غياب الحس الدعوي في الصحافة
عبد العزيز بن سعيد آل صالح
( لـُجينيات )
في تصفحي لبعض جرائدنا اليومية ، وتقليبي لها صفحة صفحة أجد إصلاح أفتقد لبعض الحس الدعوي ، وفي هذا تخوف على المدى البعيد أن تغيب الأهداف الكبرى التي عليها ركاز عالمنا الإسلامي ، بحجة إصلاح أحادي الجانب ، لمصلحة شخصية أو عامة لهدف قصير ..
ولا شك أن الدخول لعالم الاتصال والتقنية فتح نوافذ كبيرة في المشاركة الفعالة في الحديث عن هذا الإصلاح والمطالبة به ، ونحن أمة نحتاج إلى ذلك الإصلاح سواء أكان تربويا أو تعليميا أو اقتصاديا أو سياسيا مع أن الإصلاح السياسي أشبه ما يكون بالإصلاح المخجل ، لكن المهم أن يكون عندنا احتفاظاً ب( الإصلاح الدعوي ) النقي المتخلص من شوائب المصالح العاجلة ..
وعند التمعن في تلك النداءات الإصلاحية تجدها تطالب في حقوق أكثر من أي شيء آخر ..
فهذه جماعة تنادي بحرية التعبير ، وتلك جماعة ترفع راية تشكيل حزب سياسي ، وأخرى تلوح بمطالب بتحسين الأجور ,, وغيرهم على الطريق ,,...وهم جميعا على طرق صحيحة إلا أن نزاعهم يكون لنيل مطلوب ما ، وعلى الجهة الأخرى أن تعطي وتقدم وتتنازل .
أما الداعية الحقيقي فهو يعطي ولا يأخذ ، إنما ديدنه شعار الأنبياء ( ما أسألكم عليه من أجر ) إنه يدعو صغيرا ،وكبيرا ، شريفا ،ووضيعا ،غنيا أو فقيرا ، وفي داخله نار تحترق لحال إخوانه ,,يدعوهم لمصالح أخروية قبل المساس بالأمور الدنيوية .
أما كتابا آخرون فيطالبون بأمور تمس الحياة الدنيوية ، والمعيشية في المقام الأول ، فكأنما خلقوا لذلك فقط ، وهم شيئا فشيئا يبدؤون في النظرة على أن هذا النداء الدعوي إنما هو مسائل شخصية ، يتفطن لها الصغير قبل الكبير ولا حاجة للتكرار ، فتكرار هذا النداء ملل للجمهور القارئ . وما عرفوا أن صلاح سلوك المسلم هو منهج الأنبياء والرسل.
ونعود مرة أخرى :
وعندما ننطر إلى الحس الدعوي المنبثق من الكاتب فإنه حس في الغالب يهدف إلى شريحة كبيرة في المجتمع باختلاف أجناسها وطوائفها وانتماءاتها لكي يجمع اللحمة والقوة لهذا المجتمع المسلم
ولكي يكونوا على ( كنتم خير أمة ) ..
إن الشعور الدعوي يدرأ المفاسد الشبهاتية و الشهوانية عن شباب هذا المجتمع وشيبهم ، ويخلق جوا تربويا يعلم الفرد في أن يرسم أهداف واضحة ، ويحتوي بطالة العقول والأفهام إلى قوة الأجساد والعتاد .
أخيرا / بقي أن أنبه لأمر ..
أن المجال الدعوي خصب رحب الأرجاء حيث أن من يمتلك بعض أدواته يستطيع أن يشارك في ذلك ، أما المجال الإصلاحي فيحتاج إلى أن يكون هناك صناعة نخب ، ومتخصصين يحملوا شهادات خبراتية ودراسية لكي يراقبوا وجوه الخلل في توازن المسيرة الدعوية .
لجينيات | غياب الحس الدعوي في الصحافة
7 " عبد العزيز بن سعيد آل صالح
( لـُجينيات )
في تصفحي لبعض جرائدنا اليومية ، وتقليبي لها صفحة صفحة أجد إصلاح أفتقد لبعض الحس الدعوي ، وفي هذا تخوف على المدى البعيد أن تغيب الأهداف الكبرى التي عليها ركاز عالمنا الإسلامي ، بحجة إصلاح أحادي الجانب ، لمصلحة شخصية أو عامة لهدف قصير ..
ولا شك أن الدخول لعالم الاتصال والتقنية فتح نوافذ كبيرة في المشاركة الفعالة في الحديث عن هذا الإصلاح والمطالبة به ، ونحن أمة نحتاج إلى ذلك الإصلاح سواء أكان تربويا أو تعليميا أو اقتصاديا أو سياسيا مع أن الإصلاح السياسي أشبه ما يكون بالإصلاح المخجل ، لكن المهم أن يكون عندنا احتفاظاً ب( الإصلاح الدعوي ) النقي المتخلص من شوائب المصالح العاجلة ..
وعند التمعن في تلك النداءات الإصلاحية تجدها تطالب في حقوق أكثر من أي شيء آخر ..
فهذه جماعة تنادي بحرية التعبير ، وتلك جماعة ترفع راية تشكيل حزب سياسي ، وأخرى تلوح بمطالب بتحسين الأجور ,, وغيرهم على الطريق ,,...وهم جميعا على طرق صحيحة إلا أن نزاعهم يكون لنيل مطلوب ما ، وعلى الجهة الأخرى أن تعطي وتقدم وتتنازل .
أما الداعية الحقيقي فهو يعطي ولا يأخذ ، إنما ديدنه شعار الأنبياء ( ما أسألكم عليه من أجر ) إنه يدعو صغيرا ،وكبيرا ، شريفا ،ووضيعا ،غنيا أو فقيرا ، وفي داخله نار تحترق لحال إخوانه ,,يدعوهم لمصالح أخروية قبل المساس بالأمور الدنيوية .
أما كتابا آخرون فيطالبون بأمور تمس الحياة الدنيوية ، والمعيشية في المقام الأول ، فكأنما خلقوا لذلك فقط ، وهم شيئا فشيئا يبدؤون في النظرة على أن هذا النداء الدعوي إنما هو مسائل شخصية ، يتفطن لها الصغير قبل الكبير ولا حاجة للتكرار ، فتكرار هذا النداء ملل للجمهور القارئ . وما عرفوا أن صلاح سلوك المسلم هو منهج الأنبياء والرسل.
ونعود مرة أخرى :
وعندما ننطر إلى الحس الدعوي المنبثق من الكاتب فإنه حس في الغالب يهدف إلى شريحة كبيرة في المجتمع باختلاف أجناسها وطوائفها وانتماءاتها لكي يجمع اللحمة والقوة لهذا المجتمع المسلم
ولكي يكونوا على ( كنتم خير أمة ) ..
إن الشعور الدعوي يدرأ المفاسد الشبهاتية و الشهوانية عن شباب هذا المجتمع وشيبهم ، ويخلق جوا تربويا يعلم الفرد في أن يرسم أهداف واضحة ، ويحتوي بطالة العقول والأفهام إلى قوة الأجساد والعتاد .
أخيرا / بقي أن أنبه لأمر ..
أن المجال الدعوي خصب رحب الأرجاء حيث أن من يمتلك بعض أدواته يستطيع أن يشارك في ذلك ، أما المجال الإصلاحي فيحتاج إلى أن يكون هناك صناعة نخب ، ومتخصصين يحملوا شهادات خبراتية ودراسية لكي يراقبوا وجوه الخلل في توازن المسيرة الدعوية .
لجينيات | غياب الحس الدعوي في الصحافة
January 29th, 2009, 09:32 PM
غزة ... والمستخذون في المدينة( لـُجينيات )
يتوارى خلف أعمدة الصحف وزواياها كتاب يعرضون عقولهم على الناس، ومن هؤلاء الكتاب مقل ومستكثر، أو ناطق بالحق أو ملبس على الناس الحقائق، فيعطي الصنف الأول بقلم متدفق، وفكر نير، وأسلوب مناسب، يسكب روائع أفكاره، في قوالب أسلوبه، وعلى قرطاس زاويته، فالكتاب كالتجار، التاجر يعرض بضاعته وكل متسوق يشتري ما يعجبه ويناسبه.
والكتاب يحبرون مقالاتهم بعناية وتركيز شديدين، ليتوغلوا في الغوص إلى مشاعر القراء والمتلقين، بجودة أحادثهم، وملامستها للحس العام، الذي تجده أحياناً يعتلج في نفوس كثير من العامة، ولكنهم لا يدرون كيف يعبرون عنه؟
بيد أن الكاتب الحق يلتقط بعض هذه الأفكار ليبوتقها بأسلوبه، ويطرحها بفكره بعد أن ينتقي لها أفضل الألفاظ، وأقرب المعاني، وأسهل الأساليب، لينفثها في عقول الناس فتؤثر فيهم، وتستميل عواطفهم حيناً، وتؤثر في سلوكهم حيناً، فترى من الكتاب من يتحدث عن هموم الناس ومشاكلهم، ويحاول أن يطرق كل موضوع يجد القارئ بحاجة إليه، فربما خفف من مصيبة، أو آنس مستوحشاً، وثبت مفزوعاً، أو شارك في حل قضية، أو ساهم في وأد فتنة.
والنوع الآخر من الكتاب عكس ذلك يحاول أن يشذ بآرائه، ويثير القارئ بموضوعاته التي يطرقها، باحثاً عن شهرة سريعة إن كان جديداً على الكتابة، أو يتلذذ بردود الأفعال إن كان قديم المهنة، فيناقش أموراً لا يحسنها، وموضوعات يتقنها، و لا علاقة له بها، وربما راش سهامه وشحذ قلمه في مهاجمة عالم نحرير، أو مفكر كبير، أو فئة مشروعة، حيث هذا الطريق من أقصر الطرق وأقربها إلى البروز والظهور، فيشغل نفسه، ويملأ زاويته، ويدنس عموده بما لا فائدة فيه ولا طائل منه، يغوص في أعماق النوايا، ويحلل الظاهر، ويستنتج ما لم يقصد، ويبحث عن الاحتمالات، ويقيس الناس بالطريقة التي يتعامل بها، ويرى أن كل كاتب ومتحدث له ظاهر وباطن؛ لأنه ربما استخدم الأسلوب نفسه في كتاباته، حيث يضع تأويلات عدة، حتى إذا فهم الناس ما أراد واستحسنوه وسكتوا عنه فرح، وإذا عارضوه وخالفوه تملص ونكص، وبرر لما أراد بما لا يضره، وهؤلاء وإن كانوا قد توغلوا في بعض الصحف، فإن المتأمل لهم يعرفهم من خلال سقطات كتاباتهم، إذا المريب يكاد أن يقول خذوني.
وهذا القلم المسكين لو استنطق لنطق بعدم الرضى عن كتابات بعضهم، إلا أنه أصبح أسيراً يرزح تحت أناملهم، كما هو حال بعض البلاد المحتلة بأيدي العدو، فأولئك قتلوا الأبرياء والمساكين ونشروا الظلم وأفسدوا في الأرض بعد إصلاحها.
وهؤلاء كم قتلوا من حق؟ وأزهقوا من فضيلة؟ وأراقوا من عفة؟ وكم أحيوا من رذيلة؟ أو دعوا إليها؟ وكم أثاروا من فتنة؟ أو أوقدوا نارها؟ وكم زينوا من باطل ومهدوا الطريق نحوه؟ وكم ظالم على ظلمه أعانوه؟ وكم تحاملوا على مسكين وهضموا حقه؟ وكم وقفوا مع عدو وتخاذلوا عن نصرة صديق؟ وكم يسروا على باغٍ وعسروا على طالب حاجته؟ وكم انطلقت أقلامهم للدفاع عن غاصب؟ وانقبضت عن بيان حق؟ وكم تفيهقوا في الفقه من حيث لا يفقهون؟ وكم تشدقوا بالوطنية علنا وطعنوها باطنا قولاً وعملاً؟ وكم لانوا للأعداء وخذّلوا معهم؟ واستأسدوا على الأصدقاء واستبسلوا ضدهم؟ وكم طالبوا بالحرية وإذا كانت ضدهم قيدوها؟ وكم دعوا إلى الحوار فإذا فلجوا تهكموا بالطريقة التي سار عليها؟ـ إن حضرواـ وكم انتقدوا بحجة ألا عصمة لأحد بعد الأنبياء فإذا نقدوا غضبوا؟ وكم ادّعوا الإخلاص فتفضحهم زلاتهم في ثنايا محاوراتهم أو مقالاتهم؟ وكم استعدوا للمناظرات وطالبوا بها فإذا استقطبوا تخلفوا؟
وأحداث غزة سفرت عن وجوه، وكشرت عن أنياب، ذلك أن بعض أولئك صاروا من المخذلين في المدينة والمرجفين فيها، وبدؤوا يقعون على الزلات ويتصيدون الأخطاء، كما الذباب الذي لا يقع إلا على القذر، وهاهم اليوم تفضح حماقتهم حماسة غيرهم!!
أحمد الملا
لجينيات | غزة ... والمستخذون في المدينة