2-اهمية الدعاء
الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد. . .
فاتقوا الله عباد الله واشكروه جل وعلا حق شكره أجاب دعاءكم ورحم ضعفكم وفرج كربكم وأغاث بلاءكم فله الحمد على ذلك حمداً كثيراً، له الحمد سبحانه حمداً نلتزم فيه شرعه ونقف عند أمره ونهيه فاعملوا عباد الله شكراً فقليل من عباد الله الشكور.
أيها المؤمنون إن من عظيم فضل الله تعالى ورحمته بعباده أن جعل دعاءه وسؤاله عبادة من أفضل العبادات وقربة من أجل القربات عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))(1) فجعل الله سبحانه بمحض فضله وعظيم إحسانه وبره سؤال عباده ودعاءهم لب عبادته وأساسها: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾(2).
أيها المؤمنون إن الله سبحانه وتعالى أمركم بدعائه ووعدكم الإجابة فضلاً منه ومناً فقال تبارك وتعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ فاستجيبوا لربكم أيها المؤمنون بدعاء الله وسؤاله فإن الله قد توعد من أعرض عن دعائه بالعقاب الأليم والعذاب المهين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي– أي دعائي ومسألتي –سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾(3) وعن أبي هريرة مرفوعاً: ((من لم يسأل الله يغضب عليه)) فاسألوا الله أيها المؤمنون و اطلبوا منه كل حاجاتكم دقيقها وجليلها قريبها وبعيدها فإن الأمر كله بيد الله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: سلوا الله كل شيء حتى الشسع ـ أي حتى سير النعل ـ فإن الله لو لم ييسره لم يتيسر. فسلوا الله عباد الله كل شيء فإن الله يحب عبده الذي يسأله ويلح في سؤاله وطلبه فإنه سبحانه جواد كريم يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء فتبارك الله رب العالمين بيده الملك وهو على كل شيء قدير.
أيها المؤمنون إن دعاء الله تعالى وسؤاله والتضرع والشكوى إليه من أنفع الأدوية فالدعاء عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه ويخففه فعن ثوبان مرفوعاً: ((لا يرد القدر إلا الدعاء)).
فيا أيها المؤمنون ادعوا الله واسألوه واحرصوا على الأخذ بآداب الدعاء التي تزيد في أجره وتغلب إجابته فإن للدعاء آداباً واجبة ومستحبة لها أثر بالغ في تحصيل المطلوب والأمن من المرهوب.
أيها المؤمنون إن من آداب الدعاء دعاء الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا والثناء عليه وحمده كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾(11) ثم بعد ذلك الصلاة على خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كل دعاء موقوف بين السماء والأرض حتى يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن آداب الدعاء أيها المؤمنون حسن الظن بالله تعالى فإن الله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه قال صلى الله عليه وسلم: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة))
عباد الله: إن من الأسباب المهمة التي يحصل بها إجابة الدعاء إطابة المأكل والمشرب والملبس فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك))
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد. .
فيا أيها المؤمنون أكثروا من سؤال الله تعالى ودعائه في الشدة والرخاء والسراء والضراء فإن الدعاء عبادة جليلة يرفع الله بها الدرجات ويحط الخطيات وتحصل بها المأمولات والمطلوبات وقد قال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس: ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) .
فاجتهدوا يا من ترجون النوال وتؤملون جواب السؤال .. اجتهدوا في دعاء الله تعالى وتحروا أوقات الإجابة كساعة يوم الجمعة وجوف الليل الآخر وبين الأذان والإقامة وأدبار الصلوات المكتوبات وغير ذلك من الأوقات الفاضلة وادعوا الله بقلوب حاضرة خاشعة منكسرة ذليلة وألحوا في الدعاء رغبة ورهبة وتوسلوا إليه جل وعلا بأسمائه وصفاته ..
عباد الله صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة, فقد أمركم الله بذلك حيث يقول جل في علاه ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم صلي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين وعنا معهم بمنك وفضلك يا ارحم الرحمين ..
اللهم اختم بالصالحات أعمالنا وبالسعادة آجالنا وتوفنا يا رب وأنت راض عنا .. اللهم اجعل اجتماعاً مباركا مرحوماً، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ربنا لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا مريضا إلا شفيته ولا ميتا إلا رحمته ولا طالبا أمرا من أمور الخير إلا سهلته له ويسرته له يارب العالمين ..
( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) عبادَ اللهِ ،
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
فاذكرو الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون
الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد. . .
فاتقوا الله عباد الله واشكروه جل وعلا حق شكره أجاب دعاءكم ورحم ضعفكم وفرج كربكم وأغاث بلاءكم فله الحمد على ذلك حمداً كثيراً، له الحمد سبحانه حمداً نلتزم فيه شرعه ونقف عند أمره ونهيه فاعملوا عباد الله شكراً فقليل من عباد الله الشكور.
أيها المؤمنون إن من عظيم فضل الله تعالى ورحمته بعباده أن جعل دعاءه وسؤاله عبادة من أفضل العبادات وقربة من أجل القربات عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))(1) فجعل الله سبحانه بمحض فضله وعظيم إحسانه وبره سؤال عباده ودعاءهم لب عبادته وأساسها: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾(2).
أيها المؤمنون إن الله سبحانه وتعالى أمركم بدعائه ووعدكم الإجابة فضلاً منه ومناً فقال تبارك وتعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ فاستجيبوا لربكم أيها المؤمنون بدعاء الله وسؤاله فإن الله قد توعد من أعرض عن دعائه بالعقاب الأليم والعذاب المهين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي– أي دعائي ومسألتي –سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾(3) وعن أبي هريرة مرفوعاً: ((من لم يسأل الله يغضب عليه)) فاسألوا الله أيها المؤمنون و اطلبوا منه كل حاجاتكم دقيقها وجليلها قريبها وبعيدها فإن الأمر كله بيد الله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: سلوا الله كل شيء حتى الشسع ـ أي حتى سير النعل ـ فإن الله لو لم ييسره لم يتيسر. فسلوا الله عباد الله كل شيء فإن الله يحب عبده الذي يسأله ويلح في سؤاله وطلبه فإنه سبحانه جواد كريم يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء فتبارك الله رب العالمين بيده الملك وهو على كل شيء قدير.
أيها المؤمنون إن دعاء الله تعالى وسؤاله والتضرع والشكوى إليه من أنفع الأدوية فالدعاء عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه ويخففه فعن ثوبان مرفوعاً: ((لا يرد القدر إلا الدعاء)).
فيا أيها المؤمنون ادعوا الله واسألوه واحرصوا على الأخذ بآداب الدعاء التي تزيد في أجره وتغلب إجابته فإن للدعاء آداباً واجبة ومستحبة لها أثر بالغ في تحصيل المطلوب والأمن من المرهوب.
أيها المؤمنون إن من آداب الدعاء دعاء الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا والثناء عليه وحمده كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾(11) ثم بعد ذلك الصلاة على خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كل دعاء موقوف بين السماء والأرض حتى يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن آداب الدعاء أيها المؤمنون حسن الظن بالله تعالى فإن الله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه قال صلى الله عليه وسلم: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة))
عباد الله: إن من الأسباب المهمة التي يحصل بها إجابة الدعاء إطابة المأكل والمشرب والملبس فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك))
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد. .
فيا أيها المؤمنون أكثروا من سؤال الله تعالى ودعائه في الشدة والرخاء والسراء والضراء فإن الدعاء عبادة جليلة يرفع الله بها الدرجات ويحط الخطيات وتحصل بها المأمولات والمطلوبات وقد قال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس: ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) .
فاجتهدوا يا من ترجون النوال وتؤملون جواب السؤال .. اجتهدوا في دعاء الله تعالى وتحروا أوقات الإجابة كساعة يوم الجمعة وجوف الليل الآخر وبين الأذان والإقامة وأدبار الصلوات المكتوبات وغير ذلك من الأوقات الفاضلة وادعوا الله بقلوب حاضرة خاشعة منكسرة ذليلة وألحوا في الدعاء رغبة ورهبة وتوسلوا إليه جل وعلا بأسمائه وصفاته ..
عباد الله صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة, فقد أمركم الله بذلك حيث يقول جل في علاه ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم صلي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين وعنا معهم بمنك وفضلك يا ارحم الرحمين ..
اللهم اختم بالصالحات أعمالنا وبالسعادة آجالنا وتوفنا يا رب وأنت راض عنا .. اللهم اجعل اجتماعاً مباركا مرحوماً، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ربنا لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا مريضا إلا شفيته ولا ميتا إلا رحمته ولا طالبا أمرا من أمور الخير إلا سهلته له ويسرته له يارب العالمين ..
( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) عبادَ اللهِ ،
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
فاذكرو الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون
February 14th, 2012, 04:27 AM
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي زين بذكره ألسن الذاكرين وأظهر من جميل أسمائه وصفاته وأفعاله ما سَرَّ به قلوب العارفين، فأثنى عليه بها المفردون الموحدون من الأولين والآخرين، أحمده تعالى وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد. .
عباد الله اتقوا الله وأكثروا من ذكره فإن ذكره سبحانه قوت قلوب الذاكرين وهو قرة عيون الموحدين وهو عدتهم الكبرى وسلاحهم الذي لا يبلى وهو دواء أسقامهم الذي متى تركوه أصيبت منهم المقاتل فانتكسوا على أعقابهم خاسرين.
فبالذكر يستدفع الذاكرون الآفات ويستكشفون الكربات وتهون عليهم المصيبات فإليه الملجأ إذا ادلهمت الخطوب وإليه المفزع عند توالي الكوارث والكروب به تنقشع الظلمات والأكدار وتحل الأفراح والمسرات.
وقد أمر الله تعالى به المؤمنين فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾ وقال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾. وقد أثنى الله سبحانه وتعالى في كتابه على الذاكرين فقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ إلى أن قال: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾. وأما الأخبار عن النبي r فقد دلت الأدلة على أن أفضل ما شغل العبدُ به نفسه في الجملة ذكر الله تعالى فمن ذلك قول رسول الله r: ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم)) قالوا: بلى، قال: ((ذكر الله تعالى)). ومما يظهر فضل الذكر وعلوَ مرتبته قصة الرجل الذي أتى رسول الله فقال له: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ فأخبرني بشيء أتشبث به قال: ((لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)). ومما يدل على ذلك أن الله تعالى أمر المؤمنين بأن يذكروه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم فقال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾. وهكذا كان النبي r فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله r يذكر الله على كل أحيانه)).
فعليكم عباد الله بالإكثار من ذكره سبحانه وعمارةِ الأوقات والأزمان بالأذكار والأوراد المطلقة والمقيدة كقول: لا إله إلا الله فإنها من خير الأقوال وأحبها إلى الله أو قول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنها خير مما طلعت عليه الشمس وغير ذلك من الأقوال التي تنمّى بها الحسنات وترفع بها الدرجات وتوضع السيئات,
ومما يشحذ همتك ويلهب حماسك ويجذبك إلى ذكر مولاك أن تعلم أن للذكر فوائد كثيرة وعواقب حميدة لمن حافظ عليه وأكثر منه وإليك بعض هذه الفوائد.
فمن فوائد الذكر الكبار أنه يورث محبة الله سبحانه وتعالى فالذكر باب المحبة وشارعها الأعظم وصراطها الأقوم فكلما ازداد العبد لله ذكراً ازداد له حباً فمن أراد أن يفوز وينال محبة الله تعالى فليلهج بذكره. ومن فوائد ذكر الله تعالى أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره ويزيل الهم والغم والحزن ويجلب للقلب الفرح والسرور والبسط فقد قال رسول الله r: ((من قال – يعني إذا خرج من بيته -: باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كُفيتَ وهُديتَ ووُقيت وتنحى عنه الشيطان فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هُديَ وكُفيَ ووُقي)).
ومنها: أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة ويمَده بالقوة في قلبه وبدنه حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لا يفعله بدونه ولذلك علم النبي r ابنته فاطمة وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما أن يُسّبحا كل ليلة إذا أخذا مضاجعهما ثلاثاً وثلاثين ويحمدا ثلاثاً وثلاثين ويكبرا أربعاً وثلاثين لما سألته أن يعطيها خادماً وقال: ((إنه خير لكما من خادم))
ومنها أن الذكر يورث ذكر الله تعالى للعبد قال الله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾. وفي الحديث القدسي قال تعالى: ((فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أمر بذكره ورتب على ذلك عظيم أجره والصلاة والسلام على أعظم الناس ذكراً لربه نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه.
أما بعد. .
فاعلموا أيها المؤمنون أن من فوائد الذكر أن الله عز وجل يباهي بالذاكرين ملائكته كما في حديث النبي r انه قال لجماعة اجتمعوا يذكرون الله: ((أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم ملائكته)).
ومن فوائد الذكر أنه سبب لنزول الرحمة والسكينة كما قال r: ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده)).
ومن فوائده أنه يسهل المصاعب وييسر العسير ويخفف المشاق فما ذكر الله على صعب إلا هان ولا على عسير إلا تيسر ولا على شاق إلا خف ولا على شدة إلا زالت ولا كربة إلا انفرجت وذلك لأن الذكر يذهب عن القلب المخاوف كلها وله تأثير في حصول الأمن فليس للخائف الذي قد اشتد خوفه أنفع من ذكر الله عز وجل قال الله تعالى: ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
عباد الله صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة, فقد أمركم الله بذلك حيث يقول جل في علاه ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم صلي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين وعنا معهم بمنك وفضلك يا ارحم الرحمين ..
اللهم اختم بالصالحات أعمالنا وبالسعادة آجالنا وتوفنا يا رب وأنت راض عنا .. اللهم اجعل اجتماعاً مباركا مرحوماً، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ربنا لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا مريضا إلا شفيته ولا ميتا إلا رحمته ولا طالبا أمرا من أمور الخير إلا سهلته له ويسرته له يارب العالمين ..
( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) عبادَ اللهِ ،
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
فاذكرو الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون