September 12th, 2008, 01:59 PM
بسم الله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى
يبدو أنه ما من مجتمع بشري إلا وفيه دعاة إلى نوع من الفضيلة وحماة
للرذيلة ، وأن حال المجتمع ومصيره رهين بغلبة أحد الفريقين . وأعني بالفضيلة
أشياء مثل الصدق والعدل والأمانة والعفة وعدم الانغماس في الشهوات ، والتحذير
من كل ما يؤدي إلى ذلك من وسائل . هذه الأمور من الفضائل التي ركزها الله في
طبيعة البشر ، والتي تأتي أنوار الرسالات لتؤكدها وتشرع للناس ما يتناسب معها
من عقائد وعبادات ومعاملات .
أريد أن أعطي القارئ الفاضل أمثلة من هذا لبعض ما اطلعت عليه في الغرب
في الأسابيع الأخيرة من غير بحث ولا تنقيب .
قرأت قبل بضعة أسابيع مقالاً بجريدة ( نيويورك تايمز ) يسخر فيه صاحبه
من كثير من الفضائل التي يتميز بها المجتمع السعودي ، ويقول إنها تعوق فتح باب
السياحة للأجانب ، ويرى أن الاستفادة من هذه السياحة تتطلب التخلص من تلك
الفضائل ، وأن تستبدل بها الرذائل التي اعتاد عليها في بلده والتي أصبح كثير من
أمثاله حتى في بلادنا يرونها ضربة لازب لكل مجتمع يريد أن يرتقي إلى مصاف
الدول المتحضرة بزعمهم . يسخر من الحجاب ، ومن قتل القاتل ، ومن منع اختلاط
الرجال بالنساء ، ومن توقف العمل لأداء الصلاة . ويقول : إن فكرة تجوال امرأة
شابة غير متزوجة وهي لا ترتدي إلا ... هو مما يراه السعوديون أمراً مرعباً .
لم أعرف تلك اللبسة التي ذكرها حتى سألت عنها ، فإذا بها لبسة لا تغطي من
جسم المرأة إلا شيئاً من صدرها ، وشيئاً قليلاً مما فوق ركبتيها بكثير إلى ما تحت
خاصرتها ! هذا الذي يراه هذا المطموس الفطرة أمراً طبيعياً ، بينما يرى الحجاب
أمراً منكراً .
ثم قرأت بعد أسابيع من ذلك في جريدة ( الواشنطن بوست ) مقالاً يقول : إن
تلك اللبسة صارت اليوم معروضة في كبرى المحلات التجارية ضمن ألبسة طالبات
المدارس حتى اللائي لم يبلغن سن العاشرة ! لكنه يذكر أن كثيراً من الآباء احتجوا
على الدعاية لها ، وأن بعض الأمهات رفضن أن يشترينها لبناتهن رغم إلحاحهن
الشديد ، وأن بعض مدراء المدارس يفكر الآن في فرض زي معين للطالبات . فمن
الذي سينجح في هذه المعركة إن كانت معركة ؟ أغلب ظني أنهم حماة الرذيلة .
وكنت قد ذهبت قبل أسبوعين إلى لندن للمشاركة في مؤتمر عن العولمة نظمه
المنتدى الإسلامي . وأثناء وجودي بالفندق كنت أقرأ بعض الصحف اليومية وبعض
المجلات ، كما أشاهد التلفاز . فوجدت في تلك الأخبار العجب العجاب . سمعتهم
يتحدثون عن برنامج عرضته إحدى القنوات التجارية أثار سخط الآباء والأمهات ،
بل سخط بعض الوزراء والوزيرات . أتدرون عما كان البرنامج ؟ كان عن المبتلين
بالميل الجنسي إلى الأطفال . ويبدو أنه عرضت فيه صور فاضحة وأنه سخر من
الاعتراض على هذا الانحراف . لكن حماة الرذيلة وعلى رأسهم المسؤول عن القناة
جاء يدافع عنه ويزعم أنه لا يرى فيه منافاة للأخلاق !
ثم قرأت في إحدى الجرائد عن فيلم سيعرض بعد أسابيع يشاهد فيه الشعب
الإنجليزي لأول مرة الفاحشة تمارس على شاشات السينما . بل إن الدعاية له التي
نشرتها الجريدة والتي رأيتها بعد ذلك معلقة في الأماكن العامة تتضمن شيئاً من ذلك
المنكر . قالت إحدى الكاتبات في تلك الجريدة : هل نحن مقبلون على ممارسة
الجنس في قارعة الطريق ؟ وتذكرت كما أن القارئ لا بد أن يكون قد تذكر الحديث
الذي رواه أبو يعلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم عن آخر الزمان :
« والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في
الطريق ؛ فيكون خيارهم يومئذ من يقول : لو واريتَها وراء هذا الحائط » [1] .
لكن منتجي الفيلم ، وكاتب القصة التي بني عليها ظهروا على شاشات التلفاز
يدافعون عن هذا المنكر ولا يرون فيه شيئاً منافياً للأخلاق .
ثم قرأت بإحدى المجلات مقالاً طويلاً بعنوان : ( عصر الانحطاط ) ذكَّرني
بكتاب جديد في تاريخ الثقافة الغربية عنوانه : ( من الفجر إلى الانحطاط ) ، عرفت
من صاحبة المقال أن ذينك البرنامجين المذكورين آنفاً كاناً ضمن سلسلة من
المنكرات التي توالت في مدى بضعة أسابيع بتلك البلاد ، منها اعتراف أحد الكبار
بأنه أقسم أمام القضاء كاذباً ، واعتراف بعض المتزوجين لوسائل الإعلام بأنهم زنوا ،
ومنها كثرة العلاقات الجنسية بين أقرب المحارم . لكن هذا الكلام لم يعجب إحدى
حاميات الرذيلة فكتبت في إحدى جرائد التابلويد تسخر من الكاتبة ومن المجلة التي
نشرت المقال . وكان مما قالته : إن زنا المتزوجين ليس بالخطيئة الجديدة ؛ فلا يعد
معياراً لانحطاط الأمم . أقول : نعم ! إنه ليس بالخطيئة الجديدة ؛ بل قد يحدث في
أكثر المجتمعات عفة . لكن هناك فرق بين أن يكون حوادث شاذة متناثرة ، وبين أن
تعم به البلوى فيكون سمة للمجتمع . وأقول للكاتبة : ما رأيها فيما نشرته الجرائد
عن مسرحية ظهر فيها أحد الممثلين عرياناً أمام الجمهور ، ثم أعطاهم قفاه و ...
تخيلوا ماذا ؟ تغوط ! أترى هذا أيضاً لا يدل على الانحطاط حتى في الأذواق ؟
إن الإجرام دركات ؛ ففرق بين أن يرتكب الإنسان جرماً محصوراً في نفسه ،
وبين أن يتباهى به ويعلنه على الناس ، ثم بين هذا وبين من يدعو إليه ويسعى
للدفاع عنه وحماية مرتكبيه . هؤلاء هم شرار الخلق وهم سبب انحطاط الأمم
وهلاكها . وقد أعطانا ربنا صورة واضحة عنهم لنسعى جاهدين لقمعهم ودفع باطلهم
تعلمنا من كتاب ربنا أن بعض الناس لا يفعل الغواية فحسب ، بل يحبها ويكره
الهداية . ] وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى [ ( فصلت : 17 ) ،
وأن بعض الناس لا يرتكب الفاحشة فحسب بل يحب لها أن تنتشر ولا سيما بين
الصالحين . ] ِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا [ ( النور : 19 ) ،
وأن بعض الناس يحب الكفر والفسوق والعصيان إلى درجة تجعله مستعداً لأن
يبذل كل ما في وسعه للدفاع عنها بالحجة والمال ، بل بالنفس وكل رخيص وغال .
] كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لاَ
يُحِبُّ المُفْسِدِينَ [ ( المائدة : 64 ) .
] وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوَهُمْ إِنَّكُمْ
لَمُشْرِكُونَ [ ( الأنعام : 121 ) .
] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ
حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [ ( الأنفال : 36 ) .
] الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ
فَقَاتِلُوا أُوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [ ( النساء : 76 ) .
وأنت ترى في هذه الآيات الكريمة وغيرها كيف أن الله تعالى لا يكتفي
بإخبارنا عن باطلهم ، بل يحثنا على مدافعته وتغييره . فعلى المؤمنين بالحق أن لا
يقفوا عند حدود الاستمساك السلبي به ، بل أن يكونوا متعاونين في الدعوة إليه ،
والدفاع عنه ، والسعي لقمع أعدائه بالحجة والبرهان ، وبذل النفس والنفيس .
] وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ [
( الأنفال : 73 ) . إن حماة الرذيلة لا يقفون عند حد الدفاع عنها ، بل يسعون لمحو
معالم كل فضيلة مضادة لها . لكن الذي يمنعهم من ذلك هم جنود الحق المدافعون
عنه الباذلون الجهد لإعلاء كلمة الله .
] وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ
عَلَى العَالَمِينَ [ ( البقرة : 251 ) .
ا. د جعفر شيخ ادريس
________________________
(1) مسند أبي يعلى ، رقم 6183 ، الفردوس بمأثور الخطاب ، رقم 7044 .
September 12th, 2008, 01:59 PM
بسم الله وكفى والصلاة والسلام على المصطفىيبدو أنه ما من مجتمع بشري إلا وفيه دعاة إلى نوع من الفضيلة وحماة
للرذيلة ، وأن حال المجتمع ومصيره رهين بغلبة أحد الفريقين . وأعني بالفضيلة
أشياء مثل الصدق والعدل والأمانة والعفة وعدم الانغماس في الشهوات ، والتحذير
من كل ما يؤدي إلى ذلك من وسائل . هذه الأمور من الفضائل التي ركزها الله في
طبيعة البشر ، والتي تأتي أنوار الرسالات لتؤكدها وتشرع للناس ما يتناسب معها
من عقائد وعبادات ومعاملات .
أريد أن أعطي القارئ الفاضل أمثلة من هذا لبعض ما اطلعت عليه في الغرب
في الأسابيع الأخيرة من غير بحث ولا تنقيب .
قرأت قبل بضعة أسابيع مقالاً بجريدة ( نيويورك تايمز ) يسخر فيه صاحبه
من كثير من الفضائل التي يتميز بها المجتمع السعودي ، ويقول إنها تعوق فتح باب
السياحة للأجانب ، ويرى أن الاستفادة من هذه السياحة تتطلب التخلص من تلك
الفضائل ، وأن تستبدل بها الرذائل التي اعتاد عليها في بلده والتي أصبح كثير من
أمثاله حتى في بلادنا يرونها ضربة لازب لكل مجتمع يريد أن يرتقي إلى مصاف
الدول المتحضرة بزعمهم . يسخر من الحجاب ، ومن قتل القاتل ، ومن منع اختلاط
الرجال بالنساء ، ومن توقف العمل لأداء الصلاة . ويقول : إن فكرة تجوال امرأة
شابة غير متزوجة وهي لا ترتدي إلا ... هو مما يراه السعوديون أمراً مرعباً .
لم أعرف تلك اللبسة التي ذكرها حتى سألت عنها ، فإذا بها لبسة لا تغطي من
جسم المرأة إلا شيئاً من صدرها ، وشيئاً قليلاً مما فوق ركبتيها بكثير إلى ما تحت
خاصرتها ! هذا الذي يراه هذا المطموس الفطرة أمراً طبيعياً ، بينما يرى الحجاب
أمراً منكراً .
ثم قرأت بعد أسابيع من ذلك في جريدة ( الواشنطن بوست ) مقالاً يقول : إن
تلك اللبسة صارت اليوم معروضة في كبرى المحلات التجارية ضمن ألبسة طالبات
المدارس حتى اللائي لم يبلغن سن العاشرة ! لكنه يذكر أن كثيراً من الآباء احتجوا
على الدعاية لها ، وأن بعض الأمهات رفضن أن يشترينها لبناتهن رغم إلحاحهن
الشديد ، وأن بعض مدراء المدارس يفكر الآن في فرض زي معين للطالبات . فمن
الذي سينجح في هذه المعركة إن كانت معركة ؟ أغلب ظني أنهم حماة الرذيلة .
وكنت قد ذهبت قبل أسبوعين إلى لندن للمشاركة في مؤتمر عن العولمة نظمه
المنتدى الإسلامي . وأثناء وجودي بالفندق كنت أقرأ بعض الصحف اليومية وبعض
المجلات ، كما أشاهد التلفاز . فوجدت في تلك الأخبار العجب العجاب . سمعتهم
يتحدثون عن برنامج عرضته إحدى القنوات التجارية أثار سخط الآباء والأمهات ،
بل سخط بعض الوزراء والوزيرات . أتدرون عما كان البرنامج ؟ كان عن المبتلين
بالميل الجنسي إلى الأطفال . ويبدو أنه عرضت فيه صور فاضحة وأنه سخر من
الاعتراض على هذا الانحراف . لكن حماة الرذيلة وعلى رأسهم المسؤول عن القناة
جاء يدافع عنه ويزعم أنه لا يرى فيه منافاة للأخلاق !
ثم قرأت في إحدى الجرائد عن فيلم سيعرض بعد أسابيع يشاهد فيه الشعب
الإنجليزي لأول مرة الفاحشة تمارس على شاشات السينما . بل إن الدعاية له التي
نشرتها الجريدة والتي رأيتها بعد ذلك معلقة في الأماكن العامة تتضمن شيئاً من ذلك
المنكر . قالت إحدى الكاتبات في تلك الجريدة : هل نحن مقبلون على ممارسة
الجنس في قارعة الطريق ؟ وتذكرت كما أن القارئ لا بد أن يكون قد تذكر الحديث
الذي رواه أبو يعلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم عن آخر الزمان :
« والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في
الطريق ؛ فيكون خيارهم يومئذ من يقول : لو واريتَها وراء هذا الحائط » [1] .
لكن منتجي الفيلم ، وكاتب القصة التي بني عليها ظهروا على شاشات التلفاز
يدافعون عن هذا المنكر ولا يرون فيه شيئاً منافياً للأخلاق .
ثم قرأت بإحدى المجلات مقالاً طويلاً بعنوان : ( عصر الانحطاط ) ذكَّرني
بكتاب جديد في تاريخ الثقافة الغربية عنوانه : ( من الفجر إلى الانحطاط ) ، عرفت
من صاحبة المقال أن ذينك البرنامجين المذكورين آنفاً كاناً ضمن سلسلة من
المنكرات التي توالت في مدى بضعة أسابيع بتلك البلاد ، منها اعتراف أحد الكبار
بأنه أقسم أمام القضاء كاذباً ، واعتراف بعض المتزوجين لوسائل الإعلام بأنهم زنوا ،
ومنها كثرة العلاقات الجنسية بين أقرب المحارم . لكن هذا الكلام لم يعجب إحدى
حاميات الرذيلة فكتبت في إحدى جرائد التابلويد تسخر من الكاتبة ومن المجلة التي
نشرت المقال . وكان مما قالته : إن زنا المتزوجين ليس بالخطيئة الجديدة ؛ فلا يعد
معياراً لانحطاط الأمم . أقول : نعم ! إنه ليس بالخطيئة الجديدة ؛ بل قد يحدث في
أكثر المجتمعات عفة . لكن هناك فرق بين أن يكون حوادث شاذة متناثرة ، وبين أن
تعم به البلوى فيكون سمة للمجتمع . وأقول للكاتبة : ما رأيها فيما نشرته الجرائد
عن مسرحية ظهر فيها أحد الممثلين عرياناً أمام الجمهور ، ثم أعطاهم قفاه و ...
تخيلوا ماذا ؟ تغوط ! أترى هذا أيضاً لا يدل على الانحطاط حتى في الأذواق ؟
إن الإجرام دركات ؛ ففرق بين أن يرتكب الإنسان جرماً محصوراً في نفسه ،
وبين أن يتباهى به ويعلنه على الناس ، ثم بين هذا وبين من يدعو إليه ويسعى
للدفاع عنه وحماية مرتكبيه . هؤلاء هم شرار الخلق وهم سبب انحطاط الأمم
وهلاكها . وقد أعطانا ربنا صورة واضحة عنهم لنسعى جاهدين لقمعهم ودفع باطلهم
تعلمنا من كتاب ربنا أن بعض الناس لا يفعل الغواية فحسب ، بل يحبها ويكره
الهداية . ] وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى [ ( فصلت : 17 ) ،
وأن بعض الناس لا يرتكب الفاحشة فحسب بل يحب لها أن تنتشر ولا سيما بين
الصالحين . ] ِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا [ ( النور : 19 ) ،
وأن بعض الناس يحب الكفر والفسوق والعصيان إلى درجة تجعله مستعداً لأن
يبذل كل ما في وسعه للدفاع عنها بالحجة والمال ، بل بالنفس وكل رخيص وغال .
] كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لاَ
يُحِبُّ المُفْسِدِينَ [ ( المائدة : 64 ) .
] وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوَهُمْ إِنَّكُمْ
لَمُشْرِكُونَ [ ( الأنعام : 121 ) .
] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ
حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [ ( الأنفال : 36 ) .
] الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ
فَقَاتِلُوا أُوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [ ( النساء : 76 ) .
وأنت ترى في هذه الآيات الكريمة وغيرها كيف أن الله تعالى لا يكتفي
بإخبارنا عن باطلهم ، بل يحثنا على مدافعته وتغييره . فعلى المؤمنين بالحق أن لا
يقفوا عند حدود الاستمساك السلبي به ، بل أن يكونوا متعاونين في الدعوة إليه ،
والدفاع عنه ، والسعي لقمع أعدائه بالحجة والبرهان ، وبذل النفس والنفيس .
] وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ [
( الأنفال : 73 ) . إن حماة الرذيلة لا يقفون عند حد الدفاع عنها ، بل يسعون لمحو
معالم كل فضيلة مضادة لها . لكن الذي يمنعهم من ذلك هم جنود الحق المدافعون
عنه الباذلون الجهد لإعلاء كلمة الله .
] وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ
عَلَى العَالَمِينَ [ ( البقرة : 251 ) .
ا. د جعفر شيخ ادريس
________________________
(1) مسند أبي يعلى ، رقم 6183 ، الفردوس بمأثور الخطاب ، رقم 7044 .