خطاب المليك قرع جرس الإنذار أمام السفراء..«احترموا المواطن يحترمنا العالم»
لقطة جماعية لسفراء المملكة خلال اجتماعهم قبل ثلاثة أشهر الخبر ، تحقيق- عبير البراهيم لم تستطع شكاوى وملاحظات بعض المواطنين في الخارج، من إنهاء الفجوة تجاه القصور الذي يجدونه من بعض السفارات السعودية، خاصة فيما يتعلق بالمشاكل والظروف التي يمرون بها - وإن كان ذلك لايعمم على جميع السفارات -، إلاّ أنه من الواضح أن خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي وجهه للسفراء ورؤساء بعثات المملكة في الخارج ووكلاء وزارة الخارجية بمثابة التنبيه والتحذير بأهمية فتح أبواب السفارات أمام المواطنين، واستقبال شكاواهم، حيث قال -حفظه الله- في اجتماع السفراء الدوري الثاني "أي فرد يأتيكم مهما كان اعرفوا أنه من الشعب السعودي، وأنا من الشعب السعودي وهو ابني وأخي لاتقولوا هذا ماله قيمة، إياي وإياكم، قدروهم واحترموهم لتحترمنا الشعوب.. تفاوت في التطبيق والمبادرة على أساس شخصي أكثر منه تنظيمي أنا أسمع ولا أتهم إن شاء الله أن بعض السفارات تغلق أبوابها وهذا مايجوز أبداً أبداً، لازم تفتحون أبوابكم وصدوركم وتوسعون أخلاقكم للشعب السعودي".. بتلك الكلمات الصادقة منه -رعاه الله- تكشفت حقيقة القصور الموجود من بعض السفارات التي تغلق أبوابها أمام المواطنين السعوديين الذين يجدون بأن خطاب الملك بداية المطالبات بالتغيير والرؤية التي ينشدون تحقيقها لدى السفارات.. تنوعت تجارب بعض المواطنين مع السفارات السعودية في الخارج بين الإيجابي والسلبي، وقد وجد البعض منهم بأن هناك تعاطياً غير مدروس من قبل بعض السفارات التي وصفوها بأنها تقوم في ذلك التعاطي على الاجتهادات الشخصية، في حين ثمّن البعض منهم بعض تجارب السفارات خاصة في الدول الأوروبية لتجيء مخالفة للتجارب الموجودة في بعض الدول العربية، فمالسر خلف ذلك التفاوت الملحوظ؟، وماهي التجارب التي من خلالها قيّم بعض المواطنين مستوى الخدمة المقدمة من بعض السفارات؟، وماهي مطالباتهم التي يأملون أن تعيد لهم الثقة التي غابت عند البعض؟، ومن أين بدأت الفجوة بين المواطن والسفارة؟، وهل هي في مستوى الخدمة المقدمة أم في كيفية التعامل مع المشاكل التي يمر بها المواطن في الخارج؟. أسئلة كثيرة رصدتها "الرياض"، ووضعتها على طاولة النقاش مع المواطنين والمختصين والمسؤولين على ثلاث حلقات متتالية.
وصف الواقع وتبرز جملة من المشاكل التي يعانيها المواطن في الخارج، ويعتقد أن سفارة بلاده لم تقف معه، ومن ذلك قضايا النصب والاحتيال، ومخالفة الأنظمة -جهلاً وربما تجاهلاً-، وتأمين محامي للدفاع عنه، وتقديم مصروف مالي في حال الحاجة إلى ذلك، وتوعيته قبل القدوم. وعلى الرغم من أن سفارات المملكة تمارس هذه الأدوار، إلاّ أن هناك تفاوتاً في التطبيق والمبادرة، على أساس ربما شخصي أكثر منه عمل مؤسسي منظم!، ولذا يشعر بعض المواطنين أنهم فاقدوا الثقة في سفارات بلادهم، وأن ليس بوسعهم عمل لهم أي شيء، وهذا الاعتقاد الذي يفترض أن يكون خاطئاً غذّته كثير من المواقف والأحداث التي مروا بها، فهذا شاب جهل بالأنظمة وتجاوزت حريته الشخصية إلى الآخرين، ووجد نفسه في قبضة رجال الأمن، وبحث عن محامٍ ولم يجد في حينه، وربما ولا بعد حين، وذاك شاب آخر مورس عليه عملية نصب في سكن أو من سائق أجرة، وصاح بأعلى صوته عن من يعيد إليه حقوقه ولم يجد أحداً، ورجل ثالث لم يكن يتوقع عجزاً في ميزانيته، وذهب إلى السفارة ووجد أن عجز "إعانة المنقطعين" أكثر عجزاً منه.
الشمري: معظم العاملين في السفارات محبطون.. و«جلد الذات» غير مجدٍ وتحمل السفارات السعودية في الخارج المسؤولية على المواطن، وهي كذلك دون شك، ولكن يجب أن تتخلى عن "جلد الذات" في هذا الوقت، وتعالج المشكلة، وتخلص المواطن من ورطته، ثم تتخذ بحقه الإجراءات النظامية، ومنها تبليغ الجهات المعنية في المملكة لاتخاذ ما تراه مناسباً، ومن ذلك المنع من السفر. تجربة المبتعثين تجربة "متعب الشمري" طالب مبتعث على حسابه الخاص في أستراليا مع السفارة السعودية هناك موفقة، وإن كان يرى أن التعامل من قبلهم مبني على اجتهادات شخصية وليست تنظيمية، إلاّ أنه يرى أن السفارة بذلت الكثير من الجهود المثمرة في تواصلها الفاعل مع المواطنين السعوديين، حيث كان يحرص السفير على استضافة المواطنين في أستراليا في بيته بشكل دوري كل شهر، كما ينسق لتلك الاجتماعات في شهر رمضان المبارك حتى يكون هناك تواصل إنساني جيد بين المتغربين، إلاّ أن المشكلة تكمن في الخذلان الذي يشعر به موظفو السفارة - سواء من المثبتين أو غير المثبتين - فيتقاضون أجوراً قليلة مقارنة لأجور الموظفين في السفارات غير السعودية، مما يجعل تعاطي البعض منهم مع المواطنين المترددين على السفارة غير مرضٍ، مشيراً إلى المشكلة الموجودة في بعض منسوبي السفارة تكمن في عدم وجود الموظف ذي الخبرة والإمكانات الجيدة حتى أن منهم من لايتقن أي لغة، وربما ليس لديه خلفية عن لغة الدولة الموجودة فلا يحسن التعامل إلا بالعربية؛ مما يتسبب في إعاقة التواصل بين السفارة وبين أي قطاع في الدولة يحتاج إليه المواطن، ولذلك يلاحظ وجود "تخبط" فيما يتعلق بموظفي السفارة.
سياح في إحدى ساحات «السولدير» وسط بيروت يستمتعون بإجازاتهم الصيفية «ارشيف الرياض»
غياب التواصل ودعا "الشمري" إلى ضرورة اهتمام السفارة بربط المواطنين السعوديين في الخارج ببعضهم لبعض حتى يكون هناك تواصل فاعل فيما بينهم، حيث عاش في استراليا لأكثر من ثلاث سنوات لم يكن يعرف خلالها سعودي واحد يعيش هناك، حيث تقدم للسفارة وزودهم بأرقامه الخاصة في حالة عثر على مواطن سعودي يدرس في ذات المنطقة دون جدوى، فالسفارة ليس لديها قائمة بعدد المتواجدين وأرقامهم، كما لايوجد دور بارز في مساعدة المبتعث في الخارج على التخلص من الاستغلال المادي الذي يواجهه من قبل ملاك الشقق والمساكن، فقد خسر ثمانية آلاف ريال؛ بسبب تعرضه لعملية نصب من قبل إحدى ملاك المساكن، وحينما لجأ إلى السفارة وقدم أوراقه إلى سكرتيرة السفير بقيت الأوراق في أدراجها قرابة الستة أشهر دون أن يحدث بها شيء، مما دفعه إلى توفير سكن مناسب، حيث تعتبر السفارة بأنها غير معنية بشكل مباشر بتقديم تلك الخدمات للمواطن. العنزي: ضغوطات العمل تحد من تفاعلهم تفاوت بين السفارات أما "مطشر العنزي" فيرى أن علاقة الطالب المبتعث في الخارج تتبلور حول الملحقية الثقافية أكثر من السفارة، فلا يوجد علاقة قريبة ومباشرة بين السفارة وبين الطلاب المبتعثين؛ لأن الملحقية الثقافية هي الجزء التابع للسفارة، موضحاً أن دور السفارة ومدى تقديمها للخدمات بشكل جيد يختلف من دولة لأخرى، فهناك بعض السفارات عليها ضغوطات كبيرة من قبل المواطنين المغتربين، وهناك بعض السفارات لديها سعة بحيث تتعرض إلى عدد قليل من المواطنين في الخارج، فالتعاطي مع حل مشاكلهم أسرع وأفضل من غيرها من السفارات، خاصة فئة الشباب، حيث تصدر منهم سلوكيات غير مسئولة فيقعون في إشكاليات مخجلة، فالسفارة تتعاون بحدود تلك المشكلة وذلك مالا يستوعبه المواطن.
تقصير السفارة والمواطن معاً وقال: إن المواطن له الأولوية في السفارات السعودية، فحينما يلجأ إليها فأنه سيجد التعاون من قبلهم، إلاّ أن ازدياد حجم الضغوطات على السفارة قد يحد من تفاعلها، وربما لوحظ أن السفارات التي تقطن في الدول الأوروبية والأجنبية بصفة عامة أفضل في تعاطيها مع المواطن من السفارات الموجودة في الدول العربية والخليجية، وذلك أمر ملحوظ لدى الجميع، فالتقصير موجود من قبل السفارة وكذلك المواطن الذي يرغب أحياناً بأن تتجاوز السفارة أنظمة البلد من أجل حل مشكلته الخاصة وذلك غير منطقي. م.الحميدان: ينقصنا المواطن الواعي أمام المغريات سلبية موظف! ويتحدث "م.سلمان الطلعان" عن المشكلة التي حدثت له في إحدى الدول والتي تعرض فيها إلى موقف صعب، حيث تعرض الفندق الذي يقطن فيه إلى انفجار فكان هناك استنفار للحالة الأمنية في المنطقة، وقد أتصل بالسفارة هناك وطلب من الموظف الذي رد عليه أن يساعده، إلاّ أن الموظف أبدى تذمره من الاتصال وطلب منه أن يزوده بأي معلومات عن مجريات مايحدث فرفض، ثم طلب منه مساعدته في إجراء اتصال خارج الدولة؛ لأنه ليس لديه "صفر دولي" فرد الموظف "ليس لدينا صفر دولي في السفارة" -وهذا غير معقول-، حتى اتصل ببعض من يعرفهم خارج المنطقة واستطاعوا مساعدته للخروج من تلك المنطقة بسلام، مطالباً السفارات السعودية التأكيد على المواطنين فيما يتعلق بتسجيل جوازاتهم لدى السفارة، كما لابد من إيجاد وحدة بيانات لدى السفارة مزودة بجميع أسماء القاطنين من المواطنين في تلك الدولة حتى يسهل متابعتهم، كما يجب أن تتابع الأوضاع الأمنية في المنطقة وإعلامها للمواطن، و أن تسعى إلى تبصير المواطن بأنظمة الدولة التي يزورها حتى يكون ملماً بماهو مسموح به وماهو ممنوع، متمنياً فيما لوتم توفير عدة قنصليات في مناطق عدة حتى يسهل على المواطن متابعة أموره، خاصة مع صعوبة الوصول لبعض المناطق الموجودة بها القنصلية.
أم تلتقط صورة لطفلها في لحظة وعي واستمتاع معاً
ينقصنا المواطن الواعي ويجد "م.عبد العزيز الحميدان" تجربة السفارة في بعض المناطق فاعلة فيما يخص الطلاب المبتعثين، خاصة في أستراليا، محملاً المواطن جزءاً من مسئولية إخفاق نجاح العلاقة بين المواطن وبين السفارة، حيث يسافر المواطن دون أن يكون ملم بأنظمة الدولة التي يسافر إليها وظروفها الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، فلابد أن يقرأ المواطن عن كل مايهمه في تلك الدولة حتى يتجنب الأخطاء التي قد لاتساعده السفارة ذاتها في حلها، فالمواطن الواعي هو ماينقصنا. رجال الأعمال وعلى الرغم من الملاحظات التي يبديها بعض المواطنين في تجاربهم مع السفارات في الخارج، إلاّ أنه يبدو بأن تلك الملاحظات تتقلص لدى رجال الأعمال الذين يجدون الكثير من التعامل والتواصل الجيد والمميز من قبل السفارات. يقول رئيس الغرف التجارية ومجلس الغرفة السعودية بجدة سابقاً "صالح التركي" أنه يلاحظ أن السفارات السعودية في الدول الأوروبية تتميز عن غيرها من السفارات بالخدمة التي تقدمها ومعظمها في تلك المناطق كانت داعمة في الغرف العربية المشتركة، فالسعودية كانت العنصر الأساسي فيها ودور السفراء السعوديين بها جداً نشيط سواء أكان ذلك في بريطانيا أم فرنسا، وتلك السفارات التي تعاملت معها كان تعاملاً فاعلاً ومتعاوناً، لذلك يمكن أن أقول بأن التعامل مع مجلس الغرف ووزارة الخارجية كان جداً مميزاً في تلك الفترة، مما أنعكس ذلك إيجاباً على علاقة رجال الأعمال في الخارج، لذلك لا أعتقد بأن يمتد دور السفارات السعودية بأن تؤسس مراكز لرجال الأعمال في الخارج، فهناك ملحق تجاري في معضم السفارات، وذلك يكفي للقيام بشؤون رجال الأعمال، فذلك ليس هدفاً، فحينما كنت رئيس لمجلس الغرف كان الهدف بالنسبة لي في الاتفاقيات الثنائية أو العلاقات المشتركة مع الجهات الرسمية، وذلك فعلا كان مميزاً وفاعلاً، أما الخدمات الشخصية التي يطالب من أجلها بإقامة مركز خاص برجال الأعمال في الخارج فأعتقد بأنه غير مجدٍ؛ لأن رجل الأعمال حينما يسافر إلى بلد فإنه يذهب كأي مواطن عادي، أما العمل المؤسسي الذي يجمعنا مع وزارة الخارجية مبنية على الغرف التجارية المشتركة أو مجالس الأعمال، لذلك الحكم بالنسبة لي ينطلق من هنا، ومن غير المنطق أن تقوم السفارات السعودية بخدمة رجال الأعمال في أمورهم الخاصة، ولكن المهم أن تقدم السفارة الخدمة الكاملة لقطاع الأعمال وليس لأفراد العامة. السويكت: نوع المشكلة يحدد حجم التدخل وتوقيته الملحق التجاري ويقول رجل الأعمال "إبراهيم أفندي" أن السفارات الأوروبية والآسيوية والأمريكية، حينما ننظر للملحق التجاري الذي فيها والكيفية التي ينطلقون منها فإنها مثمرة جداً، خاصة فيما يتعلق بمصالح بلادهم والطريقة التي يحرصون بها على خدمة البلد والسعي الدائم إلى عقد اللقاءات والدعوات وحضور المناسبات، فهل ذلك يمكن الجزم به على أنه متحقق في السفارات السعودية؟. وأضاف: من خلال سفري الدائم لا أعرف حقيقة إن كانت السفارات السعودية تؤدي جميع تلك الخدمات لمواطنيها أم لا، فهناك بعض الدول لمست الدور الكبير الذي قام به السفير والسفارة والذي يستحق التقدير، ولكن هل ذلك القدر من التميز معمم على جميع السفارات السعودية على تعددها في الدول؟، ذلك أمر لايمكن الجزم به. فروقات التعامل ويرى رجل الأعمال "راشد السويكت" أن التعاون مع السفارات السعودية يصبح فاعلاً، ويعطي النتائج المطلوبة حينما يحرص المواطن على الاتصال بالرجل المناسب في السفارة، ويكون المواطن أيضاً هو الرجل المناسب كما حدث في تعاونه مع السفارة في الخارج، حيث لاحظ وجود تعاون كبير من قبلهم مع رجال الأعمال، إلا أنه من أكثر الأمور التي لابد أن تتنبه لها السفارات حتى يكون دورها مع رجال الأعمال والمستثمرين فاعلاً أكثر بأن يكون هناك تنسيق مع الغرف التجارية برغبات رجال الأعمال والسؤال المهم هل هم يؤدون عملهم الدبلوماسي فقط؟، فلابد من المبادرة التي لاتكون من قبلهم فقط، بل لابد أن تكون أيضاً من مجلس الغرف السعودية بإيضاح رغبات ومتطلبات رجال الأعمال فليس من المتوقع أن يكون عمل السفارة يتضمن الاتصال بالتجار لتتعرف على خدماتهم، بل إن ذلك مسئولية مجلس الغرف السعودية، معتقداً أن رجال الأعمال ينقصهم التنسيق مع السفارات السعودية، إلا أن ذلك التنسيق لابد أن يكون بشكل جماعي، حيث من الممكن أن يمثل رجل أعمال واحد مجموعة من رجال الأعمال بالحديث عن خدماتهم بشكل عام وليس الحديث عن خدماته الشخصية، أما فيما يخص التعاون فملحوظ بشكل كبير من قبل السفارات مع رجل الأعمال وربما يحدث القصور، والمتمثل في صدور بعض السلوكيات غير اللائقة من موظفي السفارة غير السعوديين، أما عن مستوى الخدمة الجيدة التي عادة ماتقدمها السفارة لرجال الأعمال والتي يثنون عليها المستثمرين والتي تختلف عن رؤية المواطن العادي فيشير "راشد السويكت" إلى أن ذلك ربما يعود إلى أن رجل الأعمال يلجأ للسفارة من أجل الاستثمار وقضاء حاجته كحضور اجتماع أو غيره فيقدرون ذلك منه، أما المواطن يلجأ للسفارة حينما يتعرض للمشاكل من استنفاذه لأمواله الخاصة، فيلجأ للسفارة لمساعدته أو وقوعه في مشكلة ما قد لاتتحمس السفارة لمساعدته؛ بسبب نوع المشكلة غير الجديرة بالتدخل، وربما تفوقت بعض السفارات الأخرى غير السعودية على سفارتنا في بعض الخدمات الصحية التي تقدمها للمواطن والتي لاتجد اهتماماً كبيراً من قبل السفارات السعودية في الخارج.
July 2nd, 2010, 08:14 PM
مواطنون على أبواب السفارة.. من يعيد الثقة؟ (1-3)خطاب المليك قرع جرس الإنذار أمام السفراء..«احترموا المواطن يحترمنا العالم»
لقطة جماعية لسفراء المملكة خلال اجتماعهم قبل ثلاثة أشهر
الخبر ، تحقيق- عبير البراهيم
لم تستطع شكاوى وملاحظات بعض المواطنين في الخارج، من إنهاء الفجوة تجاه القصور الذي يجدونه من بعض السفارات السعودية، خاصة فيما يتعلق بالمشاكل والظروف التي يمرون بها - وإن كان ذلك لايعمم على جميع السفارات -، إلاّ أنه من الواضح أن خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي وجهه للسفراء ورؤساء بعثات المملكة في الخارج ووكلاء وزارة الخارجية بمثابة التنبيه والتحذير بأهمية فتح أبواب السفارات أمام المواطنين، واستقبال شكاواهم، حيث قال -حفظه الله- في اجتماع السفراء الدوري الثاني "أي فرد يأتيكم مهما كان اعرفوا أنه من الشعب السعودي، وأنا من الشعب السعودي وهو ابني وأخي لاتقولوا هذا ماله قيمة، إياي وإياكم، قدروهم واحترموهم لتحترمنا الشعوب..
تفاوت في التطبيق والمبادرة على أساس شخصي أكثر منه تنظيمي
أنا أسمع ولا أتهم إن شاء الله أن بعض السفارات تغلق أبوابها وهذا مايجوز أبداً أبداً، لازم تفتحون أبوابكم وصدوركم وتوسعون أخلاقكم للشعب السعودي".. بتلك الكلمات الصادقة منه -رعاه الله- تكشفت حقيقة القصور الموجود من بعض السفارات التي تغلق أبوابها أمام المواطنين السعوديين الذين يجدون بأن خطاب الملك بداية المطالبات بالتغيير والرؤية التي ينشدون تحقيقها لدى السفارات..
تنوعت تجارب بعض المواطنين مع السفارات السعودية في الخارج بين الإيجابي والسلبي، وقد وجد البعض منهم بأن هناك تعاطياً غير مدروس من قبل بعض السفارات التي وصفوها بأنها تقوم في ذلك التعاطي على الاجتهادات الشخصية، في حين ثمّن البعض منهم بعض تجارب السفارات خاصة في الدول الأوروبية لتجيء مخالفة للتجارب الموجودة في بعض الدول العربية، فمالسر خلف ذلك التفاوت الملحوظ؟، وماهي التجارب التي من خلالها قيّم بعض المواطنين مستوى الخدمة المقدمة من بعض السفارات؟، وماهي مطالباتهم التي يأملون أن تعيد لهم الثقة التي غابت عند البعض؟، ومن أين بدأت الفجوة بين المواطن والسفارة؟، وهل هي في مستوى الخدمة المقدمة أم في كيفية التعامل مع المشاكل التي يمر بها المواطن في الخارج؟.
أسئلة كثيرة رصدتها "الرياض"، ووضعتها على طاولة النقاش مع المواطنين والمختصين والمسؤولين على ثلاث حلقات متتالية.
وصف الواقع
وتبرز جملة من المشاكل التي يعانيها المواطن في الخارج، ويعتقد أن سفارة بلاده لم تقف معه، ومن ذلك قضايا النصب والاحتيال، ومخالفة الأنظمة -جهلاً وربما تجاهلاً-، وتأمين محامي للدفاع عنه، وتقديم مصروف مالي في حال الحاجة إلى ذلك، وتوعيته قبل القدوم. وعلى الرغم من أن سفارات المملكة تمارس هذه الأدوار، إلاّ أن هناك تفاوتاً في التطبيق والمبادرة، على أساس ربما شخصي أكثر منه عمل مؤسسي منظم!، ولذا يشعر بعض المواطنين أنهم فاقدوا الثقة في سفارات بلادهم، وأن ليس بوسعهم عمل لهم أي شيء، وهذا الاعتقاد الذي يفترض أن يكون خاطئاً غذّته كثير من المواقف والأحداث التي مروا بها، فهذا شاب جهل بالأنظمة وتجاوزت حريته الشخصية إلى الآخرين، ووجد نفسه في قبضة رجال الأمن، وبحث عن محامٍ ولم يجد في حينه، وربما ولا بعد حين، وذاك شاب آخر مورس عليه عملية نصب في سكن أو من سائق أجرة، وصاح بأعلى صوته عن من يعيد إليه حقوقه ولم يجد أحداً، ورجل ثالث لم يكن يتوقع عجزاً في ميزانيته، وذهب إلى السفارة ووجد أن عجز "إعانة المنقطعين" أكثر عجزاً منه.
الشمري: معظم العاملين في السفارات محبطون.. و«جلد الذات» غير مجدٍ
وتحمل السفارات السعودية في الخارج المسؤولية على المواطن، وهي كذلك دون شك، ولكن يجب أن تتخلى عن "جلد الذات" في هذا الوقت، وتعالج المشكلة، وتخلص المواطن من ورطته، ثم تتخذ بحقه الإجراءات النظامية، ومنها تبليغ الجهات المعنية في المملكة لاتخاذ ما تراه مناسباً، ومن ذلك المنع من السفر.
تجربة المبتعثين
تجربة "متعب الشمري" طالب مبتعث على حسابه الخاص في أستراليا مع السفارة السعودية هناك موفقة، وإن كان يرى أن التعامل من قبلهم مبني على اجتهادات شخصية وليست تنظيمية، إلاّ أنه يرى أن السفارة بذلت الكثير من الجهود المثمرة في تواصلها الفاعل مع المواطنين السعوديين، حيث كان يحرص السفير على استضافة المواطنين في أستراليا في بيته بشكل دوري كل شهر، كما ينسق لتلك الاجتماعات في شهر رمضان المبارك حتى يكون هناك تواصل إنساني جيد بين المتغربين، إلاّ أن المشكلة تكمن في الخذلان الذي يشعر به موظفو السفارة - سواء من المثبتين أو غير المثبتين - فيتقاضون أجوراً قليلة مقارنة لأجور الموظفين في السفارات غير السعودية، مما يجعل تعاطي البعض منهم مع المواطنين المترددين على السفارة غير مرضٍ، مشيراً إلى المشكلة الموجودة في بعض منسوبي السفارة تكمن في عدم وجود الموظف ذي الخبرة والإمكانات الجيدة حتى أن منهم من لايتقن أي لغة، وربما ليس لديه خلفية عن لغة الدولة الموجودة فلا يحسن التعامل إلا بالعربية؛ مما يتسبب في إعاقة التواصل بين السفارة وبين أي قطاع في الدولة يحتاج إليه المواطن، ولذلك يلاحظ وجود "تخبط" فيما يتعلق بموظفي السفارة.
سياح في إحدى ساحات «السولدير» وسط بيروت يستمتعون بإجازاتهم الصيفية «ارشيف الرياض»
غياب التواصل
ودعا "الشمري" إلى ضرورة اهتمام السفارة بربط المواطنين السعوديين في الخارج ببعضهم لبعض حتى يكون هناك تواصل فاعل فيما بينهم، حيث عاش في استراليا لأكثر من ثلاث سنوات لم يكن يعرف خلالها سعودي واحد يعيش هناك، حيث تقدم للسفارة وزودهم بأرقامه الخاصة في حالة عثر على مواطن سعودي يدرس في ذات المنطقة دون جدوى، فالسفارة ليس لديها قائمة بعدد المتواجدين وأرقامهم، كما لايوجد دور بارز في مساعدة المبتعث في الخارج على التخلص من الاستغلال المادي الذي يواجهه من قبل ملاك الشقق والمساكن، فقد خسر ثمانية آلاف ريال؛ بسبب تعرضه لعملية نصب من قبل إحدى ملاك المساكن، وحينما لجأ إلى السفارة وقدم أوراقه إلى سكرتيرة السفير بقيت الأوراق في أدراجها قرابة الستة أشهر دون أن يحدث بها شيء، مما دفعه إلى توفير سكن مناسب، حيث تعتبر السفارة بأنها غير معنية بشكل مباشر بتقديم تلك الخدمات للمواطن.
العنزي: ضغوطات العمل تحد من تفاعلهم
تفاوت بين السفارات
أما "مطشر العنزي" فيرى أن علاقة الطالب المبتعث في الخارج تتبلور حول الملحقية الثقافية أكثر من السفارة، فلا يوجد علاقة قريبة ومباشرة بين السفارة وبين الطلاب المبتعثين؛ لأن الملحقية الثقافية هي الجزء التابع للسفارة، موضحاً أن دور السفارة ومدى تقديمها للخدمات بشكل جيد يختلف من دولة لأخرى، فهناك بعض السفارات عليها ضغوطات كبيرة من قبل المواطنين المغتربين، وهناك بعض السفارات لديها سعة بحيث تتعرض إلى عدد قليل من المواطنين في الخارج، فالتعاطي مع حل مشاكلهم أسرع وأفضل من غيرها من السفارات، خاصة فئة الشباب، حيث تصدر منهم سلوكيات غير مسئولة فيقعون في إشكاليات مخجلة، فالسفارة تتعاون بحدود تلك المشكلة وذلك مالا يستوعبه المواطن.
تقصير السفارة والمواطن معاً
وقال: إن المواطن له الأولوية في السفارات السعودية، فحينما يلجأ إليها فأنه سيجد التعاون من قبلهم، إلاّ أن ازدياد حجم الضغوطات على السفارة قد يحد من تفاعلها، وربما لوحظ أن السفارات التي تقطن في الدول الأوروبية والأجنبية بصفة عامة أفضل في تعاطيها مع المواطن من السفارات الموجودة في الدول العربية والخليجية، وذلك أمر ملحوظ لدى الجميع، فالتقصير موجود من قبل السفارة وكذلك المواطن الذي يرغب أحياناً بأن تتجاوز السفارة أنظمة البلد من أجل حل مشكلته الخاصة وذلك غير منطقي.
م.الحميدان: ينقصنا المواطن الواعي أمام المغريات
سلبية موظف!
ويتحدث "م.سلمان الطلعان" عن المشكلة التي حدثت له في إحدى الدول والتي تعرض فيها إلى موقف صعب، حيث تعرض الفندق الذي يقطن فيه إلى انفجار فكان هناك استنفار للحالة الأمنية في المنطقة، وقد أتصل بالسفارة هناك وطلب من الموظف الذي رد عليه أن يساعده، إلاّ أن الموظف أبدى تذمره من الاتصال وطلب منه أن يزوده بأي معلومات عن مجريات مايحدث فرفض، ثم طلب منه مساعدته في إجراء اتصال خارج الدولة؛ لأنه ليس لديه "صفر دولي" فرد الموظف "ليس لدينا صفر دولي في السفارة" -وهذا غير معقول-، حتى اتصل ببعض من يعرفهم خارج المنطقة واستطاعوا مساعدته للخروج من تلك المنطقة بسلام، مطالباً السفارات السعودية التأكيد على المواطنين فيما يتعلق بتسجيل جوازاتهم لدى السفارة، كما لابد من إيجاد وحدة بيانات لدى السفارة مزودة بجميع أسماء القاطنين من المواطنين في تلك الدولة حتى يسهل متابعتهم، كما يجب أن تتابع الأوضاع الأمنية في المنطقة وإعلامها للمواطن، و أن تسعى إلى تبصير المواطن بأنظمة الدولة التي يزورها حتى يكون ملماً بماهو مسموح به وماهو ممنوع، متمنياً فيما لوتم توفير عدة قنصليات في مناطق عدة حتى يسهل على المواطن متابعة أموره، خاصة مع صعوبة الوصول لبعض المناطق الموجودة بها القنصلية.
أم تلتقط صورة لطفلها في لحظة وعي واستمتاع معاً
ينقصنا المواطن الواعي
ويجد "م.عبد العزيز الحميدان" تجربة السفارة في بعض المناطق فاعلة فيما يخص الطلاب المبتعثين، خاصة في أستراليا، محملاً المواطن جزءاً من مسئولية إخفاق نجاح العلاقة بين المواطن وبين السفارة، حيث يسافر المواطن دون أن يكون ملم بأنظمة الدولة التي يسافر إليها وظروفها الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، فلابد أن يقرأ المواطن عن كل مايهمه في تلك الدولة حتى يتجنب الأخطاء التي قد لاتساعده السفارة ذاتها في حلها، فالمواطن الواعي هو ماينقصنا.
رجال الأعمال
وعلى الرغم من الملاحظات التي يبديها بعض المواطنين في تجاربهم مع السفارات في الخارج، إلاّ أنه يبدو بأن تلك الملاحظات تتقلص لدى رجال الأعمال الذين يجدون الكثير من التعامل والتواصل الجيد والمميز من قبل السفارات.
يقول رئيس الغرف التجارية ومجلس الغرفة السعودية بجدة سابقاً "صالح التركي" أنه يلاحظ أن السفارات السعودية في الدول الأوروبية تتميز عن غيرها من السفارات بالخدمة التي تقدمها ومعظمها في تلك المناطق كانت داعمة في الغرف العربية المشتركة، فالسعودية كانت العنصر الأساسي فيها ودور السفراء السعوديين بها جداً نشيط سواء أكان ذلك في بريطانيا أم فرنسا، وتلك السفارات التي تعاملت معها كان تعاملاً فاعلاً ومتعاوناً، لذلك يمكن أن أقول بأن التعامل مع مجلس الغرف ووزارة الخارجية كان جداً مميزاً في تلك الفترة، مما أنعكس ذلك إيجاباً على علاقة رجال الأعمال في الخارج، لذلك لا أعتقد بأن يمتد دور السفارات السعودية بأن تؤسس مراكز لرجال الأعمال في الخارج، فهناك ملحق تجاري في معضم السفارات، وذلك يكفي للقيام بشؤون رجال الأعمال، فذلك ليس هدفاً، فحينما كنت رئيس لمجلس الغرف كان الهدف بالنسبة لي في الاتفاقيات الثنائية أو العلاقات المشتركة مع الجهات الرسمية، وذلك فعلا كان مميزاً وفاعلاً، أما الخدمات الشخصية التي يطالب من أجلها بإقامة مركز خاص برجال الأعمال في الخارج فأعتقد بأنه غير مجدٍ؛ لأن رجل الأعمال حينما يسافر إلى بلد فإنه يذهب كأي مواطن عادي، أما العمل المؤسسي الذي يجمعنا مع وزارة الخارجية مبنية على الغرف التجارية المشتركة أو مجالس الأعمال، لذلك الحكم بالنسبة لي ينطلق من هنا، ومن غير المنطق أن تقوم السفارات السعودية بخدمة رجال الأعمال في أمورهم الخاصة، ولكن المهم أن تقدم السفارة الخدمة الكاملة لقطاع الأعمال وليس لأفراد العامة.
السويكت: نوع المشكلة يحدد حجم التدخل وتوقيته
الملحق التجاري
ويقول رجل الأعمال "إبراهيم أفندي" أن السفارات الأوروبية والآسيوية والأمريكية، حينما ننظر للملحق التجاري الذي فيها والكيفية التي ينطلقون منها فإنها مثمرة جداً، خاصة فيما يتعلق بمصالح بلادهم والطريقة التي يحرصون بها على خدمة البلد والسعي الدائم إلى عقد اللقاءات والدعوات وحضور المناسبات، فهل ذلك يمكن الجزم به على أنه متحقق في السفارات السعودية؟. وأضاف: من خلال سفري الدائم لا أعرف حقيقة إن كانت السفارات السعودية تؤدي جميع تلك الخدمات لمواطنيها أم لا، فهناك بعض الدول لمست الدور الكبير الذي قام به السفير والسفارة والذي يستحق التقدير، ولكن هل ذلك القدر من التميز معمم على جميع السفارات السعودية على تعددها في الدول؟، ذلك أمر لايمكن الجزم به.
فروقات التعامل
ويرى رجل الأعمال "راشد السويكت" أن التعاون مع السفارات السعودية يصبح فاعلاً، ويعطي النتائج المطلوبة حينما يحرص المواطن على الاتصال بالرجل المناسب في السفارة، ويكون المواطن أيضاً هو الرجل المناسب كما حدث في تعاونه مع السفارة في الخارج، حيث لاحظ وجود تعاون كبير من قبلهم مع رجال الأعمال، إلا أنه من أكثر الأمور التي لابد أن تتنبه لها السفارات حتى يكون دورها مع رجال الأعمال والمستثمرين فاعلاً أكثر بأن يكون هناك تنسيق مع الغرف التجارية برغبات رجال الأعمال والسؤال المهم هل هم يؤدون عملهم الدبلوماسي فقط؟، فلابد من المبادرة التي لاتكون من قبلهم فقط، بل لابد أن تكون أيضاً من مجلس الغرف السعودية بإيضاح رغبات ومتطلبات رجال الأعمال فليس من المتوقع أن يكون عمل السفارة يتضمن الاتصال بالتجار لتتعرف على خدماتهم، بل إن ذلك مسئولية مجلس الغرف السعودية، معتقداً أن رجال الأعمال ينقصهم التنسيق مع السفارات السعودية، إلا أن ذلك التنسيق لابد أن يكون بشكل جماعي، حيث من الممكن أن يمثل رجل أعمال واحد مجموعة من رجال الأعمال بالحديث عن خدماتهم بشكل عام وليس الحديث عن خدماته الشخصية، أما فيما يخص التعاون فملحوظ بشكل كبير من قبل السفارات مع رجل الأعمال وربما يحدث القصور، والمتمثل في صدور بعض السلوكيات غير اللائقة من موظفي السفارة غير السعوديين، أما عن مستوى الخدمة الجيدة التي عادة ماتقدمها السفارة لرجال الأعمال والتي يثنون عليها المستثمرين والتي تختلف عن رؤية المواطن العادي فيشير "راشد السويكت" إلى أن ذلك ربما يعود إلى أن رجل الأعمال يلجأ للسفارة من أجل الاستثمار وقضاء حاجته كحضور اجتماع أو غيره فيقدرون ذلك منه، أما المواطن يلجأ للسفارة حينما يتعرض للمشاكل من استنفاذه لأمواله الخاصة، فيلجأ للسفارة لمساعدته أو وقوعه في مشكلة ما قد لاتتحمس السفارة لمساعدته؛ بسبب نوع المشكلة غير الجديرة بالتدخل، وربما تفوقت بعض السفارات الأخرى غير السعودية على سفارتنا في بعض الخدمات الصحية التي تقدمها للمواطن والتي لاتجد اهتماماً كبيراً من قبل السفارات السعودية في الخارج.
السجن نهاية تجاوز الأنظمة في الخارج