الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

استفسار هل هناك عمر معين لمن يدرس على حسابه الخاص ويرغب في الالتحاق بالبعثة بكالوريوس؟

استفسار هل هناك عمر معين لمن يدرس على حسابه الخاص ويرغب في الالتحاق بالبعثة بكالوريوس؟


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 4252 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله باكير
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    إخوتي الكرام

    أنا عمري 38 سنة وحالياً على وشك التخرج من معهد تقني خاص بشهادة دبلوم عالي، وودي أدرس على حسابي الخاص، هل الانضمام للبعثة مرتبط بعمر معين؟

    أفيدوني مشكورين

    أخوكم..عبدالله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    لكل من اطلع ورد على استفساراتي وحفزني ودعا لي بالتوفيق أشكركم جزيل الشكر، وأود إبلاغكم بأنه ولله الحمد والمنة قد تم الحاقي بعضوية البعثة قبل عدة أسابيع بعد أن تم رفض طلبي ست مرات.

    ورسالتي لكل طموح، لا تيأس وحاول واستعن بالله أولاً وأخيراً ولاتركن للواسطة وربنا سبحانه سيحقق مرادك.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أخوكم/عبدالله باكير ..
    7 "
  2. المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غيمة شجن
    ماشاء الله تبارك الله الف مبروك عيني دمعت حسيت معنى التفائل الحقيقي بالحياة في موضوعك وفقك الله
    الله يبارك فيكي أختي، اللهم آمين ويوفقك ويوفق جميع الساعين في طلب العلم.
    7 "
  3. قصتي

    لقد ترددت كثيراً في الكتابة عن تجربتي العملية والقدوم بعد ذلك للدراسة في أمريكا وما رافق ذلك من صعوبات لحين تم إلحاقي للبعثة وبداية دراستي الفعلية في الجامعة، إلا أنني عزمت على تسطيرها علها تلهم شخصاً محبطاً أو يائساً فيستعيد أمله وتتوقد بين ضلوعه نار الحماسة من جديد.

    ما قبل فكرة أمريكا

    تخرجت في عام 1995م من الثانوية العامة والتحقت بجامعة الملك عبدالعزيز بكلية تصاميم البيئة مطلع العام 1996م، وبعد دراسة فصلين دراسيين في هذه الكلية اتخذت قراري بالتحويل منها إلى كلية الاقتصاد والإدارة فلم أكن أرى من جدوى لدراستي مدة ست سنوات على الأقل في تخصص الهندسة المعمارية وبعد تخرجي منه في أحسن الأحوال سأعمل رساماً معمارياً لدى الأمانة براتب شهري لا يتجاوز 2800 ريال سعودي.

    وبالفعل تم التحويل لكلية الاقتصاد والإدارة بعد إنهائي للفصل الدراسي الثالث بكلية تصاميم البيئة لأدرس في الكلية الجديدة فصلاً دراسياً واحداً تذوقت فيه ظلم أحد أعضاء هيئة التدريس ورأيت تخبط البعض منهم ولا وجود لقانون يحمي الطالب في تلك الفترة من ظلم المحاضر فعضو هيئة التدريس هو الخصم والجلاد والحكم ولا يحاسبه مدير القسم أو حتى مدير الجامعة، ولذا تركت الانتظام بالجامعة وانتقلت للدراسة بنظام الانتساب لعل تجربتي تتجه للأفضل، وقد التحقت بعدها بركب العاملين في إدارة الخدمات المصرفية الإسلامية بالبنك الأهلي التجاري، حيث كان هناك شواغر لخريجي الثانوية العامة والجامعيين بتخصصات إدارية وتقنية معلومات.

    كان التحاقي بالبنك الأهلي كمتدرب في الربع الأخير من عام 1997م، وبعد تميزي ببرنامج السعودة وتحقيقي للترتيب الأول على الدفعة تم تثبيتي على رأس العمل صرافاً بأحد الفروع التابعة للمصرفية الإسلامية في الربع الثالث من العام 1998م، ولله الحمد فبعد توفيقه سبحانه ثم برغبتي الجادة في اتقان ما أفعله ترقيت إلى عدة وظائف بالبنك الأهلي في الفترة من 1998م إلى 2006م، حيث ترقيت إلى موظف خدمات عملاء ثم مشرفاً لخدمات العملاء ومارست دور مدير العمليات بالإنابة، ثم أصبحت قائد منطقة لفريق مشروع تطوير خدمات الوسام بمجموعة من فروع بمدينة جدة ثم قائداً لفريق مشروع تطوير خدمات الوسام للمنطقة الجنوبية بالسعودية، وبعد نهاية عملي بالمشروع تم تعييني مديراً لأحد الفروع فئة "ب" بمدينة جدة. وخلال تلك الفترة ضمن عملي بالمصرفية الإسلامية كنت قد كونت نفسي وتزوجت ولله الحمد ورزقت بابن ثم ابنة.

    في الربع الثاني من العام 2006م قدمت استقالتي من البنك الأهلي لأبدأ عملي مع معلمي وأخي الأكبر في تطوير المشاريع والخدمات للمنظمات الخيرية والغير ربحية، حيث كان يعمل آنذاك على تطوير إحدى المنتجات الوقفية وقد عملنا عدة أشهر دون وجود عوائد مالية مجزية وتحت وطأة ضغط عمل شديدة جعلتني أفكر جدياً في صحة قراري حول توجهي للعمل الخاص، وسرعان ما بحثت عن سبيل آخر لتخفيف حجم الضغط علي وعلى أخي الذي كان يشعر بمسؤولية كبيرة تجاهي وتجاه أسرتي، وقد رأيت آنذاك أن السفر وتطوير لغتي ودراسة دورات متخصصة في الاستثمار والتخطيط المالي من شأنها أن تعزز من فرصي في الحصول على مناصب أفضل. وبناء على ذلك أقنعت زوجتي بالتقديم في برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي.

    تقدمنا بطلب الدراسة في دولة ماليزيا حيث كانت أول دفعة يتم إرسالها لتلك الدولة، وجاءت الموافقة وقبول الجامعة من قبل الوزارة وذهبنا لماليزيا في الربع الثاني من العام 2007م، ثم الحقت معها بعضوية البعثة بعد عدة أشهر، إلا أن التجربة لم تتكلل بالنجاح وذلك لعدة أسباب كان أهمها أن ماليزيا لم تكن مهيأة لاستقبال الطلبة الدوليين، فقد درست زوجتي برنامج اللغة الإنجليزية لمدة سنة لتفاجأ بأن تخصصها الذي حصلت على قبولها فيه لم يكن موجوداً بالجامعة إضافة إلى أن دراستها في برنامج الماجستير معظمها ستكون بلغة الباهاسا (اللغة الماليزية) مما جعل دراسة اللغة الإنجليزية نوعاً من الاستنزاف للوقت خصوصاً وأن الجامعة لم تتطرق من قريب أو بعيد لموضوع اللغة الرسمية للدراسة إلا بعد انتهاء سنة اللغة، والسبب الرئيس الآخر في عدم نجاح التجربة هو أن الملحقية التي تم تأسيسها في ماليزيا خلال الفترة التي تلت ابتعاث أعداد كبيرة من الطلبة السعوديين لم تكن قادرة على التفاعل وحل مشاكل الطلبة المتزايدة مع جامعاتهم فلم تكن مشكلة زوجتي هي الوحيدة من هذا النوع.

    رجعنا للسعودية بعد سنة قضيناها في ماليزيا ويأسنا من تحويل بعثتينا أنا وزوجتي للمملكة المتحدة، بالرغم من سفري شخصياً لجامعة شفيلد وهي سابع أقوى جامعة بالمملكة المتحدة وحصولي على قبول منها لي ولزوجتي، فلا محاولاتنا في الملحقية الثقافية بماليزيا ولا ذهابنا لوزارة التعليم العالي بالرياض عدة مرات أثمر عن نتيجة تذكر فرد الوزارة في كل مرة كان الرفض، فكنت أمام خيارين: إما الاستمرار في هدر وقتنا في ماليزيا أو البقاء في السعودية وأبدأ من جديد، ولذا فقد تقدمت وزوجتي بطلب إيقاف بعثتينا للملحقية وشرعت في البحث عن فرصة للعمل، وسرعان ولله المنة والفضل ما وجدت فرصة جيدة للعمل مع شركة للاستشارات المالية عملت فيها في الفترة من 2008م-2010م مديراً لعلاقة المؤسسات الخيرية والغير ربحية حيث توليت إدارة العلاقة مع عميل حجم محفظته الاستثمارية في حدود 500 مليون ريال معظمها كانت أصول عقارية وتطوير عقاري مما فتح لي الآفاق لتنمية خبرتي الاستثمارية في مجال العقار إضافة لخبراتي السابقة في الاستثمارات المالية.

    مطلع العام 2011م، كان بداية تحولي للعمل الخاص مرة أخرى حيث توجهت للعمل في مجال التطوير العقاري والمقاولات وكان ذلك أيضاً مع أخي الأكبر، ونظراً لظروف السوق فقد ركزت أكثر على مجال المقاولات، وبعد مضي عدة أشهر من عملي كمقاول أدركت مقدار العشوائية الذي يكتنف هذه الصناعة بالرغم من أهميتها، حيث يوجد مئات الآلاف من العمالة السائبة ولا يوجد مراكز لدعم المقاولين الناشئين ولا توجد أنظمة فعالة تحكم صناعة المقاولات والعديد من المقاولين الصغار يعتمدون في اسلوبهم على "الفهلوة" كما يطلق عليها باللهجة العامية، ولذا بدأت في الانتظام بالفترة المسائية بمركز تدريب تقني يقدم دبلوم عالي في تقنية العمارة لأقوم بتطوير معلوماتي وخبرتي من خلال المزج ما بين خبرتي العملية والخبرة النظرية على مدى عامين متواصلين من نهايات عام 2011م وحتى نهاية الربع الثالث من العام 2013م.

    خلال دراستي للسنة الثانية في المعهد مطلع العام 2013م قررت أن أقوم بترك بصمة لي في مجال المقاولات وخدمة وطني بشكل أفضل من خلال تأليفي لكتاب لمساعدة المبتدئين في مجال المقاولات حتى لا يخوضوا في نفس الصعوبات التي مررت بها وتوفيراً لجهودهم وأموالهم، ثم ما لبثت الفكرة أن تبلورت أكثر فأكثر لتتحول إلى فكرة تطوير مشروع لمهنة المقاولات والكتاب سيكون ضمن الأدوات لهذه الخطة التطويرية إضافة إلى إيجاد منصة للتطوير والدعم لعمل المقاولين، حينها فقط نشأت لدي فكرة السفر لأمريكا لتحقيق مجموعة من الأهداف المهنية والشخصية.

    أهداف رحلة أمريكا

    عندما فكرت في الذهاب لأمريكا كانت نظرتي لها كوسيلةً ملائمةً لتحقيق عدة أهداف، فعلى الصعيد المهني كان لدي الطموح للتركيز على أعمال المقاولات التخصصية والعمل مع شركات مرموقة كشركة أرامكو وسعودي أوجيه والكهرباء، ومما لاشك فيه بأن العمل مع مثل هذه الشركات يتطلب مني تخطي عائق اللغة الإنجليزية، إضافةً إلى أن وجودي في أمريكا سيتيح لي فرصة الاطلاع عن كثب على التجربة الأمريكية المتميزة في تنظيم هذه الصناعة وزيارة مقار الجمعيات المهنية ذات العلاقة بنشاط المقاولات كجمعية المقاولين العامين (General Contractors Association)، وجمعية بناة المنازل (Home Builders Association)، وكذلك الهيئات والمنظمات التي تنظم المهن المرتبطة بصناعة المقاولات، مما سيساهم في تنقيح فكرة مشروعي التطويري لمهنة المقاولات كما سيوفر لي الوقت لكي أتمكن من الانتهاء من تأليف كتابي.

    أما على صعيد أهدافي لأسرتي، فولدي وابنتي قد كبرا والحمد لله والاستثمار في سنهما الحالي يعد فرصة سانحة لمساعدتهما في تطوير مهاراتهم الحياتية والعلمية والعملية، إضافةً إلى تطوير لغتهم الإنجليزية التي ستفتح لهم بمشيئة الله آفاق التعلم والمعرفة وكذلك العمل مستقبلاً، فضلاً عن أن السفر سينمي مستوى الإدراك لديهما من خلال الاحتكاك والتعرف على ثقافات أخرى.

    وأخيراً، على مستوى تحصيلي الأكاديمي وإكمال مرحلة البكالوريوس في هندسة الإنشاءات، وهذا مرهون بإمكانية انضمامي لعضوية البعثة بعد الموافقة من وزارة التعليم العالي للدراسة على الحساب الخاص ثم الالحاق بالبعثة.

    التخطيط للرحلة

    لم يكن التخطيط لهذه الرحلة سهلاً، وذلك لوجود عدة تحديات حسية ومعنوية، ففي البداية الأثر النفسي لتجربة ماليزيا كان ومازال في تلك الفترة عالقاً في أذهاننا أنا وزوجتي مما يعد جزءاً من التحدي لهذه التجربة خصوصاً لدى زوجتي والتي بالرغم من أنها كانت تطمح للسفر لأمريكا كسياحة إلا أنه من وجهة نظرها فإن الذهاب لأمريكا لكي أدرس أنا اللغة الإنجليزية لمدة سنة كان محل توجس وقلق، أما العائق الثاني فقد كان الناحية المالية، فلقد كانت لدي مخاوف كبيرة في حال أنه لم يكفي ما لدي من مدخرات وميزانية رصدتها للرحلة خصوصاً وان زوجتي كانت في بداية مرحلة الحمل بطفلنا الثالث وكما هو معلوم بأن تكاليف الخدمات الطبية في أمريكا باهظة الأثمان.

    ليس هذا فحسب، بل كان هناك تحد آخر ومن نوع جديد، فمعظم أفراد عائلتي من الأقربين مني أعربوا عن قلقهم من فكرة السفر لأمريكا ودراسة اللغة بالخارج، بل رأوا الأسوأ من ذلك أن يكون لدي فكرة لدراسة مرحلة البكالوريوس وأنا على أعتاب الثامنة والثلاثين من عمري، وقد سمعتهم مراراً وتكراراً يعلقون ويقولون في كل مرة يتم فيها التطرق لفكرة السفر: "ما الفائدة من دراستك في هذا العمر؟! فلديك العديد من المنجزات التي يفخر بها كل ناجح، وحققت كثيراً من نجاحاتك بالرغم من التحديات التي واجهتها!"، حتى إن والدتي (يحفظها الله) قد أعربت عن قلقها من أنني ربما أمر ببعض من أعراض أزمة منتصف العمر وأنه ربما لدي شعور خفي بالنقص من أقراني قد يكون السبب وراء رغبتي الملحة في الدراسة بالخارج، لقد أشعرني ذلك في البداية بالحزن، فلقد كنت أتوقع منهم ثقة أكبر في منهجيتي في التفكير وآليتي في اتخاذ القرارات المهمة في حياتي، خاصةً وأنهم مطلعون على الكثير من جوانب حياتي ولديهم معرفة وافية عن كثير من القرارات المحورية التي اتخذتها في حياتي والتي اثبتت مع الأيام رجاحة فكري. ولكن سرعان ما اعتبرت هذه التساؤلات فرصة لمراجعة فكرتي من عدة جوانب مختلفة للتأكد من أنني لست منقاداً عاطفياً لفكرة السفر وإنما السفر قد يكون هو الوسيلة الأفضل لتحقيق أهدافي للمرحلة القادمة من حياتي.

    ولتخفيض المخاطر وتبديد المخاوف حول هذه التجربة فقد قمت بجمع معلومات كبيرة من مختلف المصادر والأفراد، حيث بذلت الساعات الطوال تدقيقاً وتمحيصاً في كل معلومة تحصلت عليها من الانترنت سواءً عن المدن، الأمان، المدارس، أو الجامعات. كما تواصلت مع طلبة مبتعثين في بعض المنتديات للبحث عن إجابات لكل المخاوف والتساؤلات التي كانت لدي بخصوص العيش والدراسة في أمريكا. إضافةً إلى ذلك فقد تواصلت مع وزارة التعليم العالي وحضرت ملتقى الدارسين على الحساب الخاص والذي عقدته وزارة التعليم العالي بمدينة جدة لتجهيز كافة المستندات التي تؤهلني للانضمام لعضوية البعثة بعد موافقة الوزارة على الدراسة على الحساب الخاص، وقد انتهزت الفرصة خلال ذلك الملتقى للاستفسار برقم هويتي من منسوبي الوزارة الذين كانوا حاضرين على هامش الملتقى للإجابة على الاستفسارات عن مدى إمكانية إلحاقي بالبعثة وأطلعتهم على وقائع ما جري معي وزوجتي في ماليزيا، وقد افادني الموظف الذي قام بالاستفسار بجهاز الحاسب الآلي خاصته بأنه لا يوجد ما يعيق انضمامي للدراسة على الحساب الخاص وكذلك البعثة، كما أفادني بأن إلحاق الدارسين على الحساب الخاص يتم خلال أربعة أشهر من الانتظام بالدراسة في المعهد لمدة تتجاوز الأربعة شهور، مما جعلني أشعر بشيء من الاطمئنان.

    (يتبع الأسبوع القادم بمشيئة الله- "لحظات حاسمة" & "مواجهة الغير متوقع")
    7 "
  4. ((قصتي)) - الجزء الثاني
    عبدالله باكير
    جامعة الاباما - توسكالوسا
    29 أكتوبر 2014

    بعد مفاضلات دقيقة وتصفيات عديدة بين عشرات المدن والولايات الأمريكية؛ وقع اختياري على مدينة توسكالوسا بولاية الاباما، فقد وضعت قبل البدء في البحث عن المدينة عدة معايير تتعلق بالناحيتين الأكاديمية والمعيشية، فلقد كان معياري الأكاديمي أن تكون الجامعة التي سأذهب إليها مرموقةً وقويةً ومعتمدةً من وزارة التعليم العالي وبها تخصص الهندسة الإنشائية (Construction Engineering) الذي أطمح لإكمال دراستي به، كما كان يهمني أن يكون مستوى التدريس وجودة برنامج اللغة الإنجليزية بالمعهد التابع للجامعة عالياً أيضاً.

    أما بالنسبة للحياة المعيشية، فقد كان يهمني أن تكون المدينة صغيرة وآمنة، وألا يكون بردها قارساً حيث أنني وأسرتي لا نألف شدة البرد، كما أن التكلفة المعيشية كانت نقطة هامة في قراري، فأنا سأذهب بأسرتي للدراسة على حسابي الخاص وليس هناك ضمانات حول المدة التي قد أقضيها قبل أن يتم إلحاقي بعضوية البعثة، وحتى عندما يتم إلحاقي بالبعثة فإن فكرتي كانت متمركزة حول العيش ضمن حدود مكافأة الابتعاث بل والسعي للادخار منها لأجل أبنائي.

    توفر المدارس الجيدة لأبنائي بالمدينة كان كذلك من أهم معاييري التي تتعلق بالحياة المعيشية إن لم يكن الأهم، فسلامة وجودة البيئة التعليمية التي سينتقلون معي إليها مثلت لدي أولوية كبيرة، كما أن الارتقاء بفكرهم وتعليمهم كان أحد محفزاتي الرئيسية لخوض غمار هذه التجربة، فابني الأكبر كان يدرس في الصف الثاني متوسط بمدرسة خاصة بالطلبة الموهوبين حيث تم اختياره ضمن فئة الموهوبين من خلال اختبارات برنامج "موهبة" التي نفذها المركز الوطني للقياس، وابنتي كانت في الصف الثالث الابتدائي، وبالنظر لمهاراتها وسلوكياتها مقارنة بنشأة ابني الأكبر عندما كان في نفس العمر فإنه يمكنني التنبؤ من أنها مشروع موهبة آخر بإذن الله.

    وهكذا انطبقت معاييري -والحمد لله- على مدينة توسكالوسا بشكل لم أكن أتصوره، فلم أكن أتوقع أن أجد مدينة تحمل كل المعايير التي وضعتها بشكل كامل حيث البيئة المعيشية الملائمة والجامعة المرموقة، وقد كنت دائماً ما أهيئ نفسي للتخلي عن بعض متطلباتي في حال اضطررت لذلك وأضع لنفسي ولأسرتي الحد الأدنى الذي يمكن قبوله من المعايير، ولذا ما أن وجدت ضالتي فيها حتى سارعت بالتواصل مع الجامعة للحصول على قبول اللغة والقبول الجامعي، وقد استقبلت الجامعة طلبيّ وتم موافاتي بخطاب القبول في المعهد والمستندات اللازمة لاستخراج وإنهاء إجراءات السفر والفيزا الامريكية لي ولأسرتي على نحو سريع، وأما بالنسبة لقبول البكالوريوس فقد أخبروني بأنه سيتم تأجيل دراسة الطلب لحين موافاتهم بتقرير معادلة الشهادة من وكالة معتمدة وهو أمر لم يقلقني فقد كان عبارة عن مسألة وقت لا أكثر.

    لحظات حاسمة

    فور حصولي على الفيزا من السفارة الامريكية؛ قمت ببيع سيارتي وبدأ العد التنازلي لترتيبات السفر من ترجمة الشهادات لأبنائي وإنهاء ما لدي من التزامات تجاه الغير وترتيب موضوع الحصول على قرض حسن لتغطية الجزء المتبقي من ميزانية السفر، وكانت فترة سباق محموم مع الزمن، وإذا بشيء يحصل لم يكن في الحسبان، فقد اتصل بي أخو زوجتي معاذ وكان ممن سبق لهم الدراسة في أمريكا مرحلة البكالوريوس والماجستير ضمن برنامج الابتعاث، وسألني عن موضوع التأمين لدى الجامعة وهل يقوم بتغطية التكاليف الطبية لزوجتي بما فيها تكاليف عملية الولادة؟ خصوصاً وأن زوجتي كانت في شهرها الخامس، وعند وصولنا للأراضي الامريكية كانت ستكون في بداية شهرها السادس!

    كان سؤاله مهماً ولكن مقلقاً في ذات الوقت، ولكن لم تكن لدي إجابة لذلك التساؤل، فإذا كان التأمين لا يغطي نفقات الولادة؛ معنى ذلك أنه في أفضل الأحوال سوف تلد ولادة طبيعية وبالتالي فإن أكثر من نصف ميزانيتي التي رصدتها لهذه الرحلة سيتآكل في تكاليف الولادة، أما إذا اضطررنا لولادة قيصرية -لا قدر الله- فالأمر سيتجاوز إمكانياتي المالية بكثير، وبالتالي مشكلة كهذه ستؤثر بشكل مباشر على قرار السفر، فما كان مني إلا أن تواصلت مع الجامعة للاستفسار عن هذا الموضوع، وبالفعل تأكدت مخاوفي بعد أن أتى رد الجامعة واضحاً بأنهم لا يقومون بالتأمين على المرافقين، كما أنهم استفسروا من خلال عدة شركات تأمين تتعامل معهم حول هذا الأمر وجاء رد الشركات بأن بوليصة التأمين لا تغطي أي تكاليف للحمل الذي يحدث قبل التعاقد.

    كانت لحظة سماعي لرد الجامعة بخصوص التأمين من اللحظات المؤلمة التي لا تفارق مخيلتي، فقد رأيت حلم السفر وقد بدأ يتبدد من أمام عيني وكأنني كنت أؤمل على سراب خصوصاً وأنه لم يتبق لموعد السفر سوى أسبوعين! اختليت بنفسي قليلاً محاولاً الهدوء والتركيز، واستدركت في نفسي بأن كل شيء يحصل بتقدير الله سبحانه فلقد استشرت واستخرت الله في أمري وطلبته الخير وحتماً أن ما يحدث لي هو الخير، ثم ما لبثت أن استعدت توازني وبدأت أفكر في إيجاد حلول، فاهتديت لفكرة التواصل مع الملحقية الثقافية بأمريكا وأيضاً السفارة السعودية بواشنطن طالباً منهم المساعدة في حل هذه المعضلة بواسطة قيامي بالتأمين من خلالهم على أن أتحمل أنا رسوم التأمين، فما كان منهم إلا أن اعتذروا حيث أن الملحقية تؤمن على المبتعثين وليس لها علاقة بالدارسين على الحساب الخاص وقد نصحني الموظف آنذاك بتأجيل السفر أو الحضور بمفردي لحين إلحاقي بالبعثة، أما السفارة فتؤمن على منسوبيها فقط ولا تؤمن على الرعايا السعوديين. وعلى الرغم من أنني كنت متوقعاً لما يمكن أن تكون عليه ردودهم من رفض؛ إلا أنني كنت أمني نفسي لعلي أجد حلاً، ولكن بدأت حلولي تنفذ وبدأت أفكر في تأجيل سفري بشكل جدي لما بعد الولادة فلعل في ذلك الخير. اصطحبت زوجتي لمكان هادئ واخبرتها بما يحصل وصارحتها بفكرة تأجيل السفر، إلا أن زوجتي اقترحت علي الاتصال بخالها طه المقيم في ولاية تكساس، فهو يعيش هناك منذ عدة سنوات وقد يكون لديه فكرة أو حل لمشكلتنا التي لم تكن في الحسبان.

    مرت علي السويعات كأنها دهر بانتظار محادثة طه في اليوم التالي نظراً لفارق التوقيت، وما أن حانت اللحظة المناسبة حتى حملت جوالي واتصلت به استشيره فيما يمكن عمله بخصوص الولادة والتأمين وأخبرته عن كافة تفاصيلي المالية بالإضافة لردود كل من الجامعة والسفارة والملحقية. صمت طه قليلاً وقد بدا وكأنه يفكر في الاحتمالات لمسألة حسابية لا أسمع منه سوى همهمات، ليقول لي بعد ذلك: "خيراً إن شاء الله، بسيطة لا تشيل هم" نزلت كلماته برداً وسلاماً على قلبي، فسألته: ولكن كيف؟ فأخبرني بأن المستشفيات في أمريكا لا ترد المريض وإنما تقدم له العناية الطبية اللازمة، وبعد الانتهاء من تقديم الخدمة للمريض ترسل فواتيرها للمطالبة بدفع الرسوم، وهناك تسهيلات كبيرة في السداد من حيث التخفيض للدفع نقداً أو التقسيط على فترات زمنية طويلة بما يتوائم مع الدخل، وحكى لي عن أحد أصدقائه في أمريكا وكيف قام بتقسيط تكاليف الولادة لأحد أبنائه لمدة تقارب الثماني سنوات، ثم أردف قائلاً بأن هناك برنامج تأمين طبي تقدمه الحكومة الأمريكية في بعض ولاياتها لذوي الدخل المحدود وطلب مني التقديم عليه عند وصولي لأمريكا وفي حال انطبقت علي وأسرتي معايير الدعم لديهم فلربما يتم اسقاط تكاليف الولادة أو جزءاً منها على الأقل.

    كان كلام طه مطمئناً وأعاد لي بعضاً من جرأتي للإقدام على السفر، فما كان مني إلا أن سارعت بإخبار زوجتي عن رد خالها وبأن لدي شعور بالتفاؤل حول هذه الرحلة، وأنني أرى بأن نمضي قدماً للسفر في موعدنا الذي حددناه سابقاً بتاريخ 29 سبتمبر 2013م، وقد وعدتها بأنني سأحرص على أن تكون جميع أمورنا على خير ما يرام في أمريكا مهما كلفني الأمر. بدت على وجه زوجتي ملامح الارتياح ورأيت في عينيها نظرة مكسوة بالرضا والاقتناع. وعلى الفور بدأت باستدراك الترتيبات المطلوبة للسفر.

    أنهيت جل ترتيبات السفر، ولم يتبق سوى الحصول على شهادة التخرج من الدبلوم الذي حصلت عليه في التقنية المعمارية، وقد أسندت مهمة استلامها لأخي الأصغر نظراً لأنها تستلزم بعض الوقت لمصادقتها وترجمتها من الكلية التقنية. وها هي لحظة الوداع قد حانت فاجتمعت بوالدتي وإخوتي وجميع أبنائهم مع أسرتي بأحد المطاعم لتناول وجبة الغداء ثم استكملنا بعدها الوداع في بيت والدتي ما بين احضان ودعوات بالتوفيق مبللة بدموع الفراق.

    كانت خطتي تقضي بالوصول لأمريكا قبل بدأ دراستي في المعهد بمدة لا تقل عن أسبوعين ليتسنى لي ترتيب جميع الأمور المتعلقة بالسكن ومدارس الأبناء وطريقة المواصلات، كما خططت للبقاء لمدة يومين في مدينة واشنطن كي تتمكن زوجتي من الارتياح قليلاً من عناء الرحلة التي قطعناها من جدة إلى واشنطن نظراً لكونها في بداية الشهر السادس من الحمل، وصعود الطائرة على الفور بعد قضاء أربعة عشر ساعة متواصلة بالطيارة أمر مرهق جداً بالنسبة لها.

    وصلنا لأمريكا على الموعد المحدد وسارت الأمور بشكل متناسق على نحو ما خططت له، فقد استقرينا في مسكننا الواقع ضمن مجمع سكني هادئ قريب من الجامعة، وبدأ أبنائي بارتياد مدارسهم وتعلموا كيف وأين يستقلون باص المدرسة أصفر اللون والذي لم يروه سابقاً سوى في التلفاز، وذهبت لوزارة الصحة كما طلب مني خال زوجتي وقمت بتعبئة الطلب للتأمين الطبي الخاص بذوي الدخل المحدود وقدمت لهم المستندات الرسمية التي تثبت دخلي وسبب تواجدي في الولايات المتحدة الأمريكية، ليأتيني منهم الرد خلال عشرة أيام بأنهم سيقومون بتغطية جميع تكاليف الولادة وما يتبع ذلك من عناية طبية بالطفل والتطعيمات اللازمة له مستقبلاً أما تكاليف المراجعات لزوجتي فأنا المسئول عن دفعها، وقد أفرحني ذلك كثيراً كونه سيوفر علي نصف الميزانية المرصودة لمتابعة الحمل والولادة، ثم بدأت الدراسة وبدأت في ارتياد معهد اللغة الإنجليزية والذي يقع ضمن الحرم الجامعي، ومضت أسابيعنا الأولى بشكل رتيب وتسليتنا اليومية تبادلي وأبنائي مع زوجتي للمواقف الطريفة التي تحدث لنا نتيجة لعائق اللغة واختلاف الثقافات.

    مواجهة الغير متوقع

    بعد مضي عدة أسابيع من وصولنا لمدينة توسكالوسا؛ ذهبت وزوجتي للطبيب لإجراء الفحص الروتيني لمتابعة الحمل، وكان لقاءً عادياً جداً سأل فيه الطبيب أسئلة روتينية عن بداية الحمل والسجل الصحي لزوجتي واطلع على التقرير الطبي الذين أعده طبيبها في السعودية والذي حصلنا عليه في آخر زيارة له قبل السفر بليلة للاطمئنان قبل صعود الطائرة، ونظرا لكونها أول زيارة للطبيب في أمريكا فقد طلب منها إجراء مجموعة من التحاليل والفحص بالسونار وحدد موعداً اخر للمتابعة بعد أسبوعين لفحصها مرة أخرى والاطلاع على نتائج التحاليل والسونار.

    مضت الأسبوعين بشكل سريع وذهبت مع زوجتي للزيارة الثانية للطبيب كي يطلعنا على نتائج تحاليل الدم وفحص السونار، ودخل علينا الطبيب غرفة الفحص بلباسه الأزرق وكأنه للتو عائد من عملية للولادة وسأل زوجتي أسئلة روتينية كالمرة السابقة، ثم أردف قائلاً بأن لديه شيئاً من القلق نظراً لأن حجم الطفل صغير مقارنةً بعمره، إلا أن هذه المعلومة لم تسبب لنا الهلع حيث أن العديد ممن نعرفهم من الأقارب والأصدقاء أخبرونا بأن الأطباء في أمريكا يسببون الهلع لمرضاهم نظراً لأنهم يخبرون المريض بجميع الاحتمالات رغبةً في حماية أنفسهم من أي مسائلات قانونية قد تنشأ في حال عدم اطلاع المريض على حالته بشكل واضح، ولذا أخبرته وأنا هادئ ومطمئن بأن أبناءنا تكون أحجامهم صغيرة وأوزانهم أقل من الكيلوغرامين وقت الولادة إلا أن نموهم بعد ذلك يكون بشكل طبيعي كأقرانهم من الأطفال. وقد بدا على وجه الطبيب نوع من الاقتناع بالمنطق الذي تكلمت به ولكنه طلب إجراء تحاليل إضافية للدم والبول وفحص سونار آخر ليقارن مقدار نمو الجنين. وحدد موعداً آخر لمراجعته كذلك بعد أسبوعين.

    كانت هذه الأسبوعين نوعاً ما أبطأ من سابقتها، ولعل السبب في ذلك انتظارنا بفارغ الصبر لعمل فحص السونار لنرى مقدار نمو الطفل، وجاء اليوم الموعود وذهبنا للزيارة الثالثة للطبيب، ودخل علينا الطبيب كعادته مرحباً ومستفسراً عن وضع زوجتي وإحساسها بالألم وعن حركة الطفل وإن كان هناك أي تطورات قد حدثت معها، وبعد مقدمته أخبرنا بأن نتائج التحاليل قد ظهرت وكذلك السونار، وصرح لنا بأنه مازال قلقاً بسبب حجم الطفل ويرغب منا الذهاب لمستشفى جامعة الاباما في برمنجهام والتي تبعد عنا حوالي ساعة بالسيارة، امتعضت زوجتي من كلام الطبيب فلم تكن مقتنعة بالذهاب لبرمنجهام ورأت أنه لا جدوى من ذلك، فطلبت منها التريث قليلاً لنعرف ما الجدوى من مراجعة مستشفى آخر، فأجاب الطبيب بأنه متخصص في حالات الحمل العادي فقط ولكن حمل زوجتي لا يعتبره عادياً بسبب صغر حجم الطفل وكذلك أظهر تحليل الدم وجود نسبة ضئيلة من الأجسام المضادة في دمها مما يعني أن جسمها في حالة تأهب لمواجهة التهاب لم يعرف سببه بعد، ولذا فهو يرغب في الحصول على رأي طبي آخر من طبيب متخصص في الحمل الحرج ليطمئن بأنه قام بمسئوليته الطبية على أكمل وجه.

    كان موعدنا مع استشاري الحمل الحرج بعد عشرة أيام، وكانت زوجتي رافضةً في البداية فكرة الذهاب للمستشفى الآخر فهي لم ترغب في تحميلي مصاريف كانت ترى بأنه لا طائل منها إضافةً إلى أنها لا تريد اشغالي عن دراستي، فمراجعة كهذه ستضطرني للغياب عن بعض محاضراتي، إلا أنني استطعت إقناعها بالذهاب وأخبرتها بأنه لا يوجد عندي أمر أهم من الاطمئنان عليها وعلى الطفل الذي يقيم في أحشائها.
    حانت ساعة اللقاء مع الطبيب في برمنجهام وقابلتنا ممرضته في البداية وكانت كبيرةً في السن وبدأت بعمل السونار والتقطت مجموعةً من الصور من عدة زوايا مختلفة، ولقد كنت متعوداً على روية الصور في الشاشة وفهم معظم الأجزاء التي يتم تصويرها، إلا أنني لمحت الممرضة وقد استمرت بالتركيز على نقطة محددة من جسم الجنين وقامت بالتقاط مجموعة كبيرة من الصور وقد ارتسمت على وجهها نظرة لم أشعر إزاءها بالارتياح، وبعد مدة تقارب العشرين دقيقة من التصوير المتواصل دخل علينا الطبيب وقد كان هو الاخر كبيراً في السن ولكن شكله يوحي بأن لديه رصيد كبير من الخبرة والتمرس، رحب بنا وعرفنا بنفسه واستأذن منا لبضع دقائق ليراجع الصور على جهازه مع ممرضته في الزاوية الأخرى من الغرفة، استقبلتنا الممرضة بظهرها عندما كانت تتحدث مع الطبيب وكانت تهمس وكأنها كانت لا تريد منا سماع ما يدور بينها، وماهي إلا دقائق حتى أتى الطبيب واخبرنا بأنه سيقوم بإعادة إجراء فحص السونار بنفسه، وبدء بالتقاط الصور واحدةً تلو الأخرى وفي كل مرة يسأل الممرضة الجالسة على مكتبه عن الأرقام في الصور كأنه يقوم بمراجعتها ويبحث عن الخلل.

    بعد أن انتهى الطبيب من مراجعة جميع الصور التي التقطتها الممرضة بالسونار وكانت تزيد عن الثلاثين صورة، أخذ نفساً عميقاً ثم أخرجه من رئتيه بهدوء وبدون أي مقدمات قال: "سأتحدث معكما بشكل مباشر، لقد اطلعت على تقرير الطبيب من السعودية، وكذلك تقرير الطبيب من توسكالوسا وما لديه من قلق حول صغر حجم الجنين، وبالنظر للصور التي حصلنا عليها من السونار أستطيع أن اجزم بأن لدى الطفل مشاكل في القلب!" نزل كلامه كالصاعقة في أذني ولكنني حاولت التماسك خصوصاً أن زوجتي لم تفهم معظم ما قاله بسبب حاجز اللغة، فسألته عن السبب الذي يدعوه لاستنتاج ذلك فأخبرني بأنه بالرغم من محاولاته ومحاولات ممرضته لتصوير القلب من عدة زوايا إلا انه لم يظهر أن بالقلب أذينين وبطينين، كما أنهما لم يتمكنا من رؤية الشريان الأبهر، وطلب منا رؤية طبيب متخصص بأمراض القلب لدى الأجنة والأطفال خلال أسبوع أو عشرة أيام ومن ثم الرجوع إليه بعدها ليطلعنا على الوضع، كما اقترح أيضاً إجراء فحص الجينات الوراثية للجنين فلعل ذلك بسبب وجود خلل جيني وربما نضطر لإجهاض الجنين.

    انعقد لساني من هول الكلام الذي أسمعه، قلب وجينات واجهاض أمن المعقول أن يحدث ذلك لطفلنا! ولكن حاولت التماسك مرةً أخرى فزوجتي ممسكة بيدي تسألني ماذا يقول الطبيب وأنا أطلب منها أن تصبر قليلا لأسمع منه ما الذي يقوله بالتفصيل، وبعد أن فرغ اخبرته بأننا من الممكن أن نذهب لرؤية طبيب القلب للأطفال أو أي طبيب آخر إذا لزم الأمر لنطمئن على طفلنا ولكننا لن نقوم بأي تحليل جيني ولن نجهض الطفل مهما كان وضعه لأنه قسمة من الله سبحانه وسنكون راضين بما قسمه الله لنا. لم يعلق الطبيب كثيراً على ذلك وإنما قال بإن هذا قرارنا ولدينا الحرية فيما نقرر.

    خرجت من عند الطبيب وإحساسي وكأن جبلاً جاثماً على صدري، فكيف أخبر زوجتي عما قاله الطبيب؟ وكيف عساه ذلك سيؤثر على نفسيتها؟ هل أخبرها بالحقيقية أم أن الأمر سابق لأوانه؟ أسئلة كثيرة كانت تعصف بداخلي قطعها صوت زوجتي وهي تطلب مني إخبارها بما قاله الطبيب، حاولت إخفاء مخاوفي وابتسمت لها ابتسامة لم أعرف ما لونها وقلت لها بأنه خير بإذن الله وأن الطبيب يرغب منا القيام بمراجعة طبيب آخر متخصص بالقلب لدى الأطفال نظراً لأنه لم يتمكن من رؤية تفاصيل القلب بالرغم من استقرار نبضاته، وعيادة القلب للأطفال لديهم أجهزة متقدمة لتصوير القلب ربما نطمئن ويتلاشى قلقنا إذا راجعنا طبيب القلب، فسألتني عن موضوع الجينات، فأخبرتها بأنها تحاليل إضافية طلبها الطبيب ولكنها ليست ضرورية وبالتالي لا داعي لتشغل تفكيرها بها، لم ترتح زوجتي كثيراً لما سمعته مني ولكنها على الأقل اقنعت بالذهاب لطبيب القلب.

    (يتبع الأسبوع القادم بمشيئة الله - "جبل الجليد" & "بين المطرقة والسندان")
    7 "
  5. السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهه
    كيفكم؟!
    اسال الله التوفيق والسداد للجميع
    انا حابة اسال ؟! تخصص بكالوريوس طيران في امريكا ؟! هل يضم للبعثة بعد كم شهر ع حسابي الخاص؟! وهل توافق عليه الملحقيه الثقافية بالذات اذا كنت انا بنت؟! وكم تكاليف الدراسةة ع حسابي؟! قبل الانضمام، وبعد عودتي لارض الوطن ؟! فيه مستقبل لشهادتي وممكن تقبلني الشركات بالذات اني بنت؟! بالنسبة للمرافق المحرم اذا كان في بلد الابتعاث يشترط توكيل؟! واذا اخذت بنت خالتي معي كمرافق؟! او مرافق دارس ينفع؟!
    7 "
  6. المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Raja_bander
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهه
    كيفكم؟!
    اسال الله التوفيق والسداد للجميع
    انا حابة اسال ؟! تخصص بكالوريوس طيران في امريكا ؟! هل يضم للبعثة بعد كم شهر ع حسابي الخاص؟! وهل توافق عليه الملحقيه الثقافية بالذات اذا كنت انا بنت؟! وكم تكاليف الدراسةة ع حسابي؟! قبل الانضمام، وبعد عودتي لارض الوطن ؟! فيه مستقبل لشهادتي وممكن تقبلني الشركات بالذات اني بنت؟! بالنسبة للمرافق المحرم اذا كان في بلد الابتعاث يشترط توكيل؟! واذا اخذت بنت خالتي معي كمرافق؟! او مرافق دارس ينفع؟!
    عليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة

    اللهم آمين لنا جميعا.

    1- بالنسبة للتخصص فهو حسب علمي موجود ومعتمد من الوزارة تحت مسمى (Professional Pilot) وهذا رابط الوزارة:
    https://ru.mohe.gov.sa/univ.aspx?uc=...ertid=3&stid=0

    2- في الظروف الطبيعية فإن الانضمام للبعثة في أمريكا يتم بعد اتمام اربعة أشهر في برنامج اللغة بنجاح، ولكن بالنسبة لتخصص الطيران سمعت -وليس لدي معلومة مؤكدة- بأن الالحاق بالبعثة بعد اتمام برنامج اللغة ولست أعلم السبب وراء ذلك.

    3- بالنسبة للموافقة على دراستك كونك فتاة فهذا مرجعه للوزارة وليس الملحقية، حيث أن الملحقية جهة تنفيذة ورقابية تنفذ تعليمات الوزارة، ونصيحتي لكي أختي أن تحضري أحد الملتقيات التابعة للوزارة للطلبة الدارسين على الحساب الخاص فيمكنك سؤالهم مباشرة عن هذا الموضوع. في رأيي ممكن تتواصلي مع المشرفين الدراسيين بالملحقية من خلال الايميل فقد يكون لديهم معلومة مفيدة وإن لم تكن بصفة رسمية.

    4- التكاليف تعتمد على عدة عناصر مهمة لا بد أن تضعيها في الحسبان: (الرسوم الدراسية، سكنك، مصاريف أكلك وشربك، ومواصلاتك، فواتير الجوال والكهرباء والماء والتأمين سواء الطبي أو تأمين السيارة)، وتختلف التكاليف من ولاية وأخرى بل وأحيانا من مدينة الى أخرى، ولذا يمكنك الاطلاع أولا على الجامعات في رابط الجامعات الموصى بها والبحث في مواقعها عن شروط القبول والرسوم الدراسية والمدينة التي تقع بها الجامعة وبعدها يمكنك البحث عن مستوى المعيشة في كل مدينة وبذلك تستطيعين معرفة كم يمكن أن تكون تكلفتك الشهرية.

    5- بالنسبة لتخصصك وهل عليه طلب فحقيقة لا أعلم ولكن أنصحك بالدخول على مواقع التوظيف الخاصة بشركات الطيران وكذلك مواقع التوظيف المتخصصة كموقع بيت.كوم للبحث عن الطلب على وظائف الطيارين، كما انصحك بالتواصل مع الكابتن هنادي الهندي إن تمكنتى من التواصل معها فمن الممكن أن تستفيدي من تجربتها وهذه نبذة عنها:
    ظ‡ظ†ط§ط¯ظٹ ط²ظƒط±ظٹط§ ط§ظ„ظ‡ظ†ط¯ظٹ - ظˆظٹظƒظٹط¨ظٹط¯ظٹط§طŒ ط§ظ„ظ…ظˆط³ظˆط¹ط© ط§ظ„ط*ط±ط©

    6- بالنسبة للمرافق فلم أفهم سؤالك عن موضوع التوكيل. ولكن بصفة عامة إذا كان معك مرافقك طالب هو يدرس حاليا في امريكا فلا أظن أن هناك مشكلة، وأما إن كانت المرافقة فتاة فلست أدري حقيقة ولكن أظن أنه من الافضل سؤال الوزارة، وهناك عدد من الطالبات يحضر معها أخوها أو أبوها وبعد وصولهم وانهاء إجراءاتهم لدى الملحقية والسفارة يعود المحرم للسعودية وتبقى الطالبة مع أختها أو قريبتها لاكمال الدراسة ولم أسمع أن الملحقية عملت مشاكل لهم ولكن لا يتم الصرف سوى على الطالبة فقط.

    مع تمنياتي لكي بالتوفيق،،،

    عبدالله
    7 "
  7. ((قصتي)) - الجزء الثالث
    عبدالله باكير - جامعة الاباما - توسكالوسا

    جبل الجليد

    بعد زيارة طبيب الحمل الحرج؛ بدا الأمر وكأنني كنت أنظر للجزء البسيط الظاهر من الجبل الجليدي، وكل مرة كنت أغوص تحت الماء كنت أكتشف أن حجم الجبل وجذوره أكبر مما كنت أتصور! فمع كل فحص جديد كانت تقوم به زوجتي كنا نفاجأ بأمر جديد لم نكن نتوقعه. مرت تلك الأيام العشر ببطء شديد، وقد بدأ التوتر يؤثر سلباً على زوجتي بشكل كبير، فقد أصبحت مراجعتنا للمستشفى في توسكالوسا كل يومين لعمل تخطيط قلب للجنين، وفي رابع زيارة لها لتخطيط القلب كانت تحس بإجهاد شديد على نحو يختلف عما اعتادت عليه، فطلبت من الطبيب فحصها ليكتشف الطبيب بأنها كانت تعاني من ارتفاع طفيف في ضغط الدم فطلب منها البقاء لمدة ساعة تحت الملاحظة الطبية، ولما انقضت الساعة تم فحص ضغطها مرة أخرى ليجد الطبيب بأنه قد عاد لمستواه الطبيعي فما كان منه إلا أن سمح لها بالخروج وطلب منها أن تلتزم بالراحة طوال اليوم وإذا ما عاودها نفس الاجهاد فلابد من مراجعة المستشفى على الفور.

    في اليوم التالي، ذهبنا للموعد بمستشفى برمنجهام وحانت لحظة دخولنا على طبيب القلب المتخصص بالأطفال ولقد كنت وجلاً ومضطرباً جداً ولم يفتر لساني وقلبي من دعاء المولى سبحانه بأن تسير أمورنا هذه المرة على ما يرام، دخلنا على الطبيب وقد كان هادئاً جداً وقليل الكلام حيث عرفنا بنفسه وعلى الفور بدء باستخدام جهاز السونار لالتقاط الصور للجنين، وفي هذه المرة بالطبع كان التركيز بشكل مباشر على القلب فقط للتأكد من صحة تكهنات طبيب الحمل الحرج. وبعد عدة دقائق من التصوير والفحص من عدة زوايا لمحت بوادر ابتسامة على وجهه فنظرت في الشاشة لألاحظ بأن هناك حجيرات مكتملة بالقلب، حينها التفت الطبيب لزوجتي وأخبرها بأن القلب سليم ومكتمل الحجيرات ونبضه مستقر كذلك، ولكنه أستدرك قائلاً بأنه لن يستطيع إثبات أو نفي الملاحظة الأخرى التي أثارها الطبيب الآخر حول الشريان الأبهر نظراً لوضعية الجنين والتي لم تمكنه من الوصول لصورة واضحة، إلا أنه طمأننا بأنه نظراً لاستقرار نبضات القلب فهذا يعد مؤشراً إيجابياً.

    عندما سمعنا تعليق الطبيب بدأنا نشعر بنوع من الطمأنينة وبدأت زوجتي تستعيد تفاؤلها بأن الأمور ستكون بخير، خصوصاً عندما علق الطبيب بعد ذلك قائلاً بأنه ليس لديه قلق حول حالتها بل وقد لا تكون الحاجة ملحة لتوليدها في مستشفى مدينة برمنجهام. فخرجنا يومئذ من عند الطبيب بنفسية غير تلك التي كانت عندنا قبل الدخول عليه، فلقد أحسسنا بسعادة غامرة عندما علمنا بسلامة قلب الجنين.

    رجعنا لمنزلنا من تلك الزيارة وكان موعدنا مع طبيب الحمل الحرج بعد أسبوع للاطلاع على نتائج تقرير طبيب القلب، ارتاحت زوجتي في المنزل وطلبت منها عدم بذل أي مجهود قد يرهقها، ومرت تلك الليلة بشكل طبيعي، إلا أنه بعد مضي يومين أحست بالتعب الشديد خلال فترة المساء مما دعانا للذهاب للطوارئ على الفور، وعندما دخلت الطوارئ تلك الليلة بقيت لمدة تقارب الساعة تحت الملاحظة ثم عادت للمنزل بعد ذلك، لنذهب في اليوم التالي للطبيب في مستشفى توسكالوسا لعمل تخطيط لقلب الجنين أيضاً ولنخبره بأن زوجتي قد ذهبت للطوارئ في الليلة الفائتة. وقد طلب الطبيب منها الاستمرار على هذا المنوال للتأكد من عدم حدوث أي مضاعفات وإبقاء الأمور تحت السيطرة.

    أحست زوجتي بالتعب مرة أخرى في الليلة التالية فذهبنا للطوارئ وكالعادة بقيت تحت الملاحظة الطبية ولكن هذه المرة طلبت الطبيبة المناوبة في الطوارئ عمل فحص دقيق للبول نظراً لوجود بروتينات في البول وهو مؤشر لا يعد إيجابياً إذا كان بنسبة كبيرة فيه، والطريقة الوحيدة للتأكد من أن النسبة ليست خطرة هي بعمل فحص دقيق والذي يتم فيه تجميع كافة كميات البول للمريض على مدى 24 ساعة وإيجاد نسبة تركز البروتينات في البول، وبالتالي يستلزم الأمر تنويمها في المستشفى خلال هذه المدة، لكن زوجتي رفضت وطلبت من الطبيبة أن تسمح لها بالخروج للمنزل وهناك هي ستتولى جمع العينات بنفسها وحصلت على التعليمات من الطبيبة حول ما يجب عمله بخصوص الجمع والحفظ للعينات، وقد رجعنا للبيت آنذاك وقد تجاوز الوقت منتصف الليل وعلى الفور قامت زوجتي بالبدء بتجميع العينات حسب المطلوب وعند مرور 24 ساعة تم تسليم العينات للمستشفى ليتم إجراء التحليل اللازم والذي تحتاج نتائجه ليومين تقريباً.

    بعد ذلك بثلاثة أيام وكان ذلك يوم الجمعة الموافق 13 ديسمبر 2013م ذهبنا لمستشفى برمنجهام في الموعد الذي حدده طبيب الحمل الحرج لمراجعته ومناقشة تقرير طبيب القلب، ذهبت وزوجتي في الصباح الباكر ورافقتنا ابنتنا نظراً لغيابها بسبب وعكة صحية، لم يكن طبيب الحمل الحرج متوفراً ذلك اليوم ولكن أتت إلينا الطبيبة التي تنوب عنه وتحدثت معنا حول ملاحظات طبيب القلب وأنه لا يوجد شيء مؤكد فيما يخص الشريان الأبهر، واردفت بأن الطبيب الأساسي يرى بضرورة الولادة في مستشفى برمنجهام تحسباً لوجود مشكلة في القلب تستدعي تدخلا طبيا طارئاً كما طلبت الطبيبة من زوجتي الاستمرار بمتابعة تخطيط القلب كل يومين لحين موعد الولادة، وحددت لنا موعد متابعة آخر بعد عشرة أيام.

    قبل خروجنا من عند طبيبة الحمل الحرج أخبرتها بارتفاع ضغط الدم والتحليل الذي تم في مستشفى توسكالوسا قبل ثلاثة أيام، فما كان منها إلا أن قامت بفحص ضغط زوجتي ورأته مرتفعاً ايضاً، فبعثت بنا مع إحدى ممرضاتها لطوارئ النساء والولادة بالمستشفى لتبقى تحت الملاحظة لحين رجوع الضغط لمستواه الطبيعي.

    عندما وصلنا لطوارئ النساء، تم فحص ضغط زوجتي وكان مازال مرتفعا وتم عمل تحليل بول سريع أظهر وجود بروتينات في البول، ومن ثم حضر الطبيب المشرف على القسم لتلك الفترة وأبلغنا بأن زوجتي ستبقى قيد الملاحظة لمدة يومين حيث سيقومون في المستشفى بإعادة التحليل الدقيق للبول، ولن يسمح لها بالخروج إلا بعد ظهور نتائج التحليل والتي من المتوقع أن تظهر فجر يوم الأحد، فإن كانت نسبة البروتينات في البول وفق الحد الآمن واستقر ضغطها فربما يسمح لها بالخروج للمنزل، وإن تجاوزت نسبتها الحد الآمن فمعنى ذلك بأنها من الممكن أن تكون قد أصيبت بأحد أنواع تسمم الحمل وبالتالي ستقضي بقية الأسابيع في المستشفى لحين موعد الولادة.
    بالرغم من استياء زوجتي بسبب موضوع بقائها في المستشفى لمدة يومين؛ إلا أن حرص فريق الطوارئ على سلامتها ودقتهم في أداء عملهم ومراجعتهم لكل تفاصيل ملفها الطبي أشعرنا بالراحة نوعاً ما. وقد طلب الطبيب من الممرضة إعطاء زوجتي ابرة لتسريع عملية نمو الرئة لدى الجنين وهي عبارة عن جرعتين بينهما فاصل زمني مدته 24 ساعة، وعندما سألناه ما الذي يدعوه للعجلة؟ أخبرنا بأنه لا يوجد مخاطرة من أخذها مبكراً وإن كانت الولادة بعد أسابيع، ولكنها ضرورية في حال تم توليدها في فترة أقرب فاقتنعت زوجتي وحصلت على جرعتها الأولى، وعلى الفور رجعت لوحدي لمدينة توسكالوسا لإحضار ابني من مدرسته وتجهيز بعض الملابس التي سنحتاجها لتلك اليومين التي سنقضيها مع زوجتي في المستشفى.

    في هذه المرة كان إيقاع ضغط الدم مختلفاً، فمعدل التذبذب كان أعلى وبدا أنه لن ينخفض بشكل سريع مثل المرات السابقة، ولكن كانت المتابعة من قبل الممرضات مكثفة لإبقاء الضغط تحت المراقبة، وكل ساعة تدخل الممرضة لتكشف عن الضغط وتتأكد من أن زوجتي مستمرة بجمع عينات البول، ومر يوم الجمعة ويوم السبت على هذا المنوال فلم نستطع النوم بشكل كافٍ من كثرة دخول الممرضات والأطباء علينا في الغرفة.

    صباح يوم الأحد الموافق 15 ديسمبر 2014م، أيقظنا دخول الطبيب علينا في الغرفة ويتبعه الممرضات بسرير نقل المرضى وقد سأل على الفور إن اخذت زوجتي الجرعتين المطلوبة من المصل المسرع لنمو الرئة وقد أخبرته الممرضة بأن زوجتي قد استوفت الجرعتين، فأخبرنا بأنه سيتم أخذها لغرفة العمليات وتوليدها على الفور نظراً لأنها أصيبت بتسمم حمل متقدم، ارتبكت زوجتي فلم تدر كيف تتصرف وقد تفاجأنا جميعاً بأمر الولادة المبكرة، ولكنني حاولت تهدئة زوجتي بسبب الهلع الذي أصابها وطمأنها بأنني سألحق بها وأكون معها في غرفة العمليات، وعلى الفور تم أخذها لغرفة العمليات وبعد أن ذهبن الممرضات بها لغرفة العمليات توجه إلي الطبيب وطلب مني التماسك وعدم الخوف بسبب كثرة عدد الأطباء في غرفة العمليات وأردف قائلاً بأننا محظوظون بأنها مازالت على قيد الحياة نظراً لأن نسبة البروتينات في البول قد جاوزت النسبة الآمنة بمقدار عشرة أضعاف، نزلت كلماته في أذني كالصاعقة واختلطت مشاعري بشكل لا يمكنني وصفه فما بين شعور بالفرحة لبقاء زوجتي على قيد الحياة وقلقي عليها من العملية وبين توتري لوضع الجنين في بطنها، لم ينتظر مني الطبيب أي تعليق فقد انطلق على الفور للحاق بزوجتي لغرفة العمليات، وطلبت من ابنائي ارتداء ملابسهم بشكل سريع للحاق بأمهم، ودخلت المرحاض أطلق العنان لدموعي ومخاوفي دون أن يراني أطفالي فيصيبهم الهلع، وبعد أن فرغت من ذلك أخذت أبنائي وذهبنا لغرفة انتظار العمليات.

    لقد كانت ثلاثون دقيقة عصيبة ونحن في غرفة الانتظار نترقب أي أخبار من الطبيب أو إحدى الممرضات، بعدها أتاني أحد الأطباء وطلب مني لبس الرداء الخاص بغرفة العمليات للدخول على زوجتي وأخبرني بأنهم مازالوا في منتصف إجراء عملية الولادة، وعلى الفور طلبت من ابني وابنتي الهدوء وطمأنتهم بأني سأدخل للاطمئنان على أمهم ولن أطيل، ولكن عندما دخلت غرفة العمليات أحسست بأن قدماي غير قادرتان على حملي من هول ما أرى من كثرة الأطباء فلقد كان الفريق العامل بالغرفة ما يزيد عن الخمسة عشر شخصاً ما بين طبيب ومساعد، وكان الجميع في حال تأهب في حال حدثت أي مضاعفات لزوجتي أو اضطروا لإجراء عملية قلب عاجلة لطفلي، لقد دخلت سابقاً غرفاً للعمليات ولعدة مرات سواءً مع زوجتي أو في عمليات أجريت لي، لكنها لم تكن أبداً مهيأة بمثل ما رأيته من أجهزة ومعدات في هذه الغرفة فلقد كانت الغرفة وكأنها إحدى خطوط الإنتاج في مصنع ضخم للسيارات، أمسكت بيد زوجتي أطمئنها وكانت في مرحلة ما بين الوعي واللاوعي، ومرت عشر دقائق ليعلن الجراح إخراج الطفل من أحشاء أمه وعلى الفور أخذوه لغرفة عمليات أخرى ليفحصوا قلبه ويتأكدوا من مؤشراته الحيوية، وبعد مدة عادوا به إلينا وهو في جهاز الحاضنة وقد اخبرونا بأنه تم التأكد من وجود مشكلة لديه في القلب ولكنها لا تستدعي التدخل الجراحي السريع، عندما رأت زوجتي فلذة كبدها أمام ناظريها ارتاحت وأطلقت العنان لعينيها لتغط في سبات عميق، وخرجت أنا لأبنائي اطمئنهم بسلامة أمهم وأخيهم الجديد.

    رجعت زوجتي لغرفتها وكانت اليومين التاليين للعملية مرهقة جدا، فبالإضافة للآلام المبرحة الناتجة عن العملية فقد كان يتم حقنها على مدار الساعة بمادة المغنيسيوم لمكافحة أثر التسمم وكان يتم فحص ضغط دمها كل نصف ساعة خلال الاثني عشر ساعة الأولى بعد الولادة، ثم أصبح بعدها فحص الضغط كل ساعة، وبعد مرور أربع وعشرين ساعة أصبح الفحص كل أربع ساعات واستمر ضغطها فوق المعدل الطبيعي عدة أسابيع بعد ذلك، وقد أجريت لها أيضاً العديد من الفحوصات والتحاليل للتأكد من عدم تأثير التسمم على أي من الأعضاء الداخلية بالجسم.

    بين المطرقة والسندان

    صباح اليوم التالي بعد الولادة حضر الينا رئيس قسم أمراض القلب للأطفال وعرفنا بنفسه وأخبرنا بأنه قد عمل سابقاً بالسعودية وقد عاش في مدينة الرياض عدة سنوات ومازحنا قليلاً، وبعد مقدمته البسيطة أخبرنا بأنه قد اجرى العديد من الفحوصات لطفلنا وقد تأكد بأن هناك مشكلتين بالقلب إحداهما كبيرة تتمثل في وجود فجوة بين الشريانين الرئيسيين بالقلب تمنع ضخ الدم بشكل متوازن بين أعضاء الجسم والأخرى عبارة عن ضيق بأحد الشرايين، واستطرد قائلاً بأنه منذ أن تم التشخيص وهو يتراسل مع أشهر مراكز العلاج الأخرى في أمريكا للتأكد مما يمكن فعله في حالة ابني، فالوضع كان صعباً جداً لأنه لا يمكن التدخل الجراحي بسبب صغر حجمه حيث بلغ وزنه كيلوجرام واحد، وفي نفس الوقت فإن فرصة نموه ليكون الاطباء قادرين على إجراء العملية له تكاد تكون مستحيلة حيث أنهم لا يستطيعون اطعامه، ولو دخلت في جوفه قطرة حليب واحدة فهي كفيلة بإحداث خلل في دورته الدموية مما يؤدي لوفاته لا قدر الله، وليس لهم الا الانتظار للبحث عن خيارات من شأنها أن تزيد وزنه دون اللجوء لإطعامه! لم أعرف كيف أصف شعوري عند سماعي لذلك الخبر، فولدي في وضع صعب جداً والأطباء ليس لديهم فكرة عما يمكن عمله وكل ما يستطيعون عمله في ذلك الوقت هو الانتظار والسعي للمحافظة على حياته لفترة من الزمن لحين توصلهم لطريقة يمكنهم فيها معالجته، وعلى الطرف الآخر زوجتي والتي مازالت في مرحلة الخطر والأطباء يتابعون حالتها بشكل دقيق، لقد تمنيت وقتها حقاً لو أنني كنت نائماً وأن كل ما كان يحصل لنا عبارة عن كابوس مزعج سيتلاشى فور أن استيقظ!

    لقد تصادف موعد الولادة مع إنهائي لأول مستوى لي بمعهد الجامعة وبداية إجازتي قبل فترة الكريسماس، وأما بالنسبة لأبنائي فقد كان المتبقي لهم في الدراسة مدة أسبوع قبل بدء إجازة الكريسماس إلا أنني أخطرت مدارسهم بغيابهم بسبب الولادة وما كنا نمر به من ظروف وقد كانوا متفهمين جدا لوضعنا بل وعرضوا علينا المساعدة بشتى الأشكال للتخفيف مما نعاني منه وقد رأوا أننا مغتربين وليس لنا سوى فترة بسيطة في بلدهم! ولقد كانت تلك الإجازة من أصعب الفترات التي مرت بحياتنا أنا وزوجتي بل وحتى أبنائي، فحالة الانتظار والترقب أملاً في وجود حل أو علاج دون وجود بوادر أو مبشرات بوجود ذلك الحل كانت مرهقة نفسياً، وكل يوم كان يأتينا الطبيب ليخبرنا بأنه اجتمع مع عدة أطباء من أقسام أخرى يتباحثون في وضع ابننا ويعرض علينا مختلف الآراء التي وصلته ليختم حديثه في كل مرة بأن البحث مازال مستمراً عن وسيلة لزيادة وزن وحجم الطفل ليتمكنوا من اجراء العملية، وليت الأمر توقف عن ذلك الحد ولكن بعد عدة أيام أخبرنا الطبيب بأنه بسبب الفجوة بين الشريانين والخلل في تدفق الدورة الدموية فإن نسبة تدفق الدم للرئة كبيرة مما تسبب في تجمع السوائل في الرئة وقد بدئوا بإعطاء ابني مثبطات تخفف من وتيرة تجمع السوائل وتم ادخال أنابيب لمساعدته على التنفس وسحب السوائل من رئتيه، وهو أمر يقلص من فترة الانتظار لحين أيجاد الحل، وكم كان المنظر مؤلماً وأنا أرى فلذة كبدي وهو مقيد من جميع أطرافه بشتى أنواع ابر المحاليل، والانابيب تخرج من كل فتحة من جسده بل وتم عمل شق في بطنه لإدخال أنابيب إضافية وكل ذلك يحدث له وحجمه لا يزيد عن مقدار كف يدي.

    خلال تلك الفترة العصيبة بدأت معاناة جديدة من نوع آخر، فلقد تقدمت بطلبي للحصول على الموافقة للدراسة على الحساب الخاص بعد أن استلمت شهادة تخرجي من دبلوم التقنية المعمارية وكان ذلك قبل الولادة بعدة أيام، وقد أتى الرد بعد ولادة ابني بأسبوع بضرورة تقديمي طلب إعادة إلحاق لعضوية البعثة كوني كنت مبتعثا سابقاً مع زوجتي في ماليزيا، آنذاك لم أكن أعلم إن كان هذا الأمر يعد مؤشر إيجابياً أم لا، ولكنني بناء على توصياتهم في الرد على طلبي فقد تقدمت بطلب إعادة إلحاق لعضوية البعثة وقد كنت متفائلاً بأن تتم الموافقة على الطلب.

    بدأت وتيرة الأمور تتسارع مع ابني، فما يلبث أن يزيد وزنه قليلا إلا ويفقده مرة أخرى، ومعدل تجمع السوائل في رئتيه بدأ في تزايد، وبالرغم أن هذه الأحداث تمت خلال الأسبوعين التاليين لولادته فقط؛ إلا أنني أحسست بأنها سنوات طوال من مشقتها، وقد أتاني الطبيب مع مطلع العام الجديد وأخبرني بأنه وفريقه الطبي قد عزموا على إجراء العملية في السادس من يناير 2014، وأردف قائلاً بأن العملية في ذاتها خطيرة ويزيد من مخاطرها صغر حجم القلب الذي يضاعف نسبة المخاطرة ما يقارب الثمانية أضعاف لعملية قلب مفتوح لطفل طبيعي وزنه أكثر من الثلاثة كيلوغرامات، ولكنه استطرد قائلاً بأن مخاطرتهم بحياة ابني ستكون أكبر إذا انتظروا وقتاً أطول وحدث انتكاس لا قدر الله في رئتيه فحينئذ ستكون فرصه في النجاة ضئيلة! تمنيت وقتها لو أن دموعي تخفف علينا ما نمر به، ولكن أقل ما كان يمكن أن يقال بأننا كنا أمام خيارين أحلاهما مر، فالقرار مصيري ويمس حياة ابننا، فماذا لو فشلت العملية؟ أنلوم أنفسنا على خوض هذه المغامرة؟ أم كيف سيكون الحال لو رفضنا إجراء العملية وانتظرنا ونحن نراه كل يوم وحالته تسوء؟ هل نستطيع أن نسامح أنفسنا لو انتكست حالته وقد فرطتنا في إجراء العملية في الوقت المناسب؟ دوامة من الأفكار والمشاعر المتضاربة قطعها صوت الطبيب وهو يستأذننا بإرسال الأوراق للبدء في الترتيبات النظامية لإجراءات العملية. لم يكن لنا وزوجتي ملجأ طوال تلك المدة إلا الساعات الأخيرة من الليل ندعو الله سبحانه وتعالى أن يفرج عنا ما نحن فيه، فما بيدنا أي حيلة وما الأطباء إلا أسباب يسخرها المولى سبحانه، وبعد عاصفة مشحونة بالعواطف والمشاعر توكلنا على الله وأقررنا بموافقتنا على إجراء العملية.

    حان اليوم الموعود لإجراء العملية وكان الوقت المتوقع للعملية ما يقارب السبع ساعات، وقد تمنيت وقتها لو أن باستطاعتي منعهم من إدخاله لغرفة العمليات وأن تصبح الأمور بخير دون الحاجة لإجراء العملية، ولكن وللأسف لم يكن الأمر بهذه البساطة. أخذت الممرضة ابني وتوجهت به لغرفة العمليات وبقيت مع زوجتي وابنائي في غرفة الانتظار، وكانت مساعدة الجراح تخاطبنا كل ساعة من خلال هاتف مخصص لتخبرنا عن مجريات الأمور ومراحل تقدم العملية، حتى انقضت خمس ساعات وأبلغنا الطبيب بأن العملية قد نجحت ولله الحمد وسيتم البدء في إجراءات إقفال الجروح لمكان العملية وطلب مقابلتي في غرفة الاجتماعات المخصصة لأهالي المرضى، وعندما قابلته أخبرني بأنه قد عالج المشكلة الكبيرة في الفجوة بين الشريانين ولم يرغب في زيادة مخاطر العملية بمعالجة ضيق أحد الشرايين، وأخرج من معطفه صوراً لقلب طفلي قبل وبعد العملية وقال كلمات ما زالت ترن في أذني حتى اللحظة فلقد علق قائلاً بأن الفجوة بين الشريانين كانت كبيرة وبقاؤه حياً لحين أجريت له العملية يعد معجزة تخالف المنطق العلمي، قال ذلك وأستأذن على الفور ليتأكد من أن مساعديه في طور الانتهاء من بقية أعمال تقطيب الجرح وتعقيمه تمهيداً لنقل ابني لغرفته، وبقيت في الغرفة قليلاً وقد أحسست وقتها بأن الأرض تلف بي من عظم ما سمعت منه، اغرورقت عيناي بالدموع إلا أنها في هذه المرة كانت دموع الفرح وهبطت ساجداً لله في تلك الغرفة حامداً لفضله ثم خرجت لزوجتي واطفالي أبشرهم بنجاح العملية، وقد كانت لحظة تنفسنا فيها الصعداء وكل منا يحضن الآخر ودموع الفرح تغمر أعيننا، حينئذ رددت زوجتي تسنيم قائلة: "أكرمني الكريم بسلامة عبدالكريم".


    (يتبع الأسبوع القادم بمشيئة الله - "وزارة التعليم العالي ومعركة ذات الثماني")
    7 "
2 من 4 صفحة 2 من 4 123 ...
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.