الثلاثاء, 08 يونيو 2010
ببساطة شديدة يمكن القول بأن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث يهدف إلى إرسال الشباب السعودي إلى الخارج، لسنوات عدة، ليعودوا بعدها وهم على القدر نفسه من كفاءة نظرائهم الأوروبيين والأميركيين وغيرهم، من الناحيتين العلمية والعملية، ليحققوا في بلدهم ما استطاع هؤلاء القيام به في بلادهم المتقدمة.
ولعله من المفيد الاطلاع على الانطباعات التي تركها بعض المبتعثين، حتى يدرك ما قصده الأمير تركي الفيصل عند حديثه عن اخفاقات البرنامج، عندما طالب بتخفيف مشكلاته، إذ تشتكي الكثير من الجهات في الخارج من المستوى الضعيف في اللغة الإنكليزية.
كما أن العلامات المرتفعة في شهادة الثانوية العامة السعودية لا تعكس المستوى الحقيقي للطالب، ما يهدد بفقدان صدقية هذه الشهادات. وتوصلت جهات الاعتماد في الخارج إلى أن شهادات الثانوية العامة التي حصل عليها الطلاب من بعض المدارس الأهلية، تقل صدقيتها عن شهادات المدارس الحكومية.
شكوى أخرى من عدم اعتماد بعض الطلاب على أنفسهم، والحاجة دوماً لمن يمد لهم يد العون، أو ما يسمى بافتقاد «روح المبادرة الذاتية».
فضلاً عن ثبوت وجود بعض الضعف لدى الطلاب في الرياضيات والعلوم، مقارنة بنظرائهم من خريجي المدارس في دولة الابتعاث، (وهو ما سبق أن توصلت إليه الدراسة الدولية للعلوم والرياضيات TIMSS، بأن مستوى طلاب المملكة في ذيل القائمة، وما أكدته شركة أرامكو بأن 84 في المئة من خريجي الثانوية العامة، يعادل تحصيلهم في الرياضيات مستوى الثاني المتوسط).
الهروب من الواقع المحيط عبر تواجد بعض المبتعثين في العالم الافتراضي في الانترنت (شات، وفيس بوك، وساحات ...إلخ)، أكثر من العالم الواقعي، ينشأ «جفوة متبادلة»، فالصداقات والدردشة والتواصل يتم بعيداً عن المجتمع المضيف.
وتبقى معضلة عدم الالتزام بالحضور إلى مقاعد الدراسة في الموعد، أو الغياب المستمر، أحياناً لأسابيع وشهور، من أكبر المشكلات التي يعاني منها الطالب السعودي، في الوقت الذي تتوافر بين الطلاب قناعة بأن المكافأة الشهرية حق للطالب، من دون أي واجبات عليه، ومن ثم لا مبرر - من وجهة نظر الطالب - لوقف صرف المكافأة، إذا غادر مقر البعثة من دون إذن، أو للقيام بجولة سياحية أثناء الفصل الدراسي.
حتى في الغربة كان بعض المبتعثين يصر على إثارة الاختلافات القبلية أو المذهبية وعدم الالتزام بالقوانين أو الجهل بها، مما يعرضهم لمشكلات قد تؤدي لغرامات ضخمة، أو إلى إنهاء الإقامة الدراسية (مشكلات متعلقة بالإيجار، أو بقيادة السيارات، وهو ما انتبهت إليه الآن السفارات).
في المقابل، لا يتحمل المبتعث وزر كل المشكلات، التي تؤثر فيه، وعلى برنامج الابتعاث بالكامل، كعدم قيام الملحقيات بتفقد معاهد اللغة، وغيرها من المؤسسات التحضيرية أو المؤسســـــــات التعليمية التي سيلتحق بها المبتعثون قبل وصولهم، للتأكد من الأوضاع السائدة فيها.
إلى جانب تردد الملحقيات في اتخاذ أي قرارات صارمة في حق الطالب غير المجتهد، بحيث لا تتعرض لانتقادات في وسائل الإعلام والمواقع المتخصصة في ذلك، خصوصاً إذا كان الطالب له علاقات نافذة.
في الوقت نفسه، تسير كثير من الملحقيات الثقافية على مبدأ «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق»، ما يجعل المشرف الدراسي وكل من يعمل في الملحقية، يوقن بأنه في مأمن من العقوبة، حتى ولو أهمل أو تلكأ في العمل.
وبحسب مبتعثين، فإن العجز عن العمل بروح الفريق في الملحقيات، يجعل المبتعث مضطراً لمخاطبة كل قسم، بل كل موظف على حدة، للحصول على ما يريده من معلومة، أو للحصول على حق من حقوقه.
ويعمّق مشكلة المبتعثين مع الملحقيات، عدم وجود تعليمات واضحة بشأن ضرورة قيام الملحقية باستقبال المبتعثين أو حجز أماكن سكن لهم فور وصولهم، أو إرسال المشرف الدراسي عقب وصولهم لتوضيح الأمور بالنسبة لهم، فيفعل كل مسؤول ما يشاء.
كذلك يشكل رفض مسؤولي الوزارة اعتبار الملحقيات أقدر على متابعة الأمور على أرض الواقع، والإصرار على مركزية القرارات، وهيمنة مناخ من عدم الثقة المتبادلة بينهما.
وبخصوص الجانب الأكاديمي، وقعت الوزارة في أخطاء بسبب التــسرع، بحسب مصادر في الوزارة ذاتـــها، كتوقيع اتفاقات تعاون أكـــاديمي من دون دراسة متعمقة، خـــصوصاً في الدفعات الأولى، والـــتي ما زالت عواقبها مستمرة.
وربما كان من الممكن أن تقل هذه المشكلات والعوائق، لولا خلط بعض المسؤولين بين القيام بمهمة عمل وقضاء العطلة السنوية، ما يبرر تزامن الكثير من زيارات المسؤولين للمبتعثين مع الإجازة الصيفية، حتى ولو لم يكن هناك مبتعثون! لسفرهم إلى المملكة في هذا التوقيت، والإقبال على زيارة مبتعثي بلاد بعينها، وتجنب زيارة بلدان أخرى.
الفيروز June 10th, 2010, 05:14 AM
June 8th, 2010, 11:22 PM
الثلاثاء, 08 يونيو 2010
خرج الأمير تركي الفيصل قبل أيام مطالباً وزارة التعليم العالي باعتماد برنامج تأهيلي شامل لطلاب الابتعاث لا تقل مدته عن سنة، لتخفيف «كافة المشكلات» التي تواجههم في الدول الأجنبية، وتأهيلهم للسفر والاندماج في المجتمعات الأخرى.ولعل مسؤولي وزارة التــعليم العالي يقرؤون هذا الاقــتراح بتــمعن، فـ«كافة المشكلات» الــتي تحدث عنــها الفيــصل، لم يسمع أحـد عنــها من كبـــار المسؤولين في وزارة التعليم الــعالي أبــداً، فهم يتحدثون دوماً عن إنجازات، وخريجــين أنهوا دراستهم في «أفضل» الجامــعات العالمية، ويتــكتــمون عــلى المشكلات الضخمة الواقعة، والتي لا يـجب أن يــكون ذكــرها سبباً في وقف برنامج الابــتعاث أو الإساءة إليــه، بل للرغبة في تحقــيق فائدة أكبر منه، سواء تم ذلك بمبادرة ذاتية من وزارة التعليــم العالي، أم مــن جهة محايدة، ليست لها مصلحة في «تــجميل الصـورة»، حــتى لا يســتخدم مصطلح «تزييفها»، فتقوم بعملية تقويم لـتفاصيل الــبرنامج كافة، من الفــكرة المجردة، وحــتى تفاصيل تنفيذها.
في الحلقة الثالثة من التحقيق المتعلق ببرنامج خادم الحرمين للابتعاث، تسلط «الحياة» الضوء على أبرز الأخــطاء التي يجب أن «تصحح» لفائدة الــمملكة المستقبلية، وتطرح حلولاً لمــعالجة هذه الأخــطاء، وتشرح مكامن الخلل والقصور، برؤية أقــرب إلى المثالية وسط واقع غـــير مثالي، بهدف استــدراك الأخطاء، وتصــحيح ما يمكن تصحيحه.
المصدر
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/150096
تعليق ..
أتمنى أن تكون البداية من الأندية السعودية بالخارج ..
تحياتي,,