و هناك عشر دول - غير هولندا - تملك عاصمتين .. وفي حين توجد أسباب كثيرة لظهور هذه المفارقة، ينتهي الوضع غالبا إلى وجود «عاصمة إدارية» تضم مكاتب الحكومة والبرلمان و«عاصمة رسمية» تضم السلطات التشريعية والقضائية للدولة !
ومن الأسباب الكثيرة لوجود عاصمتين في أحد البلدان هو وجود عاصمة جديدة تحت التأسيس تنوي الحكومة الانتقال اليها مستقبلا؛ فماليزيا مثلا تبني منذ عشرين عاما عاصمة حديثة ومتطورة تدعى بيتروجايا - كبديل لكوالالمبور - نقلت اليها بالفعل معظم مكاتب الحكومة .. وفي المقابل قد تتراجع الحكومة عن الانتقال للعاصمة الجديدة فتبقى «العاصمة» معلقة بين مدينتين رئيسيتين؛ ففي بوليفيا مثلا قرر حزب الأحرار (عام 1899) نقل عاصمة البلاد من سوسر إلى لوباز ولكن حزب المحافظين (التالي) قرر إبقاء السلطات التشريعية والدستورية في سوسر - ومن يومها وبوليفيا تملك عاصمتين - !!
.. أيضا قد تملك إحدى الدول عاصمة رسمية - تضم مكاتب الحكومة وسفارات الدول الأجنبية - ولكنها تتمسك (ذهنيا وتاريخيا) بمدينة أخرى كعاصمة لها .. ففي اليابان مثلا لايعترف معظم الناس بطوكيو كعاصمة ويتمسكون بكيوتو العريقة كعاصمة للبلاد (خصوصا أنها ظلت كذلك لآلاف السنين) .. أما إسرائيل فتتحدث عن القدس (منذ عام 1950) كعاصمة رسمية وأبدية للدولة العبرية، ولكن ادعاءها هذا لايلقى قبولا عالميا وبالتالي مازالت السفارات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية تتمركز في تل أبيب (بما فيها السفارة الأمريكية)!!
.. أما في دول (العالم الثالث) فقد تظهر عاصمتان في نفس البلد لأسباب أبسط بكثير .. فرئيس ساحل العاج مثلا (فيليكس بوجيني) أصدر عام 1980 أمرا بنقل العاصمة من أبيجان إلى ياموسوكرو (المدينة التي ولد وترعرع فيها).. وحين شعر ببوادر تمرد واعتراض وافق على بقاء السفارات الأجنبية والمكاتب السياسية في أبيجان مقابل إعلان ياموسوكرو عاصمة رسمية للبلاد ..
أما في مينامار - الاسم الحديث لبورما - فأصدرت الحكومة (يوم الأحد 6 نوفمبر 2005) قرارا مفاجئا بنقل كافة المكاتب الحكومية من العاصمة القديمة رانجون إلى العاصمة الجديدة باينمانا . ويعود سر هذا القرار المفاجئ - الذي أربك حتى البعثات الدبلوماسية - إلى احتمال حدوث كارثة خطيرة (اكتشفتها دائرة التنجيم الرسمية) ستحل قريبا بالعاصمة «رانجون» !!!!
... ومن الدول الأخرى - التي تملك عاصمتين - نيجيريا (حيث لاغوس، وأبوجا) وتنزانيا (دار السلام، وبودوما) وسري لانكا (كولومبو، وسري - كوتا) وسيوزلاند (مبابان، لوبامبا) وبينين (بورتونوفا، ووكوتونوا)...
أما جنوب أفريقيا فتملك وضعا فريدا بين دول العالم حيث تملك ثلاث عواصم رسمية معترف بها .. الأولى (بريتوريا) العاصمة الادارية، والثانية (كيب تاون) العاصمة السياسية، والثالثة (بليموفونتين) العاصمة التشريعية والقضائية !! - وبالمناسبة .. ألا يبدو من الطبيعي القول إن السعودية تضم بدورها ثلاث عواصم: الرياض (العاصمة الرسمية) والدرعية(العاصمة التاريخية) ومكة المكرمة (العاصمة الدينية لجميع المسلمين)!؟
7 " ومن الأسباب الكثيرة لوجود عاصمتين في أحد البلدان هو وجود عاصمة جديدة تحت التأسيس تنوي الحكومة الانتقال اليها مستقبلا؛ فماليزيا مثلا تبني منذ عشرين عاما عاصمة حديثة ومتطورة تدعى بيتروجايا - كبديل لكوالالمبور - نقلت اليها بالفعل معظم مكاتب الحكومة .. وفي المقابل قد تتراجع الحكومة عن الانتقال للعاصمة الجديدة فتبقى «العاصمة» معلقة بين مدينتين رئيسيتين؛ ففي بوليفيا مثلا قرر حزب الأحرار (عام 1899) نقل عاصمة البلاد من سوسر إلى لوباز ولكن حزب المحافظين (التالي) قرر إبقاء السلطات التشريعية والدستورية في سوسر - ومن يومها وبوليفيا تملك عاصمتين - !!
.. أيضا قد تملك إحدى الدول عاصمة رسمية - تضم مكاتب الحكومة وسفارات الدول الأجنبية - ولكنها تتمسك (ذهنيا وتاريخيا) بمدينة أخرى كعاصمة لها .. ففي اليابان مثلا لايعترف معظم الناس بطوكيو كعاصمة ويتمسكون بكيوتو العريقة كعاصمة للبلاد (خصوصا أنها ظلت كذلك لآلاف السنين) .. أما إسرائيل فتتحدث عن القدس (منذ عام 1950) كعاصمة رسمية وأبدية للدولة العبرية، ولكن ادعاءها هذا لايلقى قبولا عالميا وبالتالي مازالت السفارات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية تتمركز في تل أبيب (بما فيها السفارة الأمريكية)!!
.. أما في دول (العالم الثالث) فقد تظهر عاصمتان في نفس البلد لأسباب أبسط بكثير .. فرئيس ساحل العاج مثلا (فيليكس بوجيني) أصدر عام 1980 أمرا بنقل العاصمة من أبيجان إلى ياموسوكرو (المدينة التي ولد وترعرع فيها).. وحين شعر ببوادر تمرد واعتراض وافق على بقاء السفارات الأجنبية والمكاتب السياسية في أبيجان مقابل إعلان ياموسوكرو عاصمة رسمية للبلاد ..
أما في مينامار - الاسم الحديث لبورما - فأصدرت الحكومة (يوم الأحد 6 نوفمبر 2005) قرارا مفاجئا بنقل كافة المكاتب الحكومية من العاصمة القديمة رانجون إلى العاصمة الجديدة باينمانا . ويعود سر هذا القرار المفاجئ - الذي أربك حتى البعثات الدبلوماسية - إلى احتمال حدوث كارثة خطيرة (اكتشفتها دائرة التنجيم الرسمية) ستحل قريبا بالعاصمة «رانجون» !!!!
... ومن الدول الأخرى - التي تملك عاصمتين - نيجيريا (حيث لاغوس، وأبوجا) وتنزانيا (دار السلام، وبودوما) وسري لانكا (كولومبو، وسري - كوتا) وسيوزلاند (مبابان، لوبامبا) وبينين (بورتونوفا، ووكوتونوا)...
أما جنوب أفريقيا فتملك وضعا فريدا بين دول العالم حيث تملك ثلاث عواصم رسمية معترف بها .. الأولى (بريتوريا) العاصمة الادارية، والثانية (كيب تاون) العاصمة السياسية، والثالثة (بليموفونتين) العاصمة التشريعية والقضائية !! - وبالمناسبة .. ألا يبدو من الطبيعي القول إن السعودية تضم بدورها ثلاث عواصم: الرياض (العاصمة الرسمية) والدرعية(العاصمة التاريخية) ومكة المكرمة (العاصمة الدينية لجميع المسلمين)!؟
September 15th, 2006, 05:01 PM
فهد عامر الأحمديقبل سبع سنوات دخلت هولندا قادماً من ألمانيا بالقطار (.. وهولندا بالمناسبة أسم لإحدى المقاطعات حيث الاسم الرسمي للبلد : الأراضي المنخفضة) . ولأنها في الأساس دولة صغيرة قررت البقاء في أمستردام ، ومن أمستردام أنطلق لزيارة بقية المدن ..
وأذكر أنني ركبت (متأخرا) باصا سياحيا مليئاً بالسياح الإسرائيليين الأمر الذي خلق جوا من التوتر والريبة (خصوصا في ظل موجة تفجير الباصات التي شهدتها الأراضي المحتلة عام 2000) . وفي المقابل يبدو أنني الوحيد الذي ظل هادئا مسترخيا - ليس فقط لأنني آخر من ركب الباص - بل لأنني لم أعلم بجنسية الركاب أصلا ...
المرة الأولى التي لاحظت فيها شيئا مريبا حين بدأت امرأة «مفجوعة» تحدق بي فأخذت بدوري أحدق فيها (من باب التحدي لا أكثر) .. ثم فجأة انهارت وبدأت تصرخ بوجه زوجها - باللغة العبرية - طالبة منه فعل شيء ما ( وعندها فقط أشحت بنظري بعيدا) . ونزولا عند رغبتها قام زوجها وتحدث مع المرشد السياحي - الذي كان يشرح لنا معالم هولندا من ميكرفون السائق - فأقترب مني ، وسألني بتردد : «هل أنت فلسطيني؟» !
فوجئت - حقيقة - بهذا السؤال ولكنني أجبته ببرود : لست محظوظا لهذه الدرجة .. فقال : عفوا ولكنك الوحيد الذي صعد الباص بصفة فردية ضمن هذه «المجموعة السياحية» . عندها أخرجت جواز السفر من جيبي الأيمن ووضعت - من فرط الارتباك - قطعة «كت كات» كنت أمضغها في جيبي الأيسر !!
وحين أكتشف أنني «لست فلسطينيا» قال بصوت منخفض «في جميع الأحوال أرجو أن لا تنظر لتلك المرأة حتى نصل للعاصمة» . لم يرق لي كلامه (خصوصا أنني فهمت أنه سيلغي الجولة بأكملها ويعود بسببي الى أمستردام) فقلت بتحد : ولكنني اتفقت معكم على رحلة تستغرق اليوم بأكمله . قال : لم يتغير شيء ولكننا سنذهب للعاصمة أولا وهناك نعيد ترتيب المقاعد بحيث لا تراها ولا تراك .. وحينها شعرت أنه يستخف بي ( إذ لا يعقل أن نعود لأمستردام فقط لترتيب المقاعد ثم نستأنف الرحلة من جديد ) ولكنني صمت مكرها أخاك لابطل ..
وبعد دقائق دخل الباص مدينة عصرية حديثة فقلت في نفسي : بالتأكيد هذه ليست أمستردام .. وفي تلك اللحظة بالذات قال المرشد : مرحبا بكم في (ذا هييج) عاصمة هولندا؟ ...
وحتى ذلك الوقت لم أكن قد سمعت بمدينة تدعى ذا هييج وكنت أعتقد أن عودتنا الى «العاصمة» تعني عودتنا الى أمستردام .. وهكذا نزلت الى المدينة وأنا أضحك من جهلي ، الأمر الذي زاد من توترالمجموعة حولي .. وحينها حاول المرشد ملاطفتي فسألني : لماذا تبتسم ؟ قلت : حين كنا في الباص ظننتك ستعيدني الى أمستردام للتحقيق معي فإذا بي في عاصمة جديدة لم أسمع بها من قبل .. ففتح فمه واسعا وقال : آآآآة ؛ هذا خطأ شائع حيث يظن البعض أن أمستردام هي عاصمة هولندا في حين أن (ذا هييج) هي العاصمة الرسمية .. قلت ولكن حتى المراجع المحترمة تتحدث عن أمستردام كعاصمة لهولندا .. قال موضحا : أمستردام هي العاصمة التاريخية (ومقر الملكة بياتريكس) في حين أن ذا هييج هي العاصمة السياسية ومقر الحكومة والبرلمان . فسألته : ولمن يميل عامة الهولنديين؟ قال : يبدو أننا سبب المشكلة ؛ فحين نتحدث عن العاصمة (ونحن في أمستردام) نعني بذلك ذا هييج ، وحين نتحدث عن العاصمة (ونحن في ذا هييج) نعني بذلك أمستردام .. فقاطعته متهكما : وحين تكونون بين المدينتين!؟.. لم يعجبه التعليق فسألته مرة أخرى : بما أنك تعمل في مجال السياحة هل تعرف الاسم العربي المقابل لكلمة ذا هييج (The Hague)؟ أجابني بالنفي ولكنه قال وهو يهم بالانصراف : حين نعود الى أمستردام لا تنس وضع البقشيش في «الفازة» الموجودة قرب السائق!
... على أي حال أثناء تجولنا في المدينة (وتحديدا لحظة دخولنا مقر المحكمة الدولية) اكتشفت فجأة أننا في «لاهاي» الأسم العربي المقابل لكلمة ذا هييج ..
وبسبب فشل المرشد في تزويدي بهذه المعلومة - وبسبب سؤاله البايخ في الباص - وضعت له ماتبقى من ال«كت كات» كبقشيش !
fahmadi@alriyadh.com
منقووووووووووووووول