيد ممن لا يمكن منهم التواطؤ على باطل فقد قال محمد بن الحكم : في مثل هذا لا يحتاج إلى شهادة ولا تعديل ويلزم الناس الصوم بذلك من باب استفاضة الإخبار لا من باب الشهادات , وأما الرؤية الخاصة فهي أن يراه العدد اليسير , وذلك على ضربين : أحدهما أن تكون السماء مغيمة , والثاني أن تكون صاحية فإن كانت مغيمة فلا خلاف أنه يجوز فيها شهادة رجلين من أهل العدل , وإن كانت صاحية ثبت ذلك بشهادتهما عند مالك , وقال أبو حنيفة : لا يثبت بشهادتهما , وبه قال سحنون , والدليل على ما نقوله أن هذا معنى يثبت به رؤية الهلال إذا كانت السماء مغيمة فوجب أن يثبت به , وإن كانت صاحية كالرؤية العامة . ‏
    ( مسألة ) ولا يثبت هلال رمضان بشهادة شاهد واحد خلافا لأبي حنيفة والشافعي , والدليل على ما نقوله أن هذه شهادة على هلال فلم يقبل فيها أقل من اثنين أصل ذلك الشهادة على هلال شوال وذي الحجة . ‏
    ( فرع ) ولو شهد شاهد على هلال رمضان وشهد آخر على هلال شوال فقد روي عن يحيى بن عمر أنه قال لا تقبل شهادتهما . قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه ومعنى ذلك عندي أن الشاهد على هلال شوال لو رآه بعد ثلاثين يوما من رؤية الثاني لم يفطر بشهادتهما حتى يكمل رمضان ثلاثين يوما بعد إكمال شعبان ثلاثين يوما ; لأن شهادة الثاني لا تصحح شهادة الأول ; لأنه يحتمل أن لا يكون الأول رأى شيئا ورأى الثاني هلال شوال لتسع وعشرين خلت من رمضان . وأما إذا رأى الثاني هلال شوال بعد تسعة وعشرين يوما من رؤية الأول هلال رمضان فإنه يجب أن يفطر بشهادتهما ; لأن شهادة الثاني تصحح شهادة الأول على كل حال ; لأنه محال أن يصدق الثاني ولا يصدق الأول , فيجب تأمل هذا , والله أعلم وأحكم . وروى ابن نافع عن مالك في المجموعة في شاهدين شهدا على هلال شعبان فعد لذلك ثلاثون يوما والسماء صاحية فلا يرى قال هذان شهداء سوء وهذا يدل على أن الحكم واحد ولو كانا حكمين لما كان في ذلك تكذيب للشاهدين وبالله التوفيق . ويحتمل ما قاله يحيى بن عمر وجها آخر وهو أن الحاكم لما شهد عنده شاهد واحد ولم يقض به ردت شهادته ولذلك لم يضف إليه الذي شهد على هلال شوال , وقد قال ابن القاسم فيمن رأى هلال رمضان وحده : إن الإمام يرد شهادته , ومعنى ذلك على ما قدمناه أنه لا يحكم بها فإما أن يبطلها حتى يمنع من أن يضيف شهادة غيره إليها فلا . ‏
    ( مسألة ) إذا ثبت أنه لا يصام بشهادة واحد ولا يفطر بها فإنه يصام ويفطر بشهادة شاهدين من صفتهما أن يكونا عدلين فإن لم يكونا من أهل العدالة ولا يعرفان بسفه ففي المجموعة من رواية ابن القاسم عن مالك لا يصام بشهادتهما ولا يفطر قال أشهب ولو كان أحدهما عدلا وكان في أحدهما بقية , وإن كان صالحا لم يصم لشهادتهما ولم يفطر , ووجه ذلك أن هذه شهادة فاعتبر فيها صفات العدالة كسائر الشهادات . ‏
    ( فرع ) فإن شهد شاهدان لم يعرفا بعدالة ولا غيرها واحتاج القاضي إلى أن يكشف عن حالهما , وذلك يتأخر فقد قال محمد بن عبد الحكم : ليس على الناس صيام ذلك اليوم فإن زكوا بعد ذلك وأمر الناس بالصيام فلا شيء عليهم في الفطر . ‏
    ( فرع ) , وإذا ثبت رؤية الهلال عند الإمام وحكم بذلك وأمر بالصيام ونقل ذلك إليك عنه العدل ونقل إليك عن بلد آخر فقد قال أحمد بن ميسر الإسكندراني يلزمك الصوم من باب قبول خبر الواحد العدل لا من باب الشهادة قال الشيخ أبو محمد كما أن الرجل ينقل إلى أهله وابنته البكر مثل ذلك فيلزمهم تبييت الصيام . قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه : ومعنى هذا عندي أن الصوم يكون ثبوته بطريقتين : أحدهما الخبر , والثاني الشهادة فأما طريقة الخبر فإذا عم الناس رؤيته فمن أخبره العدل عن هذه الرؤية لزمه الصيام ويجري ذلك مجرى طلوع الفجر وزوال الشمس وغروب الشمس في وجوب الصلاة ووجوب الإمساك للصوم والفطر عند انقضاء الصوم بالغروب , والطريق الثاني الشهادة , وذلك إذا قل عدد الرائين له فإنه يثبت من طريق الشهادة فيعتبر فيه من صفات الشهود وعددهم واختصاص ثبوته بالحكام ما يعتبر في سائر الشهادات , ووجه ذلك اختلاف الناس في رؤيته وأن اختصاص بعض الناس برؤيته دون بعض لدقته وبعده واشتباه مطالعه أمر شائع ذائع فلما كان هذا المعنى شائعا فيه وكان ما هذه سبيله لا يثبت إلا من طريق الشهادة لم يخل من إحدى حالتين إما أن يبطل صوم كثير من أول شهر رمضان , وذلك ممنوع لوجوب صومه أو يثبت ذلك من طريق الشهادة لتعذر الخبر المتواتر فيه والإجماع على رؤيته , ويخالف هذا طلوع الفجر وغروب الشمس للصلاة ; لأن الوقت للصلاة واسع فإن لم يثبت أوله ولم يتيقنه بعض الناس تيقن ما بعده لم يفته وقت الصلاة ووقت الصوم يلزم استيعابه بالعبادة فإن لم يشرع فيه من أوله فات صومه ولا يلزم على هذا طلوع الفجر من يوم الصوم ; لأن النية والإمساك يجوز تقديمهما قبل الفجر فيمكن استيعاب الوقت بالصوم مع عدم تيقن أول الوقت ولا يجوز تقديم النية للصوم قبل تيقن دخول الشهر فلذلك جاز أن يثبت بالشهادة فإذا ثبت عند الحاكم بشهادة شاهدين للعلة التي تقدم ذكرنا لها وحكم بالصوم جاز أن ينتقل عنه لخبر الواحد ليمكن انتقاله عنه ; لأننا قد بينا أنه إنما ينتقل للشهادة لتعذر الرؤية وهي وجه ثبوته فإذا ثبتت الرؤية وأمكن أن يشيع عمن ثبتت عنده رجعت إلى حكم الخبر . ‏
    ( مسألة ) وإذا رأى أهل البصرة هلال رمضان , ثم بلغ ذلك أهل الكوفة والمدينة واليمن فالذي رواه ابن القاسم وابن وهب عن مالك في المجموعة لزمهم الصيام أو القضاء إن فات الأداء , وروى القاضي أبو إسحاق عن ابن الماجشون أنه إن كان ثبت بالبصرة بأمر شائع ذائع يستغني عن الشهرة والتعديل فإنه يلزم غيرهم من أهل البلاد القضاء , وإن كان إنما ثبت عندهم بشهادة شاهدين عدلين لم يلزم ذلك من البلاد إلا من كان يلزمه حكم ذلك الحاكم ممن هو في ولايته , أو يكون ذلك يثبت عند أمير المؤمنين فيلزم القضاء جماعة المسلمين قال وهذا قول مالك وجه الرواية الأولى أنه لما ثبت عند الحاكم انتقل إلى الخبر الذي هو أصل ثبوته لتمكن أخذ ذلك عنه فوجب أن يستوي حكم ما ينقل عن الحاكم ثبوته وما عمت رؤيته ; لأنهما قد عادا إلى حكم الخبر , ووجه الرواية الثانية أنه حكم من الحاكم فلا يلزم إلا من تناله ولايته ويلزمه حكمه . ‏
    ( مسألة ) ومن كان بموضع ليس فيه حاكم يتفقد أمر الناس في الصوم أو كان ممن يضيع ذلك فقد قال عبد الملك : ينبغي أن يراعي ذلك ويتفقده بمن يثبت ذلك عنده برؤية نفسه أو برؤية من يثق به فيصوم بذلك ويفطر ويحمل عليه من يقتدي به وجه ذلك أن ثبوته عند الحاكم لما تعذر لعدمه أو لتفريطه رجع إلى أصله في ثبوته بالخبر وبالله التوفيق . ‏
    ( فصل ) وقوله ولا تفطروا حتى تروه يريد تروا هلال شوال واتفق مالك وأبو حنيفة والشافعي على أنه لا يقبل في هلال شوال أقل من شاهدين , وقال أبو ثور يقبل في ذلك الواحد , والدليل على صحة ما ذهب إليه الجمهور أن هذه شهادة فلم يقبل فيها أقل من اثنين أصل ذلك سائر الحقوق . ‏
    ( فصل ) وقوله فإن غم عليكم فاقدروا له يريد منعكم من رؤيته سحاب أو غيره من قولهم غممت الشيء إذا سترته فاقدروا له يريد قدروا للشهر وتقديره إتمام الشهر الذي أنت فيه ثلاثين ; لأن الشهر إنما يكون تسعة وعشرين يوما بالرؤية فأما بالتقدير فلا يكون إلا ثلاثين , وقد فسر ذلك في حديث أبي هريرة فقال صلى الله عليه وسلم فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين وفي حديث ربعي بن حراش لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة . وذكر الداودي أنه قيل في معنى قوله فاقدروا له أي قدروا المنازل وهذا لا نعلم أحدا قال به إلا بعض أصحاب الشافعي أنه يعتبر في ذلك بقول المنجمين والإجماع حجة عليه , وقد روى ابن نافع عن مالك في المدنية في الإمام لا يصوم لرؤية الهلال ولا يفطر لرؤيته , وإنما يصوم ويفطر على الحساب أنه لا يقتدى به ولا يتبع قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه فإن فعل ذلك أحد فالذي عندي أنه لا يعتد بما صام منه على الحساب ويرجع إلى الرؤية واكمال العدد فإن اقتضى ذلك قضاء شيء من صومه قضاه , والله أعلم . ‏
    ( مسألة ) فإن عدمت الرؤية لزم إتمام شعبان ثلاثين كان صحوا أو غيما وبهذا قال جمهور الفقهاء , وقال أحمد بن حنبل إن كان غيما صام آخر يوم من شعبان احتياطا , والدليل على ما نقوله حديث أبي هريرة المتقدم أنه صلى الله عليه وسلم قال فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان
    ثلاثين يوما , والدليل من جهة القياس أن هذا يوم شك فلم يجز صومه كما لو كانت السماء صاحية .


    7 "
  3. الحديث الثاني:

    ‏حدثنا ‏ ‏يحيى بن قزعة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏إبراهيم بن سعد ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏عن ‏ ‏عبيد الله بن عبد الله ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال ‏ : ‏كان النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أجود الناس بالخير وأجود ما يكون في شهر رمضان لأن ‏ ‏جبريل ‏ ‏كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏القرآن فإذا لقيه ‏ ‏جبريل ‏ ‏كان أجود بالخير من الريح المرسلة.
    [LINE]hr[/LINE]
    شرح صحيح البخاري

    قوله : ( إبراهيم بن سعد عن الزهري ) ‏
    تقدم في الصيام من وجه آخر عن إبراهيم بن سعد قال أنبأنا الزهري , وإبراهيم بن سعد سمع من الزهري ومن صالح بن كيسان عن الزهري , وروايته على الصفتين تكررت في هذا الكتاب كثيرا وقد تقدمت فوائد حديث ابن عباس هذا في بدء الوحي فنذكر هنا نكتا مما لم يتقدم . ‏

    قوله ( كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس ) ‏
    فيه احتراس بليغ لئلا يتخيل من قوله " وأجود ما يكون في رمضان " أن الأجودية خاصة منه برمضان فيه فأثبت له الأجودية المطلقة أولا ثم عطف عليها زيادة ذلك في رمضان . ‏

    قوله : ( وأجود ما يكون في رمضان ) ‏
    تقدم في بدء الوحي من وجه آخر عن الزهري بلفظ " وكان أجود ما يكون في رمضان " وتقدم أن المشهور في ضبط أجود أنه بالرفع وأن النصب موجه , وهذه . الرواية مما تؤيد الرفع . ‏

    قوله : ( لأن جبريل كان يلقاه ) ‏
    فيه بيان سبب الأجودية المذكورة , وهي أبين من الرواية التي في بدء الوحي بلفظ " وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل " . ‏

    قوله : ( في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ ) ‏
    أي رمضان , وهذا ظاهر في أنه كان يلقاه كذلك في كل رمضان منذ أنزل عليه القرآن ولا يختص ذلك برمضانات الهجرة , وإن كان صيام شهر رمضان إنما فرض بعد الهجرة لأنه كان يسمى رمضان قبل أن يفرض صيامه . ‏

    قوله : ( يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ) ‏
    هذا عكس ما وقع في الترجمة لأن فيها أن جبريل كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم , وفي هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض على جبريل , وتقدم في بدء الوحي بلفظ " وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن " فيحمل على أن كلا منهما كان يعرض على الآخر , ويؤيده ما وقع في رواية أبي هريرة آخر أحاديث الباب كما سأوضحه . وفي الحديث إطلاق القرآن على بعضه وعلى معظمه , لأن أول رمضان من بعد البعثة لم يكن نزل من القرآن إلا بعضه , ثم كذلك كل رمضان بعده , إلى رمضان الأخير فكان قد نزل كله إلا ما تأخر نزوله بعد رمضان المذكور , وكان في سنة عشر إلى أن مات النبي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول سنة إحدى عشرة , ومما نزل في تلك المدة قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فإنها نزلت يوم عرفة والنبي صلى الله عليه وسلم بها بالاتفاق , وقد تقدم في هذا الكتاب , وكأن الذي نزل في تلك الأيام لما كان قليلا بالنسبة لما تقدم اغتفر أمر معارضته , فيستفاد من ذلك أن القرآن يطلق على البعض مجازا , ومن ثم لا يحنث من حلف ليقرأن القرآن فقرأ بعضه , إلا إن قصد الجميع . واختلف في العرضة الأخيرة هل كانت بجميع الأحرف المأذون في قراءتها أو بحرف واحد منها ؟ وعلى الثاني فهل هو الحرف الذي جمع عليه عثمان جميع الناس أو غيره ؟ وقد روى أحمد وابن أبي داود والطبري من طريق عبيدة بن عمرو السلماني " أن الذي جمع عليه عثمان الناس يوافق العرضة الأخيرة " ومن طريق محمد بن سيرين قال " كان جبريل يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن - الحديث نحو حديث ابن عباس وزاد في آخره - : فيرون أن قراءتنا أحدث القراءات عهدا بالعرضة الأخيرة " . وعند الحاكم نحوه من حديث سمرة وإسناده حسن , وقد صححه هو ولفظه " عرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضات , ويقولون إن قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة " ومن طريق مجاهد " عن ابن عباس قال : أي القراءتين ترون كان آخر القراءة ؟ قالوا : قراءة زيد بن ثابت , فقال : لا , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن كل سنة على جبريل , فلما كان في السنة التي قبض فيها عرضه عليه مرتين وكانت قراءة ابن مسعود آخرهما " وهذا يغاير حديث سمرة ومن وافقه , وعند مسدد في مسنده من طريق إبراهيم النخعي " أن ابن عباس سمع رجلا يقول : الحرف الأول , فقال : ما الحرف الأول ؟ قال إن عمر بعث ابن مسعود إلى الكوفة معلما فأخذوا بقراءته فغير عثمان القراءة , فهم يدعون قراءة ابن مسعود الحرف الأول , فقال ابن عباس : إنه لآخر حرف عرض به النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل " وأخرج النسائي من طريق أبي ظبيان قال " قال لي ابن عباس : أي القراءتين تقرأ ؟ قلت : القراءة الأولى قراءة ابن أم عبد - يعني عبد الله بن مسعود - قال : بل هي الأخيرة , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض على جبريل - الحديث وفي آخره - فحضر ذلك ابن مسعود فعلم ما نسخ من ذلك وما بدل " وإسناده صحيح , ويمكن الجمع بين القولين بأن تكون العرضتان الأخيرتان وقعتا بالحرفين المذكورين . فيصح إطلاق الآخرية على كل منهما . ‏

    قوله : ( أجود بالخير من الريح المرسلة ) ‏
    فيه جواز المبالغة في التشبيه , وجواز تشبيه المعنوي بالمحسوس ليقرب لفهم سامعه , وذلك أنه أثبت له أولا وصف الأجودية , ثم أراد أن يصفه بأزيد من ذلك فشبه جوده بالريح المرسلة , بل جعله أبلغ في ذلك منها , لأن الريح قد تسكن . وفيه الاحتراس لأن الريح منها العقيم الضارة ومنها المبشرة بالخير فوصفها بالمرسلة ليعين الثانية , وأشار إلى قوله تعالى ( وهو الذي يرسل الرياح بشرا ) ( والله الذي أرسل الرياح ) ونحو ذلك , فالريح المرسلة تستمر مدة إرسالها , وكذا كان عمله صلى الله عليه وسلم في رمضان ديمة لا ينقطع , وفيه استعمال أفعل التفضيل في الإسناد الحقيقي والمجازي , لأن الجود من النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة ومن الريح مجاز فكأنه استعار للريح جودا باعتبار مجيئها بالخير فأنزلها منزلة من جاد , وفي تقديم معمول أجود على المفضل عليه نكتة لطيفة , وهي أنه لو أخره لظن تعلقه بالمرسلة , وهذا وإن كان لا يتغير به المعنى المراد بالوصف من الأجودية إلا أنه تفوت فيه المبالغة لأن المراد وصفه بزيادة الأجودية على الريح المرسلة مطلقا . وفي الحديث من الفوائد غير ما سبق تعظيم شهر رمضان لاختصاصه بابتداء نزول القرآن فيه , ثم معارضته ما نزل منه فيه , ويلزم من ذلك كثرة , نزول جبريل فيه . وفي كثرة نزوله من توارد الخيرات والبركات ما لا يحصى , ويستفاد منه أن فضل الزمان إنما يحصل بزيادة العبادة . وفيه أن مداومة التلاوة توجب زيادة الخير . وفيه استحباب تكثير العبادة في آخر العمر , ومذاكرة الفاضل بالخير والعلم وإن كان هو لا يخفى عليه ذلك لزيادة التذكرة والاتعاظ . وفيه أن ليل رمضان أفضل من نهاره , وأن المقصود من التلاوة الحضور والفهم لأن الليل مظنة ذلك لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية , ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم ما نزل من القرآن في كل سنة على ليالي رمضان أجزاء فيقرأ كل ليلة جزءا في جزء من الليلة , والسبب في ذلك ما كان يشتغل به في كل ليلة من سوى ذلك من تهجد بالصلاة ومن راحة بدن ومن تعاهد أهل , ولعله كان يعيد ذلك الجزء مرارا بحسب تعدد الحروف المأذون في قراءتها ولتستوعب بركة القرآن جميع الشهر , ولولا التصريح بأنه كان يعرضه مرة واحدة وفي السنة الأخيرة عرضه مرتين لجاز أنه كان يعرض جميع ما نزل عليه كل ليلة ثم يعيده في بقية الليالي . وقد أخرج أبو عبيد من طريق داود بن أبي هند قال : قلت للشعبي : قوله تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) أما كان ينزل عليه في سائر السنة ؟ قال : بلى . ولكن جبريل كان يعارض مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان ما أنزل الله فيحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء . ففي هذا إشارة إلى الحكمة في التقسيط الذي أشرت إليه لتفصيل ما ذكره من المحكم والمنسوخ . ويؤيده أيضا الرواية الماضية في بدء الخلق بلفظ " فيدارسه القرآن " فإن ظاهره أن كلا منهما كان يقرأ على الآخر , وهي موافقة لقوله " يعارضه " فيستدعي ذلك زمانا زائدا على ما لو قرأ الواحد , ولا يعارض ذلك قوله تعالى ( سنقرئك فلا تنسى ) إذا قلنا إن " لا " نافية كما هو المشهور وقول الأكثر , لأن المعنى أنه إذا أقرأه فلا ينسى ما أقرأه , ومن جملة الإقراء مدارسة جبريل , أو المراد أن المنفي بقوله : ( فلا تنسى ) النسيان الذي لا ذكر بعده لا النسيان الذي يعقبه الذكر في الحال حتى لو قدر أنه نسي شيئا فإنه يذكره إياه في الحال , وسيأتي مزيد بيان لذلك في " باب نسيان القرآن " إن شاء الله تعالى . وقد تقدمت بقية فوائد حديث ابن عباس في بدء الوحي .
    7 "
  4. الحديث الثالث:

    ‏حدثنا ‏ ‏إسماعيل ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏مالك ‏ ‏عن ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏عن ‏ ‏حميد بن عبد الرحمن ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال:‏ ‏من قام رمضان إيمانا ‏ ‏واحتسابا ‏ ‏غفر له ما تقدم من ذنبه
    7 "
  5. الحديث الرابع:

    ‏حدثنا ‏ ‏نصر بن علي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو أحمد الزبيري ‏ ‏حدثنا ‏ ‏إسرائيل ‏ ‏عن ‏ ‏أبي إسحق ‏ ‏عن ‏ ‏الأسود بن يزيد ‏ ‏عن ‏ ‏ابن أم معقل ‏ ‏عن ‏ ‏أم معقل ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏عمرة في رمضان تعدل حجة ‏‏وفي ‏ ‏الباب ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏وجابر ‏ ‏وأبي هريرة ‏ ‏وأنس ‏ ‏ووهب بن خنبش ‏ ‏قال ‏ ‏أبو عيسى ‏ ‏ويقال ‏ ‏هرم بن خنبش ‏ ‏قال ‏ ‏بيان ‏ ‏وجابر ‏ ‏عن ‏ ‏الشعبي ‏ ‏عن ‏ ‏وهب بن خنبش ‏ ‏و قال ‏ ‏داود الأودي ‏ ‏عن ‏ ‏الشعبي ‏ ‏عن ‏ ‏هرم بن خنبش ‏ ‏ووهب ‏ ‏أصح ‏ ‏وحديث ‏ ‏أم معقل ‏ ‏حديث حسن غريب ‏ ‏من هذا الوجه ‏ ‏و قال ‏ ‏أحمد ‏ ‏وإسحق ‏ ‏قد ثبت عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أن عمرة في رمضان تعدل حجة ‏ ‏قال ‏ ‏إسحق ‏ ‏معنى هذا الحديث مثل ما روي عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أنه قال من قرأ ‏ ‏قل هو الله أحد ‏ ‏فقد قرأ ثلث القرآن ‏
    [LINE]hr[/LINE]
    شرح جامع الترمذي


    قوله : ( أخبرنا أبو أحمد الزبيري ) ‏
    بضم الزاي وفتح الموحدة وسكون الياء هو محمد بن عبد الله بن الزبير الكوفي ثقة ثبت إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري ‏
    ( عن ابن أم معقل ) ‏
    قاله العيني في عمدة القاري ص 14 ح 5 : ابن أبي معقل الذي لم يسم في رواية الترمذي اسمه معقل كذا ورد مسمى في كتاب الصحابة لابن منده من طريق عبد الرزاق عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن معقل بن أبي معقل عن أم معقل قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) ومعقل هذا معدود في الصحابة من أهل المدينة . قال محمد بن سعد : صحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه , وهو معقل بن أبي معقل بن نهيك بن أساف بن عدي انتهى بقدر الحاجة . قلت : ليس في رواية الترمذي ابن أبي معقل , بل فيها ابن أم معقل ‏
    ( عن أم معقل ) ‏
    الأسدية أو الأشجعية زوج أبي معقل , ويقال لها الأنصارية صحابية لها حديث في عمرة رمضان , كذا في التقريب . ‏

    قوله : ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) ‏
    في الثواب , لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض , للإجماع على أن الاعتمار لا يجزئ عن حج الفرض . وقال ابن العربي : حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها . وقال ابن الجوزي : فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وخلوص المقصد . ‏

    قوله : ( وفي الباب عن ابن عباس وجابر وأبي هريرة وأنس ووهب بن خنبش ) ‏
    بمعجمة ونون وموحدة وزن جعفر الطائي صحابي نزل الكوفة ويقال اسمه هرم ووهب أصح قاله في التقريب , أما حديث ابن عباس فأخرجه الشيخان , وأما حديث جابر فأخرجه ابن ماجه عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عمرة في رمضان تعدل حجة " . وأما حديث أبي هريرة فلينظر من أخرجه . وأما حديث أنس فأخرجه أبو أحمد بن عدي في الكامل عنه : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " عمرة في رمضان كحجة معي " , وفي إسناده مقال . وأما حديث وهب بن خنبش فأخرجه ابن ماجه من رواية سفيان عن بيان وجابر عن الشعبي عن وهب بن خنبش مرفوعا : " عمرة في رمضان تعدل حجة " . وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها العيني في عمدة القاري ص 14 ج 5 . ‏

    قوله : ( وحديث أم معقل حديث حسن غريب من هذا الوجه ) ‏
    وأخرجه أبو داود من وجه آخر , وأخرجه النسائي أيضا من وجه آخر . ‏

    قوله : ( قال إسحاق : معنى هذا الحديث مثل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ : { قل هو الله أحد } فقد قرأ ثلث القرآن ) ‏
    وقال ابن خزيمة : إن الشيء يشبه بالشيء ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني لا جميعها لأن العمرة لا يقضى بها فرض الحج ولا النذر انتهى .
    7 "
  6. الحديث الخامس:
    أخبرنا ‏ ‏شعيب بن يوسف بصري ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏عبد الرحمن ‏ ‏عن ‏ ‏معاوية بن صالح ‏ ‏عن ‏ ‏يونس بن سيف ‏ ‏عن ‏ ‏الحارث بن زياد ‏ ‏عن ‏ ‏أبي رهم ‏ ‏عن ‏ ‏العرباض بن سارية ‏ ‏قال ‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وهو ‏ ‏يدعو إلى السحور في شهر رمضان وقال: هلموا إلى الغداء المبارك. ‏

    7 "
  7. الحديث السادس:
    ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن بشار ‏ ‏حدثنا ‏ ‏يحيى بن سعيد ‏ ‏وعبد الرحمن بن مهدي ‏ ‏قالا حدثنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏عن ‏ ‏حبيب بن أبي ثابت ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو المطوس ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال ‏ ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ ‏من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر كله وإن صامه.
    [LINE]hr[/LINE]
    شرح جامع الترمذي

    قوله : ( أخبرنا المطوس ) ‏
    بكسر الواو المشددة هو يزيد , وقيل عبد الله بن المطوس لين الحديث كذا في التقريب ‏
    ( عن أبيه ) ‏
    هو المطوس قال في التقريب : المطوس بتشديد الواو المكسورة , ويقال أبو المطوس عن أبي هريرة مجهول من الرابعة . ‏

    قوله : ( من غير رخصة ) ‏
    كسفر ‏
    ( ولا مرض ) ‏
    أي مبيح للإفطار , من عطف الخاص على العام ‏
    ( لم يقض عنه صوم الدهر كله ) ‏
    أي صومه , فالإضافة بمعنى في نحو مكر الليل , وكله للتأكيد ‏
    ( وإن صامه ) ‏
    أي ولو صام الدهر كله . قال الطيبي : أي لم يجد فضيلة الصوم المفروض بصوم النفل وإن سقط قضاؤه بصوم يوم واحد , وهذا على طريق المبالغة والتشديد , ولذلك أكده بقوله " وإن صامه " أي حق الصيام قال ابن الملك : وإلا فالإجماع على أنه يقضي يوما مكانه , وقال ابن حجر : وما اقتضاه ظاهره أن صوم الدهر كله بنية القضاء عما أفطره من رمضان لا يجزئه قال به علي وابن مسعود والذي عليه أكثر العلماء يجزئه وإن كان ما أفطره في غاية الطول والحر وما صامه بدله في غاية القصر والبرد كذا في المرقاة . ‏
    قلت : قال البخاري في صحيحه : ويذكر عن أبي هريرة رفعه : " من أفطر يوما في رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقضه صيام الدهر وإن صامه " . وبه قال ابن مسعود . وقال سعيد بن المسيب وابن جبير وإبراهيم وقتادة وحماد : يقضي يوما مكانه انتهى . وذكر الحافظ في الفتح من وصل هذه الآثار قال وصله يعني أثر ابن مسعود للطبراني والبيهقي بإسناد لهما عن عرفجة قال قال عبد الله بن مسعود : من أفطر يوما في رمضان متعمدا من غير علة ثم قضى طوال الدهر لم يقبل منه , وبهذا الإسناد عن علي مثله انتهى . وقال أبو هريرة بمثل قول ابن مسعود رضي الله عنه كما سيجيء , فظهر أن ما ادعى ابن الملك من أن الإجماع على أنه يقضي يوما مكانه ليس بصحيح . ‏

    قوله : ( حديث أبي هريرة رضي الله عنه حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ) ‏
    أخرجه أصحاب السنن الأربعة وصححه ابن خزيمة من طريق سفيان الثوري وشعبة كلاهما من حبيب ابن أبي ثابت عن عمارة بن عمير عن أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة . ‏

    قوله : ( وسمعت محمدا يقول : أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس ولا أعرف له غير هذا الحديث ) ‏
    وقال البخاري في التاريخ : تفرد أبو المطوس بهذا الحديث ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا . قال الحافظ في الفتح : واختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت اختلافا كثيرا فحصلت فيه ثلاث علل الاضطراب والجهل بحال أبي المطوس والشك في سماع أبيه عن أبي هريرة , وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء . وذكر ابن حزم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مثله موقوفا انتهى كلام الحافظ .
    7 "
  8. الحديث السابع:
    ‏حدثنا ‏ ‏أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو بكر بن عياش ‏ ‏عن ‏ ‏الأعمش ‏ ‏عن ‏ ‏أبي صالح ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال ‏‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏ ‏إذا كان أول ليلة من شهر رمضان ‏ ‏صفدت ‏ ‏الشياطين ‏ ‏ومردة ‏ ‏الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ‏ ‏وينادي مناد يا ‏ ‏باغي ‏ ‏الخير أقبل ويا ‏ ‏باغي ‏ ‏الشر ‏ ‏أقصر ‏ ‏ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.

    [LINE]hr[/LINE]
    شرح جامع الترمذي


    قوله : ( صفدت ) ‏
    قال الحافظ في الفتح . بالمهملة المضمومة بعدها فاء ثقيلة مكسورة أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت ‏
    ( الشياطين ) ‏
    وفي رواية النسائي من طريق أبي قلابة عن أبي هريرة بلفظ . وتغل فيه مردة الشياطين ‏
    ( ومردة الجن ) ‏
    جمع مارد كطلبة وجهلة وهو المتجرد للشر , ومنه الأمرد لتجرده من الشعر , وهو تخصيص بعد تعميم أو عطف تفسير وبيان كالتتميم . وقيل الحكمة في تقييد الشياطين وتصفيدهم كي لا يوسوسوا في الصائمين . وأمارة ذلك تنزه أكثر المنهمكين في الطغيان عن المعاصي ورجوعهم بالتوبة إلى الله تعالى . وأما ما يوجد خلاف ذلك في بعضهم فإنها تأثيرات من تسويلات الشياطين أغرقت في عمق تلك النفوس الشريرة وباضت في رءوسها . وقيل قد خص من عموم صفدت الشياطين زعيم زمرتهم وصاحب دعوتهم لكأن الإنظار الذي سأله من الله أجيب إليه فيقع ما يقع من المعاصي بتسويله وإغوائه . ويمكن أن يكون التقييد كناية عن ضعفهم في الإغواء والإضلال , كذا في المرقاة . قال الحافظ في الفتح . قال عياض . يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين , ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين . قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية عند مسلم . فتحت أبواب الرحمة , قال ويحتمل أن يكون فتح الجنة عبارة عما يفتحه الله لعباده من الطاعات وذلك أسباب لدخول الجنة , وغلق أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآيلة بأصحابها إلى النار . وتصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات . قال الزبير بن المنير : والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره . وأما الرواية التي فيها أبواب الرحمة وأبواب السماء فمن تصرف الرواة . والأصل أبواب الجنة بدليل ما يقابله وهو غلق أبواب النار قال الحافظ : وقال القرطبي بعد أن رجح حمله على ظاهره فإن قيل كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرا فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك , فالجواب أنها إنما تقل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه أو المصفد بعض الشياطين كما تقدم في بعض الروايات يعني رواية الترمذي والنسائي وهم المردة لا كلهم أو المقصود تقليل الشرور فيه . وهذا أمر محسوس فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره . إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية لأن لذلك أسبابا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية انتهى ‏
    ( وينادي مناد ) ‏
    قيل يحتمل أنه ملك أو المراد أنه يلقي ذلك في قلوب من يريد الله إقباله على الخير كذا في قوت المغتذي ‏
    ( يا باغي الخير ) ‏
    أي طالب العمل والثواب ‏
    ( أقبل ) ‏
    أي إلى الله وطاعته بزيادة الاجتهاد في عبادته وهو أمر من الإقبال أي تعال فإن هذا أوانك فإنك تعطى الثواب الجزيل بالعمل القليل . أو معناه يا طالب الخير المعرض عنا وعن طاعتنا أقبل إلينا وعلى عبادتنا فإن الخير كله تحت قدرتنا وإرادتنا . قال العراقي . ظن ابن العربي أن قوله في الشقين يا باغي من البغي فنقل عن أهل العربية أن أصل البغي في الشر وأقله ما جاء في طلب الخير ثم ذكر قوله تعالى { غير باغ ولا عاد } وقوله { يبغون في الأرض بغير الحق } والذي وقع في الآيتين هو بمعنى التعدي , وأما الذي في هذا الحديث فمعناه الطلب والمصدر منه بغاء وبغاية بضم الباء فيهما قال الجوهري : بغيته أو طلبته انتهى . ‏
    قلت : الأمر كما قال العراقي , وكذلك في قوله تعالى { ذلك ما كنا نبغ } معناه الطلب { ويا باغي الشر أقصر } بفتح الهمزة وكسر الصاد أي يا مريد المعصية أمسك عن المعاصي وارجع إلى الله تعالى فهذا أوان قبول التوبة وزمان استعداد المغفرة , ولعل طاعة المطيعين وتوبة المذنبين ورجوع المقصرين في رمضان من أثر الندائين ونتيجة إقبال الله تعالى على الطالبين . ولهذا ترى أكثر المسلمين صائمين حتى الصغار والجوار بل غالبهم الذين يتركون الصلاة يكونون حينئذ مصلين , مع أن الصوم أصعب من الصلاة وهو يوجب ضعف البدن الذي يقتضي الكسل عن العبادة وكثرة النوم عادة , ومع ذلك ترى المساجد معمورة وبإحياء الليل مغمورة والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله , كذا في المرقاة ‏
    ( ولله عتقاء من النار ) ‏
    أي ولله عتقاء كثيرون من النار فلعلك تكون منهم ‏
    ( وذلك ) ‏
    قال الطيبي : أشار بقوله ذلك إما للبعيد وهو النداء , وإما للقريب وهو لله عتقاء ‏
    ( كل ليلة ) ‏
    أي في كل ليلة من ليالي رمضان . ‏



    7 "
  9. الحديث الثامن:
    كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، حين يلقاه جبريل ، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن : فإذا لقيه جبريل عليه السلام ، كان أجود بالخير من الريح المرسلة .
    7 "
  10. الحديث التاسع:
    أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا أفطر في رمضان بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين قال ما أجد فأتي بعرق تمر قال تصدق قال ما أجد أحوج إليه مني فضحك حتى بدت أنيابه ثم قال كله.
    7 "
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.