أخي المسلم:
استحضر في قلبك الآن أحب الناس إليك , وقد غاب عنك أحد عشر شهراً , وهب أنك بُشِّرتَ بقدومه وعودته خلال أيام قلائل... كيف تكون فرحتك بقدومه , واستبشارك بقربه , وبشاشتك للقائه ؟
إن أول الآداب الشرعية بين يدي رمضان أن تتأهب لقدومه قبل الاستهلاك , وأن تكون النفس بقدومه مستبشرة ولإزالة الشك في رؤية الهلال منتظرة , وأن تستشرف لنظره استشرافها لقدوم حبيب غائب من سفره , إذ أن التأهب لشهر رمضان والاستعداد لقدومه من تعظيم شعائر الله تبارك وتعالى القائل: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (32) سورة الحـج.
يفرح المؤمنون بقدوم شهر رمضان ويسبشرون , ويحمدون الله أن بلَّغهم إياه , ويعقدون العزم على تعميره بالطاعات , وزيادة الحسنات , وهجر السيئات , وأولئك يبشَّرون بقول الله تبارك وتعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (58) سورة يونس , وذلك لأن محبة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فرع عن محبة الله عز وجل , قال تعالى: {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (124) سورة التوبة , فترى المؤمنين متلهفين مشتاقين إلى رمضان ، تحن قلوبهم إلى صوم نهاره ، ومكابدة ليله بالقيام والتهجد بين يدي مولاهم ، وتراهم يمهدون لاستقبال رمضان بصيام التطوع خاصة في شعبان .
باع قوم من السلف جارية لهم لأحد الناس ، فلما أقبل رمضان أخذ سيدها الجديد يتهيأ بألوان المطعومات والمشروبات لاستقبال رمضان – كما يصنع كثير من الناس اليوم – فلما رأت الجارية ذلك منهم قالت: " لمـاذا تصنعون ذلك؟ " ، قالوا: " لاستقبال شهر رمضان " ، فقالت: " وأنتم لا تصومون إلا في رمضان؟ والله لقد جئت من عند قوم السَّنَةُ عندهم كأنها كلَّها رمضان ، لا حاجة لي فيكم ، رُدُّوني إليهم " ، ورجعت إلى سيدها الأول .
سمع المؤمنون قول رسول الله r: " كل عمل ابن آدم يضاعف : الحسنة بعشر أمثالها ، إلى سبع مائة ضعف ، قال تعالى : إلا الصوم , فإنه لي وأنا أجزي به , يدع شهوته وطعامه من أجلي " [ الحديث رواه مسـلم ] ،
فهل تعجب أخي المؤمن أن جبريل ملك الوحي يقول في هذا الحديث , وفيما رواه مسلم " من أدرك شهر رمضان ولم يُغفر له باعده الله في النار " ثم يؤمِّن خليل الرحمن الصادق r على دعائه ؟! , وأي عجب ورمضان فرصة نادرة ثمينة فيها الرحمة والمغفرة , ودواعيها متيسرة , والأعوان عليها كثيرون , وعوامل الفساد محدودة , ومردة الشياطين مصفَّدون , ولله عتقاء في كل ليلة , وأبواب الجنة مفتحة ، وأبواب النيران مغلقة , فمن لم تنله الرحمة مع كل ذلك فمتى تناله إذن ؟ ، ولا يهلك على الله إلا هالك , ومن لم يكن أهلاً للمغفرة في هذا الموسم ففي أي وقت يتأهل لها ، ومن خاض البحر اللجاج ولم يَطَّهَّرْ فماذا يطهره ؟! .
ورد لبيلسان August 4th, 2010, 01:16 AM
7 "
August 3rd, 2010, 08:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
شهر البر والإحسان .. شهر أوله رحمة .. وأوسطه مغفرة .. وآخر عتق من النيران .
شهر تمنى النبي صلى الله عليه وسلم لقائه إذ قال في دعائه (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان)
فقبل لقائه هو في شوق وحنين إلى لقائه كيف .. وهو شهر الصبر .. شهر الطاعة .. شهر الإبانة والذكر .
لذالك والله ما ودعه مؤمن إلاّ وقلبه يحترق لفراقه وما انصرف شهر رمضان عن عبدٍ صالحٍ قام بحقه وقدره إلاّ كان انصرافه في قلبه حزاناً شوقاً وحنيناً لا يعلمه إلا الله عز وجل .
كم دخله بعيد من الله فقربه الله .؟
كم دخله محروم فأعطاه الله .؟
كم دخله مسيئ فتاب عليه الله .؟
لذالك كان الأخيار من سلف هذه الأمة يتمنون لقائه يدعون الله وصوله وبلوغه .
ولي وإياكم أيها الأحبة (خمس وقفات) قبل حلول هذا الشهر العظيم :
الوقفة الأولى : إذا قدم عليك شهر رمضان فوضعت أول قدم على أعتابه فحري بك أن تتذكر نعمة من الله أسداها إليك ومنة من الله أولاها إليك هذه النعمة أن بلغك الله شهر رمضان .. هذه النعمة أن كتب الله لك الحياة إلى بلوغ هذا الشهر .. كم من قلوبٍ حنت واشتاقت إلى لقاء هذا الشهر .. ولكن انقطع به القدر .. وانقطع بها الأثر فهم تحت الثرى في القبور .. فإذا بلغت شهر رمضان فتذكر منة الله عليك واحمد الله على الوصول والبلوغ وقل بلسان الحال والمقال اللهم لك الحمد على أن بلغتني رمضان لا أحصي ثناء عليك .. إن قلت هذا وتمكنت هذه النعمة من قلبك تأذن الله لك بالمزيد (ولأن شكرتم لأزيدنكم ) وحري بأن تصاب برحمة الله عز وجل .. والله ما شكر عبد نعمة من نعم الله عز وجل إلاّ بارك الله له فيها .
وإذا بلغت شهر رمضان تذكر أناس حيل بينها وبين الصيام والقيام .. الآلام والأمراض والأسقام فهم على الأسرة البيضاء .. إذا تذكرت ذلك .. ورأيت الصحة والعافية في بدنك فحمد الله على الوصول والبلوغ .. واسأله أن يعينك على طاعته وذكره وشكره وحسن عبادته .
الوقفة الثانية : عقد النية على صلاح القول والعمل .. فلتكن من بدية هذا الشهر عزم بينك وبين الله على المسير إلى الله والتقرب إليه بطاعة وذكره وحسن عبادته .
وهذا أمر ينبغي أن يتذكر من بداية هذا الشهر أن تعقد النية على صلاح القول والعمل
كم من أناس أدركوا شهر رمضان وأدركوا يوماً أو يومين .. ولكن اخترمتهم المنية قبل بلوغ آخره فأعطاهم الله الأجر كامل .. لأنهم كانوا يطمحون ويطمعون في فعل المزيد من الطاعات .. ولكن اخترمتهم المنية قبل بلوغ آخره فأعطاهم الله الأجر كامل.
الوقفة الثالثة : وهي وصية نبوية فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه احدٌ أو شاتمه فليقل إني صائم )
لأن الصيام لا يقتصر عند الإمساك عن الطعام والشراب فحسب
ولكن هناك صيام عن الإحجام عن الكلام الذي لا يرضي الله عز وجل
هناك صيام عن الأفعال الذي تسخط الله عز وجل
لان الصائم ليس لائق به أن يرتكب لقط الكلام ورفثه .. فحفظ لسانك ولا تتفوه إلا بما يرضي الله عز وجل .
الوقفة الرابعة : هذا الشهر هو شهر التوبة الإنابة والمغفرة .
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ( إن الله يبسط يده بالليل حتى يتوب مسيئ النهار ويبسط يده بالنهار حتى يتوب مسيئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها )
ذنوب العام كل العام تمحى لمن صدق مع الله في هذا الشهر .
نعم أيها الأحبة والله ذنوب العام كل العام تمحى لمن صدق مع الله في هذا الشهر
( يا عبادي إنكم تذنبون بالليل والنهار وأنا اغفر الذنوب جميعا فستغفروني اغفر لكم )
( يابن ادم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك ما كان منك ولا أبالي )
( يابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني لغفرت لك على ما كان منك ولا أبالي )
أيها الأحبة : من لم يتب إلى الله عز وجل في رمضان فمتى يتوب .؟
ومن لم يعد إلى الله عز وجل في رمضان فمتى يعود .؟
فالبدار البدار بالتوبة قبل حلول الآجال .
الوقفة الخامسة : من الأمور المهمة التي ينبغي الشخص أن يفعلها قبل حلول رمضان
أن يتفقه في أحكام الصيام وما يتعلق [ بشروطه وآدابه وسننه وما يجب وما لا يجب إلى غير ذلك ] حتى يهيئ نفسه لاستقبال شهر رمضان .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ( من يرد الله فيه خير يفقه في الدين ) فمن لا يسأل عن أمور دينه ولا يتفقه في أحكام الصيام ما أراد الله به خير بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (من يرد الله فيه خير يفقه في الدين )
وأخيرا : هذه بعض الأمور التي نستقبل بها هذا الشهر .. فاغتنم أيام هذا الشهر .. ولياليه .. وساعاته .. في الاستزادة من الخير والإقبال على الله عز وجل .. فإن العاقل والله لا يفرط في هذه الأيام .. وما يدريك لعلك مكتوب في سجل الأموات هذا العام .. وما يدريك لعلك لا تدرك رمضان المقبل.
لقـد أظلك شـهر الصوم بعدَهُما *** فلا تصيره شهر تضييع وعصيان
واتلـوا القـران ورتل فيه مجتهـداً *** فإنه شـهر تسبيـح وقـران
كم كنت تعرف ممن صام من سلف *** من بين أهلنٍ وجيرانٍ وإخوانِ
أفناهـم الموت واستبقاك بعدهم حي *** فما اقرب القاصي إلى الداني
اللهم بلغنا شهر رمضان .. اللهم بلغنا شهر رمضان .. اللهم بلغنا شهر رمضان .
وأعنا فيه على الصيام والقيام .. واجعلنا فيه ووالدينا من عتقائك من النار .
عيسى بن حسن الذياب