الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

تقرير مــذكــراتي اللــــندنــية

تقرير مــذكــراتي اللــــندنــية


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 5306 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. الصورة الرمزية نديم الهوى
    نديم الهوى

    مبتعث مستجد Freshman Member

    نديم الهوى السعودية

    نديم الهوى , ذكر. مبتعث مستجد Freshman Member. من المملكة المتحدة , مبتعث فى السعودية , تخصصى علاقات دولية , بجامعة أكسفورد
    • أكسفورد
    • علاقات دولية
    • ذكر
    • أكسفورد, انجلترا
    • المملكة المتحدة
    • May 2010
    المزيدl

    May 25th, 2010, 08:05 PM

    الحلقة الأولى


    تعود بي الذكريات للعام 1984 عندما تخرجت من الثانوية العامة في مدرسة الخليج في الدمام، وأصيب أخي الذي يكبرني بمرض اللوكيميا ولم يكن له العلاج متوفر في السعودية تلك الأيام. أنا بعد أن أنهيت مرحلة الثانوية العامة قدمت في كلية الملك عبد العزيز الحربية في الرياض، وتوسط لي زوج أختي للتسجيل في الكلية، وكان عقيد ركن في قسم حساس، وأذكر أنه طلب مني فقط ورقة بيضاء عادية وكتب عليها توصية بخط يده لقائد كلية الملك عبد العزيز الحربية بالرياض. عندما وصلت الرياض قدمت أوراقي للكلية وقبلوني بكل بساطة بواسطة الورقة المهترئة إلي كتبها زوج أختي، ماكان القبول صعب في تلك الأيام، الآن لو يتوسط لك أمير كبير جداً من الصف الأول، لن تضمن القبول أو حتى التسجيل.

    بعد ما قدمت أوراقي الأولية للكلية، تم تحويلنا إلى المستشفى العسكري بالرياض لعم الفحوصات اللازمة ، ولما استلمت أوراقي وطلب مني الظابط الذهاب للمستشفى، سألت الضابط، وكان من أهل الجنوب، بلهجة أهل الشرقية التي كنت متأثر بها كثيرا رغم اني مش من أهل الشرقية (ما عندكم باااااااااص يودينا للمستشفى؟)، كانت لهجة غريبة عليها قريبة للهجة أهل البديع في البحرين..... نظر الضابط لي شذراً وقال بأعلى صوته (أفلللللللللح) أي أقلب وجهك، الناس يا بابا تتسابق لأكمال عملية التسجيل وحضرتك تبي باااص، لا وش رايك أرسل معاك سواق العائلة يوديك,,هيهيهيه.

    لكن لحسن الحظ لقيت في الصالة بعض اقراني الذين درست معاهم الابتدائية في مدينة الطايف، وكانوا مثلي جايين يسجلون، وشاءات الأقدار أن نجتمع بعد سنوات عديدة في الرياض. رحت معاهم المستشفى العسكري وعملنا الفحص وأتذكر إنهم اكتشفوا سرطان في الرئة لأحد الأشخاص. كان على فكرة معانا واحد دبوس يسوي نفسه يسجل معانا ويرافقنا بكل عمليات التسجيل، بس كان واضح جدا انه دبوس، لأن عمر حوالي أربعين سنة وحنا يا دوب 18 سنة، وبعدين ما كان يعرف يعبي الأوراق زي العالم.، وبعد أنن أنهينا الفحص في المستشفى رحت نمت معاهم في عزبة مثل الخرابة، بيت طين، مجمع فيه عشرين ألف خارج عن القانون، غصب عني لأن أبوي أعطاني بس 500 ريال، شاملة تذكرة سفر والإقامة لمدة يومين والسكن في عزبة حونشية.

    بعد ما قبلت، مبدئياً سافرت مع زوج أختي إلى مكة المكرمة وكنا في العشر الأواخر من رمضان ورافقنا والدي، لمقابلة سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز لطلب المساعدة في علاج أخي على حساب سموه حفظه الله. دخل زوج أختي للمختصر الخاص بسمو الأمير ورجع لنا بعد أقل من دقيقة، وسأله الوالد عسى ما شر، شكلك ما قدرت تتكلم معاه، أو إنه سموه مشغول، ابتسم زوج أختي وقال لا يا عمي، طويل العمر وافق؟؟؟، كيف وافق في أقل من 40 ثانية، سبحان الله، أقل من 40 ثانية كانت تعني علاج لأخي في لندن بحوالي 8 مليون ريال في بريطانيا ، كما أطلعت على الفواتير بنفيسي، ورحلة لمدة سنة وأربعة أشهر في شوارع لندن كنت عشتها وحيدا في معظم الأوقات مما غير مجرى حياتي تماما وللأبد.

    بدأت التجهيزات لسفر أخي، وكان أخي الأصغر هو المتبرع، بعد أن عملنا الكشف عند الدكتور السوداني الأنيق عز الدين إبراهيم في المستشفى التعليمي في الخبر.

    سافر أخي المريض، مع أخي الصغير الذي سوف يتبرع له بالنخاع الشوكي وأخي الكبير ووالدي إلى لندن، وبقيت أنا مع الأسرة في انتظار الدخول للكلية. بعد حوالي شهر اتصل فينا أبوي من لندن وقال يا نديم (اسمي المستعار طوال الرحلة) جهز التأشيرة عشان بتجي ترافق أخوك، لأن المسألة زي ما عرفنا من الدكتور قولدمان بتطول وأخوك الصغير لازم يرجع عنده دور ثاني، وأنا وأخوك الكبير لازم نرجع عندنا أشغال وإنت قدها وقدود، قلت حاضر يا أبوي هذا واجب علي، لكن والكلية العسكرية الي سجلت فيها بتضيع علي، رد علي قال بعوضك بالي يرضيك بس تعال أخوك محتاجك، قلت على بركة الله.

    نسيت الكلية، وجهزت أوراقي في انتظار السفر لبريطانيا، ورحنا خيمنا في شاطيء الهاف مون لبعض الأيام وكان من زملائي الأعزاء راشد الماجد الذي اصبح مشهور في عالم الطرب، ونبيل وسعد الشعيبي ومحمد وليد، وكلهم فنانين على مستوى كبير، بل أن نبيل الشعيبي (الشعيبي وليس نبيل شعيل) كان صوته أجمل من صوت راشد الماجد بكثير، كان صوته حزين وفيه بحة جميلة، خاصة إذا أشدى بأغنية كلها شجن على العود ( يا حبيبي أهواك وروحي فداك،،، ودي أسأل والله أسأل على حبيبي إلي راح، راح وخلاني وحيد راح وخلاني حزين)

    كنت نائم في الخيمة ووحبات الرمال تملأ اذني والجو حار رغم وجودتكييف في الخيمة، وفجأة أتى موظف عند أخي اسمه عم حسين الشربيني، مصري أعتبره مثل أبوي يقومني قوم يا نديم، قوم يا عم إنت مسافر الليلة إلى لندن، قوم أمال. قومت متثاقل وغسلت وجهي وقلت لرشود ونبيل، بروح الليلة لندن، لازم تجون معاي المطار تودعوني، قالوا كذا بسرعة تونا مالنا يومين حاطين الخيام والأغراض. بس أنا ما ترددت ورحت العصر لسوق عيال ناصر في الدمام، الي قريب من سوق الأرزاق، وسوق الحب واشتريت بناطيل ماركة أبو رفسة وجاكيت طويل من مخلفات الحرب العالمية الثانية أو الأولى، ماني متأكدورجعت البيت وأخذت كل ملابس أخوي الكبير إلي كان يدرس في أمريكا والي هو موجود حاليا في بريطانيا.

    في المغرب جاء رشود ونبيل وصديق آخر اسمه ناشر وعزموني في بوفية عزيز وشربت ثلاثة أكواب منقة لأول مرة في حياتي، كنت ضعيف مرة ، حوالي 58 كيلو.

    رحنا المطار وأضن الخطوط كانت برتش كاليدونيا، وهي خطوط اندثرت أو انقرضت بفعل المنافسة التجارية، ركبت في الطيارة وجلست بين واحد ياباني وثاني انقليزي، ولغتي الانجليزية كانت تفشل، لذلك لم أتحرك من كرسيي طوال الرحلة مستحي أقول للي جنبي اكسكويزمي، خفت يكلمني وبعدين اتوهق. بعد العشاء جابو عصير وأخذت سفن آب، واكتشفت انه خمر من ريحته رغم اني ما عمري شفت خمر في حياتي، وتورطت كيف أناديها كنت خجلان مرة من فتح أي حوار، بس شفت الجماعة ناموا قمت كبيته في الأرض، وتعال شم الريحة طوال الرحلة.

    لما جات تعبية نماذج الهجرة التي تسلم عند الوصول كلمت الياباني الي جنبي عشان يساعدني، لقيته مايفهم شي، حتى حسبته اصقه، ما يفهم لا يس ولا نو، كلمت البريطانيا وقعد يحاول يفهمن كيف اعبيها، تعب معاي نص ساعة بس عشان يفهمني مكان الميلاد وتاريخ الميلاد، عبيت الورق شخابيط وخط شي كبيتل وشي سمول وادعيت ان عنواني في السعودية يقع في شارع الأمير سعد، اي سعد الله يرحم والديك، أصلا ما اعرف اسم شارعنا، لا كاتب أمير بالانجليزية shria alamerr saaaaaad اصلاالمهم لما نزلنا نختم الجوازات عند الدخول صفيت في سرا قصير، طلع الخط هذا حق البريطانيين فقط، ولما وصلت عند موظف الجمارك فهمت منه على غفلة إني في مكان غلط، وأشرلي على سرا ثاني، رحت وبعدين رجعت له أقوله بكل ثقة آر يو شور، مسوي نفسي فاهم، صرخ علي قدام الله وخلقه مع صباح الله خير صرخة مدوية ودتني لآخر السرا في المكان المخصص للمنبوذين، قصدي الي ماهم بريطانيين.

    طلعت بعد جهد خرافي لصالة الوصول في مطار قيت ويك، وهو المطار الثاني بعد هيثرو، وسمعت واحد يناديني نديم نديم، وتوالت الأصوات وطالعت مصدر الصوت، شفت أبوي ومعاه اثنين جزائريين شباب، سلمت على أبوي وحبيت يده وراسه وعرفني على الجزائريين نسيم، وعبد الرحمن. واتجهنا لمحطة القطار ولأول مرة أشوف الناس بشكل ما أنساه طول حياتي، كأني كنت في السعودية أشوف تلفزيون ابيض واسود وفي المحطة بدأت اتفرج على تلفزيون ألوان 1000 بوصة وبوسة، أول مرة اشوف البوليس الأنجليزي في ملابسه التقليديه أمامي وطوله الفارع وأناقته والناس جميلة وأنيقة والابتسامة لا تفارقهم خصوصا لما يتفجأون بنظراتي المتفرسة والمسترسلة ، وركنبا القطار لمحطة فكتوريا بوسط لندن، جلست خلالها في القطار أمام صبية بريطانية في العشرينات، كان عمر 18 سنة في تلك الفترة، وعلى طول من الفقر بادلتها النظرات المشفوحة فابتسمت لي وقلت في نفسي ليت أبوي يروح ياخذ كوفي ، شكلها حبتنيوالله كنت اتحلم ، مصدق روحي، جاي من الحر والرطوبة وصحاري النفوذ والحين راكب في قطار خسمة نجوم الخضرة خلف الشباك والماء حولها وقدامي الوجه الحسن. وعلى ما يبدو أن الصدمة الثقافية بدأت أعراضها دون أن تأخذ حتى دور الحضانة، لذلك أعتقد أن البنت كانت تبتسم اندهاشا من ملابسي الغير متناسقة، نعال وانتم الكرامة نجدية، بنطلون أبيض نايلون من سوق الخميس بالقطيف ، جكيت بلوفر رمادي من عصر هتلر، بلوزه من سوق عيال بن ناصر ، شاري ثنتين بخمستعش ريال. بس كان والله العالم يشفع لي تلك الأيام وسامتي ورشاقتي، رغم المصيبة الي كنت مرتكبها أو لابسها
    الحلقة الثانية


    وصلنا محطة فكتوريا وأخذنا باص واتجهنا إلى كوينز واي وكنا نسكن في نهاية الشارع في عمارة تسمى رالف كورت، شقة رقم 41. عندما دخلت الشقة صدمت عندا رأيت أخي وقد سقط شعره وذقنه وحواجبه بسبب العلاج الكيماوي. بل أنه أصبح كأنه هيكل عضمي. ضممته وبكيت من حزني عليه خاصة أنه قبل أربعة أشهر كان شاب وسيم وطويل ويدرس في السنة الثانية طب في جامعة الملك فيصل. وأصيب بجرح في ركبته وحاول علاجه ولكن بدأ الجرح يزداد سوءأ، لذلك عمل فحص دم وظهرت النتيجة ايجابية باصبته باللوكيميا (سرطان الدم). بحثنا له عن علاج في كل مكان في السعودية، حتى أن أبي أشترى له ناقة ب 25 ألف ريال، وكان هذا اعلى سعر في تلك الأيام قبل مزايين الأبل، ووضعنا الناقة مع حلال رجل أعمال أجودي اسمه بن هندي وكان يحضر لنا يوميا دلواً من حليب الناقة نسقيه لأخي لعله يشفيه.

    جلست في الشقة الجميلة رغم صغر مساحتها بالنسبة لبيوتنا في السعودية وعرفت أن أخي الكبير اشتراها بحوالي 45 ألف جنيه من صاحبها العراقي، وكان سعر الجنيه 4.30 ريال فقط، يعني شقة ببلاش. باعها أخي لاحقا في العام 2000 ب 770 ألف جنيه.

    نمت في الشقة حتى العصر، وصحوت على شلة جزائريين مطاوعة يرحبون في ويتحمدون علي بالسلامة. أخي كان من منظري ورواد صحوة الثمانينات الهجرية في السعودية، ورغم صغر سنه وقلة خبرته كما يبدو لي الآن، إلا أنه كان يقرأ ويحفظ ويفكر بطريقة تختلف عن الكثير من أقرانه. اذكر قبل سفره إلى لندن للعلاج أنه كان من النشطين في دعم الجهاد في أفغانستان وكان يجمع التبرعات الهائلة ويجتمع مع (أمراء حرب كاموا كان يطلق عليهم) مستحيل تصدقوني لو ذكرت اسمائهم الآن، ولن أذكرهم ابدا، لأن في تلك الأيام كانوا مدعومين من كل الجهات والآن أصبحوا غير مرغوب فيهم. الحاصل سلمت على المطاوعة الجزائريين وبصراحة انسدت نفسي منهم، انا جاي لندن عندي مهمة معينة مرافقة أخي وأبي أشوف لندن الي دايم نسمع عنها ، أبي اشوف الطبيعة والأسواق والناس المتحضرة، شبعت من المطاوعة الي كانوا مخلين بيتنا مزار شريف، وما شاء الله على الأهل ما يقصرون معاهم، يسون لهم ولائم ولا ألف ليلة وليلة، وما يحلى لهم النقاش ولا يحمى وطيسهم إلى مع وجود ما لذ وطاب من النعم. لكن الغريبة انهم ما قدروا يسيطيرون على عقلي، لهم رغم احترامي لمستواهم التعليمي فأكثرهم كانوا في كلية الطب. وأذكر أنه كان عندي سيارة زوزوكي وكان أخوي يستخدمها كثير لتوصيل شباب كلية الطب لمدة سنة لأنهم كانوا مفلسين ، وكنت اجنن المطاوعة لما اتأخر عليهم ، بس ما كانوا يقدرون يقولون لي شئ كانوا محتاجيني. الآن ما شاء الله، كلهم مستشارين ومن الطبقة العليا في المجتمع، وحتى الطواعة بعضهم لحسها.
    نرجع للجزائريين، الي قعدوا يتفحصوني وشكلهم ما استبشروا خير حسبوني من ربعهم، بس شافوا شخص ثاني ما راق لهم. تركتهم وطلعت بعد ما لبست بالطو هتلر واتجهات لأخر الشارع لأتنفس الصعداء، تونا في أغسطس، الجو عليل والناس حلوة ومحلات القهوة في كوينز واي على الرصيف فيها ناس كلاس أوربيين وقليل من العرب، لأنه في تلك الأيام ما كان كل العرب يجون زي الحين. تقدمت لأخر الشارع حتى وصلت لحديقة كنزقتون التي تقع في الطرف الآخر من الشارع، وهي الحديقة التي تعتبر امتداد للهايدبارك من ناحية الغرب وتسكن فيها الليدي ديانا، وتشارلز ولي العهد البريطاني. يعني صرت جار الليدي ديانا بعد ما كنت جار عبد الله بن غرم الله بن يعن الله وأولاده في السعودية. دخلت الحديقة ولأول مرة في حياتي أرى خضرة منقطعة النظير وأشجار باسقة وحمام ما يهرب لما أقرب منه، وبحيرة يسبح بها البط والوز، ولم أجد أثر للنخيل الموجود في شارع أبو مية في الدمام، الي يصبون عليه ماء مالح ليل نهار ولسنوات وطولها ما تعدى مترين ولونها مشهب ومغبر. أنا أول مرة أطلع برا السعودية، وحسيت اني بحلم ودي ما ينقطع ابد. رجعت لشارع الكوينز واي وجلست على قهوة عربية في نفس الشارع جنب مكتبة رمضان وجلست وكان جواري واحد سوداني، سلم علي وقالي انت عربي قلت نعم وقعدنا نسولف وكان يشرب بيرة، قلت له بلقافة ليه تشرب خمر ، قال هذا مهو خمر، هذا بيرة، قلت له كلها حرام، قال حتى بعض السعوديين يشربون اش معنى بتنصحني انا، رديت له بكل براءة، يا أخي أنا كل السودانيين إلي شفتهم بحياتي كانوا دايم أول ناس في المسجد، بس اول مرة اشوف سوداني يشرب خمر. أنا قلت الكلمة هذي وشكل السوداني انظرب بشحنة 200 ألف فولط تغير وجه وبكى المسكين، قال يا أخي والله أنا في قلبي مسجد ومئذنه بس ضروف هروبي من السودان خلتني اصير كذا...وطلب الحساب وغادر بسرعة لا يلوي على شي زيا ما يقولون باللغة العربية،،، وطلبت كيكه وكافي كني ما سويت شي وقعدت أفكر....وقلت لنفسي شكلي أنفع أصير مصلح اجتماعي ليش لا،،،،،بس إلا شلة الجزائريين مستحيل اعطيهم وجه، أنا ما صدقت افتكيت من الي عندنا في السعودية ألقاهم عندي هنا في لندن، شكلها التجربة الوعظية طاحت في راس السوداني،،،،هاهااهاها
    الحلقة الثالثة



    طيب نرجع لحكايتي مع لندن، بعد ما أستقريت في لندن أخذني الوالد ثالث يوم للملحقية العسكرية لأنها هي مرجعنا في العلاج عشان كنا جايين على حساب الأمير سلطان شفاه الله. رحنا للملحقية العسكرية وكانت في منطقة هولاند بارك، قريبة من نوتنينق هيل قيت، وشمال هاي ستريت كنجنستون الشهير. المهم رحنا لموقعها الجميل بجانب حديقة هولاند وسجلت اسمي مرافق جديد لأخي لأن الوالد وأخي الكبير سوف يغادران للسعودية قريب. بهذا التسجيل صار يصرف لي 250 باوند كل اسبوع، وأخي المريض 250 يعني 500 في الأسبوع، الصراحة كان مبلغ كبير وأكثر من حاجتنا ذيك الأيام. وفي الملحقية العسكرية قابلت واحد يشبه سبأ با هبري مذيع الأخبار في السعودية، سألته قلت أنت سبأ با هبري، قال لا أنا أخوه، قعدنا نسولف نص ساعة مع بعض و لما جيت أروح قال ترى أنا سبأ با هبري بس حبيت أمزح وياك، طلع ضابط ما شاء الله عليه:.

    وفي اليوم التالي أخذني الوالد لزيارة السفير السعودي في بريطانيا، ناصر المنقور، رحمه الله الذي كان صديقا قديم للوالد، عندما كان الوالد في يوم من الأيام يعمل في مجال المقاولات وكان السفير رئيسا لشركة اسمنت اليمامة. قابلنا السفير بود شديد وطلب مني الاتصال به بأي وقت به أو بمدير مكتبه إن احتجت أية مساعدة، وفجأة بدأ يتحدث معي باللغة الإنجليزية، ولما حس إنه قاعد يأذن في مالطا، قال شوف يا ابني إنت جاي مرافق لأخوك، وهذا عمل نبيل، لكن بيكون عندك وقت طويل ولازم تتعلم لغة انجليزية عشان تستفيد من وجودك هنا، وما انتظر ردي ونادى سائق سوري وقال تاخذ أبو نديم توصله سكنه وتروح لمدرسة اسمها لينك انقلش سكول وتسجل فيها نديم وتغطي مصاريف الدراسة من المحاسبة. شكرناها على مبادرته الطيبة، وأصلا كنت حاط في بالي أسجل في أي معهد عندما تستقر أموري، لكن سبقنا رحمة الله بطيبته وببعد نظره.

    بعد مرور بضعة أيام عرفنا إن العلاج بيستمر أشهر طويلة، وأخوي المريض كان سلفيا متشدد زي ما ذكرت وكان ما ياكل طعام"أهل الكتاب" رغم وجود فتوى بذلك وآية كريمة تحلل أكلهم، بس وش نقول عاد. عشان كذا بدأ أبوي يعلمني فن الطبخ، علمني خطوة خطوة، كيف أولاً أطلب من الجزار تقطيع الخروف حسب الأكلة الي بعملها، مثلا، المشوي بالفرن يعمل دوائر مثل الإستيك، الريش كيف تكون، وعلمني الكبسات والمشخول وعلمني كيف أسوي أكله اسمها منتو، كان أخوي يحبها، وهي عجين وسطه لحم تم تحميسه وتطبخ على البخار. احتجنا لعمله أن نشتري قدر خاص، ولذلك ركبنا الأندرقراوند من الكوينز واي إلى منطقة أسواق شعبية غالبية البائعين فيها من اليهود وفيهم الكثير من اليهود العرب تسمى ليفربول ستريت. رحنا هناك وكان السوق فعلا شعبي وعربيات فيها تقليد للماركات وأسعار رخيصة جدا وتكثر فيها المطاعم الشعبية مثل الفش آند شبس الأكلة الشعبية الأولى للإنجليز. والفش آند شبس للمعلومية أصبحت الأكلة الشعبية للبريطانين منذ العام 1888م. والسبب لأنه في تلك السنة تقريبا بدأ تسيير القطار البخاري بين معظم المدن فأصبح من الممكن نقل السمك من الشواطئ إلى المدن الداخلية خلال ساعات بسيطة قبل أن يتلف السمك، وبذلك ازدهرت مطاعم الفش آن شبس. كانوا في السابق يلفونها بورق الجرائد وتؤكل باليد، الآن تلف في أوراق أو صحون بلاستيك مع شوك بلاستيك.
    المهم مالكم بالطويلة، أخذنا قدر في وسطه مثل الشبك، عشان نضع تحت الشبك ماء وفوق نضع العجينة وداخلها اللحم المحموس، وبكذا تنضج الأكلة بالبخار ونحصل على أكلة منتو.
    لكن بصراحة ودي أوقف لحظة وأخبركم عن والدي، لأن أحس إن قصة حياته قد تعجبكم رغم إن عندي كثير من الكلام عن حياتي في لندن تلك الفترة، بس معليه خلوني أعطيكم فاصل بقصة والدي.

    والدي الآن عمر حوالي 84 أو 86 سنة الله يعطيه الصحة والعافيه ويشفيه، رجل عظيم بمعنى الكلمة، بنى نفسه من تحت الصفر ونجح في الحياة بعد توفيق الله بسبب ذكائه وحنكته وتوقد ذهنه وصبره. وكانت بداية حياته أنه سافر مشى على الأقدام مع ثلاثة من أخوانه: الكبير 12 سنة، والدي 9 سنوات وعمي الصغير 7 سنوات، سافروا مع الجمالة (قافلة تسافر بين المدن) من قريتهم إلى مكة بمسافة نحو 400كم. لم يكن لديهم مال لركوب الجمال، وكان حينما يصيب أبي التعب والإنهاك يقوم عمي الكبير بضربه حتى يكمل السير. لذلك كلما مررنا مع أبي ونحن في طريقنا للطايف على طريق الهدى يأخذنا إلى ناحية الطريق البري بين جبال الهدى الشاهقة، وهو الطريق الذي كانوا يمشون عليه للوصول لمكة المكرمة قبل عمل الطريق المعبد، وكان يحب كثيرا أن يجلس على صخرة كبيرة ملساء في منتصف الطريق الرجلي، وهو يحكي لنا ويقول جلست يوما أبكي فوقها من شدة التعب، وأتى رجل من قبائل هذيل وسأله لماذا تبكي يا أبني، فحكى له قصة معاناته والفاقة، وكيف أن عمي يضربه كلما تعب من الطريق، فعطف عليه الرجل جزاه الله خير وأعطاه بعض العنب والفواكه وريال فرنسي. المهم بعد أن وصلوا مكة المكرمة، اشتغلوا كخدام (يسمونها يجاودون، أو مجاوده) وكان من نصيب أبي أن عمل لدى عائلة تركية طيبة في مكة، كان يحكي أبي لنا كيف كانت المرآة التركية تعطف عليه وتخيط له الملابس الجميلة في العيد وتعامله مثل ابنها. المفارقة أن أبي لم يستسلم للأمر الواقع فقد كان طموحه كبير، لذلك بدأ بعد مدة في طرق العمل الحر عندما وصل عمره 13 سنة، ففتح مقهى على المسعى في الحرم المكي، يعني الشخص الذي كان يجلس في القهوة كانت رجليه في المسعى، وبعد مدة ولأول مرة بدأت الأموال تتجمع بيده. ولكن من ملاحظاته الثاقبة في المسعى كان يرى كبار السن يسعون فوق صناديق (خشب على قولة الأفارقة) مثل تلك التي تستخدم في الطواف، ففكر في طريقة أفضل من ذلك تدر عليه دخل. هذا الحديث طبعا قبل 65 سنة. ففي أحد الأيام مر من أمام أحد المحلات لتاجر اسمه قزاز، قد يكون أب أو جد قزاز صاحب العطور الحالي، فوجد عنده عربتان فقط مثل عربات المرضى أو المعاقين فصرخ مثل نيوتن عندما اكتشف الجاذبية قائلا وجدتها وجدتها. فدلف على قزاز وقال لها تعطيني العربيتين سلف وأنا أسدد لك ثمنها بعد شهرين. رد عليها قزاز، يا ولدي هذي غالية، قيمتها 200 ريال فرنسي، كيف بتسددني، لها عندي ثمانية أشهر ما احد قدر يشتريهم. فأخبره أبي أنه سوف يستخدمها في المسعى لتحميل كبار السن أثناء السعي. فلما عرف غاية ابي منها قفز من مكانه وقال خذها من الآن، لأنه كان متأكد بأن أبي سوف يحصل على قيمة العربات في أسرع وقت ممكن من الحجاج والمعتمرين. اشتغل ابي مدة ليست بالبسيطة وكان أول من سن العربيات في المسعى التي استمرت حتى يومنا هذا. وقد حصل على أرباح كثيرة وشغل معه الكثير من أقربائي لمدة سنتين، حتى انتشرت الشغلة وبدأ يفكر في طريقة أخرى أفضل في كسب لقمة العيش، فإتجه للعمل في التابلاين في مدينة رفحاء (وهي الشركة الأمريكية التي كانت مسؤولة عن خط نقل الزيت من رأس تنورة في الخليج إلى حقل الزهراني في بيروت ومن ثم إلى أوربا وأمريكأ) وهنالك تعلم اللغة الانجليزية قراءة وكتابة (أبي يكتب ويقرأ لغة انجليزية فقط، ويقرأ القرآن بتعتعه إلى الآن وكل حساباته باللغة الانجليزية). عمل حتى وصل فور مان، وهي مرتبة لم يصلها أي موظف سعودي في تلك الفترة. عنده مقابلة في صحيفة للتابلاين باللغة الانجليزية وهم يكرمونه بعد أن استطاع أن يطفى النار لوحده في احد محطات الضخ في التابلاين، بينما كان المسؤول عنها في سابع نومة. كما عمل له مزرعة في رفحاء للراحة وكان في نفس الوقت يستفيد منها تجارياً. أما كيف تزوج أمي، فالوالد مهو بسيط، كان راجع من الدوام ورآى اثنين من الأطفال يبدو عليها الجمال (كانوا قادمين من العراق، لأن خوالي وجدي سعوديين بس كانوا عايشين أيام الفقر في العراق وعادوا عن طريق رفحاء) فتبعهم ولما عرف البيت أتاهم في الليل وسأل جدي هل عنده بنت للزواج؟ أجاب جدي بالايجاب، وتم الزواج بكل بساطه.
    بعد أن تزوج أبي من أمي، وصل الخبر لأبناء عمها واحد اسمه بادي والآخر بداي، وأضمروا لأبي شرا، وكانت خطتهم هي قتله والتخلص منه، لأنهم يرون أنهم هما الأولى بالزواج من بنت عمهم، والله كما أخبركم، هذا الذي كان يحدث بكل بساطة بلغة أهل البادية قبل 60 سنة أو نحوها، ولكن أبي قدم استقالته أخذ حقوقه بعد عمل نحوة 16 سنة حوالي 150000 ريال سعودي وذهب لمدينة الطايف. وفقد أثره بادي وبداي لأن لم يكن معهم جي بي اس لاقتفاء اثر والدي قبل 60 سنة. بادي توفي رحمه الله، وبداي الآن عمر حوالي التسعين وهو من أعز أصدقاء أبي.
    وصل أبي للطايف واشتري أجمل منزل في حي الريان وكان الشخص الوحيد في الحي الذي لديه سيارة، وكانت مرسدس بيضاء موديل 77 وكان بيتنا البيت الوحيد الذي لديه ثلاجة في الحارة. كانت السيارات والبيوت التي فيها ثلاجات في ناحية الحارات التي يسكنها البخارية، والآخرين الذين هم من أصول تركية أو شوام، كنا ننظر لهام تلك الأيام وكأنهم فرنسيين أو ناس هاي هاي. قام أبي خلال وجوده في الطايف بالاستفادة من الأموال التي حصل عليها من التابلاين بشرا الكثير من الأراضي في الطايف، والأرض الواحدة كان يشتريها ب250 أو 300 ريال، وكان من زملائه في تجارة العقار بن بكر، والد مدير جامعة الملك فهد السابق، وسفير السعودية في تونس، وكذلك شخص اسمه الخريجي، وآخر اسمه الهطلاني وبن سليم وبن فرحة. أحدهم انتحر عندما خسر ابنه لاحقا حوالي 200 مليون ريال. يقول أبي عنه، أنه من غناه في لبنان ،أيام لبنان بداية السبعينات، كان بعد ان يغلي الماء ويضعون الشاي يقوم بتخدير الشاي باشعال الليرات تحت ابريق الشاي!!!!!

    لم يكتف ابي بذلك بل عمل أول مزرعة نموذجية للدواجن هناك، وأصبح يستورد تريلات من لبنان من شخص يدعى أبي اللمع. أبي اللمع يأتي بها من ألمانيا ويحورها حسب مواصفات السعودية ويستوردها أبي للسعودية. في تلك الفترة بداية السبعينات كنت طفلا صغيرا، وكان أبي يقضي في لبنان ثلاثة أشهر ويقضي عندنا أسبوع، لدرجة أن مرة طرق باب بيتنا أحد الأشخاص وسأل عن أبي فقلت له أبي في لبنان، وبعد نصف ساعة خرجت ألعب مع الأطفال وعند نهاية الشارع وجدت أبي يجلس في (دكه مع العم سلطان الحربي )، وهذا يدل على كثرة سفراته وانقطاعه المستمر عنا بسبب التجارة . في نهاية السبعينات بدأت الأراضي ترتفع بشكل جنوني وأصبحت بعض الأراضي تباع بالملايين، أذكر احداها بعيت على وزارة التعليم ب 9 مليون. ومن يومها بدأ والدي يدخل قائمة أصحاب الملايين بعد كفاح وتعب مرير يستحقه عن جدارة. كان أبي قبل الطفرة يبيع الأرض الواحده ب 1500 وأكثر الأحيان على أقساط، وبعدها أصبحت أصغر قطعة ب 100 ألف ريال.

    أما المرحلة اللاحقة من حياته فهو انتقاله إلى المنطقة الشرقية وعمله في النقليات ليستفيد من خبرته في مركبات النقل التي كان يحضرها من لبنان (الآن توقف الاستيراد لبدء الحرب الأهلية اللبنانية). انتقلنا للمنطقة الشرقية وبدأ في تكوين اسطول نقليات، وكان يقوم بمجهود خرافي هو ومدير أعماله مستر حسين الجنتل مان الهندي. لم يكن مستر حسين هنديا بسيطا، لكنه هندي ترى فيه فخامة المهراجا وارستقراطية الرجل الإنجليزي، أتى للوالد بحنكته وذكائه بعقود بعشرات الملايين، أذكر منها تخليص ونقل منشآت مطار الملك خالد بالرياض كاملة والذي كانت كل مكوناته تستورد من الخارج. كذلك مصفاة الرياض أو القصيم، لم أعد أذكر. والأجمل منها هو عقد تموين شركة كورية اسمها هونداي لديها أكثر من 5000 موظف كان مسؤول عن تموينها بكل شئ، طعام سكن، ملابس، هدايا حتى عصي المكانس، كنت أسمع وانا أجلس في المكتب معهم، عصاية المكنسة تكلف ريال وتباع لهم ب 12 ريال، ولم يكن يوجد أحد منافس في السوق فالعالم كانت نايمه في ذيك الأيام. وكان الربح في الشهر الواحد حوالي ثلاثة ملايين، الأموال متوفرة، والمشاريع على قفا من يشيل، ليس مثل الآن نفق الدمام له ست سنوات مغلق ولم يستطيعون اصلاحه،، ،،


    شكلي طولت عليكم اليوم، وأخذتكم بعيد عن ذكرياتي في لندن ، بانتظر التعليقات، اذا بغيتوني اكمل موضوع ابي، كملت أو نرجع لموضوع لندن

    يتبع

  2. انتتتتتظر البقيه

    صج كنت صديق لراشد الماجد ؟؟!!

    انا احبه من يوم عمري اقل من 3 سنين !

    ههههههههههه اهم شي البلوفر الرمادي من عصر هتلر ههههه ودي اعرف شنو كان يدور في بالها يوم تطالعك هههههه

    الله يديم الصحه والعافيه لأبوك الله يرحم بداي قصتهم غريبه الصراحه ؟!؟!؟! يعني هذا نصيب

    لا تتأخر =)

    اختك : دندونة الكون
    7 "
  3. شكراً دانة الدنيا،،،،،،،،،،،،وسوف آتي على ذكريات "رشود" الاسم الذي مازلنا نناديه به لحد الآن في حلقات قادمة



    الحلقة الرابعة

    بعد أن قحش والدي الملايين والخيرات من مدينة الدمام حتى نهاية حرب الخليج الثانية، أي غزو صدام الكويت، بدأت بوصلة الدراهم أو الحنين تشير له بالتوجه نحو المنطقة الغربية، ومدينة جدة تحديداً،خاصة عندما تقدم به العمر، وفعلا تخلص من النقليات والمقاولات في عز ذروتها بعد تحرير الكويت بأقل من سنة، حيث ما لبثت أن تدهورت بعد ذلك ووصلت للحضيض. لكن أمكنه التخلص منها في الوقت المناسب وجمع أكبر قدر من الأموال الكاش وذهب إلى مدينة جدة وأستقر بها بشكل نهائي. في تلك الفترة غادر السعودية الكثير من الجالية اليمنية وتركوا خلفهم الكثير من المحلات التجارية ومن ضمنها عمائر سكنية وتجارية، فقام بشراء العديد من العمائر والعقار بأسعار متهاودة، فالعمارة التي قيمتها 6 ملايين كانت تعرض ب 3 ملايين ولا تجد من يشتريها. فكانت مرة أخرى نقلة نوعية ونهائية على ما أعتقد في مسيرة أبي في النجاح في التجارة. والآن ولله الحمد هو جالس في جدة يسبح بحمد الله ويأتيه خراج تلك العمائر وهو يتابع محطة الجزيرة أو يلعب مع أحفاده وزوراه الذين لا ينقطعون بعد أن خرج طفلاً عمره نحو 9 سنوات مشيا على الأقدام لمسافة 400 كلم بحثا عن لقمة العيش. بقي شيء واحد لم أذكره لكم، فأبي يطبق بحرفية على ثروته مبدأ (ما لقيصر لقيصر) يعني access denied to his treasure

    هذه صورة الصخرة الموجودة في الهدا في الطايف والتي كان يجلس عليها أبي وعمره 9 سنوات وهويبكي قبل نحو 75 سنة، عندما يشتد عليه التعب ويقوم عمي بضربة ليستأنف السير مع القافلة المتجهة إلى مكة المكرمة.



    أعود بكم إلى لندن، فقد غادر أبي وأخي الكبير والصغير وبقيت أنا وأخي المريض لوحدنا في الشقة، وبدأت في العناية به بشكل مكثف فقد كنت أختار له بحرص شديد أفضل الوجبات المغذية والصحية وأحاول أن تكون السلطات والفواكة والأغذية كلها معقمة لأن مناعته كانت أقل من المستوى المطلوب بعد أن قام بعملية نقل نخاع من أخي الصغير إليه. كنت أعمل له إفطار الصباح كورن فلكس مدعم ومحلى بالعسل من أجود أنواع العسل من هارودز وحليب طازج يوميا يصل إلى عتبة العمارة كل صباح وهو تقليد بريطاني بدأ عام 1880 بعربات تجرها الخيل، قبل ذلك كان العربات تجر خزان حليب كبير وتعبى في دلال أصحاب المنازل، وأذهب بعد ذلك إلى Link School of English لتعلم الإنجليزية، والمدرسة لحسن الحظ على بعد خطوات من السكن، في شارع Westbourne grove أي أنه أثناء السير في الكوينز واي، يكون مركز الوايت ليز على الشمال، وعندما ينتهي المركز يكون في نهاية الشارع PUP، تتجه لليسار وهنالك بعد حوالي خمس محلات تجارية توجد المدرسة، وهي في الدور الثاني. بعد المدرسة أعود فأشتري له من محلات الحلال الموجودة تحت المدرسة، الدجاج، أو لحم الخراف الطازجة، وهي لذيذه جدا أكثر لذة من اللحوم الموجودة في السعودية، فتخيل خرفان تتغذى على الأعشاب الطبيعة الممتدة على مدى البصر وتشرب من مياه الأنهار أو الأمطار التي لا تنقطع، لا شعير مجفف ولا كيماوي ولا حرارة تقطع أنفاسها أو أحواش ضيقة تؤثر على طراوة لحومها, فكان الفرق كبير في الطعم، حتى لو لم يستخدم سوى الملح والفلفل الأسود أثناء شيها، يكون لها طعم غاية في اللذة. وبعد أن أشتري اللحوم أعرج على بائع خضار في مدخل نهاية شارع الكوينز واي، وهم عائلة يهودية لا تزال إلى الآن تمتهن نفس العمل وصداقتي مستمرة معهم وأزورهم كلما نزلت إلى لندن حتى يومنا هذا، فكنت أبتاع منهم مقدار طبخة ليوم أو يومين فقط، حرصا أن يكون الطعام طازج قدر الإمكان. ومن ثم أعمل له غداء وعادة يكون غداء وعشاء. وكالعادة الأخوة الجزائرين لا زالو يأتون زرافات ووحدانا وكنت أعمل حسابهم يوما بعد يوم، حتى أصبحت طباخ رسمي لحضراتهم. بدل الدجاجة صرت أضع دجاجتين أو ثلاث، أو فخذ خروف كامل، بل أن بعضهم أصبح يقترح بقوة عين أن أتعلم الكسكسي، عشان أرضي جميع الأذواق ولا أكون "متعصب لأكل السعودية على قولته". كان أخي يعتبر مرشدا عاما "للإخوان الجزائريين" بينما أنا "الطباخ العام" لهم، فإزداد حنقي علي ما آلت إليه الأوضاع فأخبرت أحد زملائي في المعهد واسمه حمدي المصري وآخر اسمه فارس وهو ايراني الأصل، حمدي كان يشتغل في مطعم رمضان في شارع الكوينز واي، وكان يدرس في المعهد فقط للحصول على الاقامة والغرض من وجوده في لندن هو العمل فقط وليس اللغة، فارس كان من أبناء اللاجئين السياسين الإيرانيين. أخبرني حمدي المصري بأن الحل لديه، وبما أن أخي لن يأكل إلا طعام المسلمين فهو متبرع أن يعمل له الطعام يوميا من المطعم مقابل مبلغ بسيط، هو نفس المبلغ الذي يكلفني ثمن المقاضي، ولكن لكمية تكفي 2 أو 3 أشخاص على الأكثر، وبهذا قطعنا التموين عن "الإخوة" أو "تجفيف منابع الدجاج" مما نتج عنه أن خفت حركة الرجل عن الشقة 41 Ralph Court. فأصبح لدي وقت أكبر للحركة والخروج في شوارع لندن وزيارة متاحفها وحدائقها والسينما وما إلى ذلك. ومع مرور الأيام بدأت أتقن اللغة الإنجليزية بسرعة رهيبة لأن الجو العام وطريقة التدريس جعلت تعلمها سهل جدا بالنسبة لي، وقد كنت أعاني كثيرا قبل ذلك من الصف الأول متوسط وحتى الثالث ثانوي لم أستطيع أن أنجح إلا بالغش واللف والدوران في هذه المادة. حتى مظهري العام قد تغير 180 درجة، فقد انتظرت إلى أن أتى مناسبة Guy Fawkes وهي عيد يقوم فيه البريطانيين باشعال الحرائق في المنتزهات العامة وفي الساحات، احتفالا بنجاة الملك جمس الأول في العام 1570 عندما قام بعض رجال الدين بمحاولة نسف البرلمان عليه لإعتقادهم بأنه لا يطبق التعاليم الدينية المسيحية كما يجب، أي أنه كان ليبراليا أكثر مما اللازم ولكن المؤامرة كشفت بالصدفة وتم حرق رجل الدين Guy Fawkesـ وأصبح ذلك اليوم يحتفل فيه كل سنة باحراق الأشجار والألعاب النارية. قمت باستغلال هذا الحفل الكبير وحرقت بها جميع الملابس التي أتيت بها من الدمام من سوق عيال بن ناصر وسوق الخميس بالقطيف وعلى رأسها بالطو هتلر عديم اللون، كريه الرائحة. كما قمت بقصة شعري لدى Andrew Jose وبسبب توفر السيولة المالية، صرت ألبس أجمل الملابس من Top man و Selfridges وغيرها من المحلات التي كانت مشهورة تلك الأيام. فأصبح شكلي مقبول، أي مقبول يا عمي، كنت والله وسيم لدرجة كانت الفتيات هن اللائي يتحرشن بي، وأنا أتهرب خجلا وكذلك لعدم وجود الثقة الكاملة بأني أستطيع أن أعبر عن نفسي كما يجب، فأقول يا ولد خلهم يحسون إنك ثقيل ولا تتورط بسوالف منت قدها.

    وفي أحد الأيام وعند بداية فصل الخريف كنت سائراً بجوار بحيرة السربنتاين في وسط الهايدبارك وحفيف الأشجار حولها يصدح في إذناي، والرياح الباردة تتلاعب في الأوراق الذهبية المتساقطة من فروع الأشجار فتأخذها بعيدأ نحو المجهول. وقد أصبح اليوم قصيرا جدا والمساء يأتي بسرعة، والأشجار التي كانت خضراء باسقة أصبحت الآن جرداء موحشة وفروعها كأنها أشباح تحيط بي من كل اتجاه. فجلست عندما ازداد الظلام خارج أحد الأكواخ الواقعة قبالة البحيرة ويستخدم كمقهى ،وكانت الاضاءة خافته وتزيد من وحشة المكان والزمان.

    طلبت كوبا من القهوة لعلها تبعث الدفء في داخلي وجلست بالقرب مني فتاة جميلة تضع مساحيق براقة يعكسها الضوء خلال العتمة. ابتسمت لي وأخذت تتحدث معي عن الجو وكيف أنه موحش ويزيد الشعور من الوحدة، وافقتها الرأي وتحدثنا قليلا، وبدون مقدمات طويلة طلبت مني أن أرافقها للسهر سويا في أحد النوادي الليلية في الجهة المقابلة من الهايدبارك، يسمى sombrero، وافقت مترددا فهذه أول تجربة لي أن أواعد فتاة، ولكن في تلك الأيام كنت شابا غرا فقررت أن أخوض التجربة، فأخذت منها العنوان ووعدتها أن أكون هنالك بعد أن أطمأن على أخي وأتأكد أنه قد تناول عشاءه.

    عدت للشقة وأعددت العشاء لأخي وأخبرته أنني سوف أتأخر بعض الشيء فدعى لي بالتوفيق وأن يحفظني الله من كل سوء وخرجت وركبت الاندر قراوند من Bayswater station إلى High street kingston station، بحثت عن النادي الليلي فوجدته دون عناء وكان في الطابق السفلي، أي تحت الأرض. عندما دخلت وجدت أحد لاعبي الخليج المشهورين يلبس ثوب عماني (جنسيته ليست عمانية، لكنه كان أحد هدافي دورات الخليج) وجالس في النادي وكأنه في قهوة أبو حمدان (أول مرة أدخل نادي ليلي) جلست في أحد الطاولات والناس من حولي سكارى وهم سكارى وعبق الدخان يكتم الأنفاس وصوت الموسيقى الصاخب يصم الأذان. وصلت الفتاة التي كنت في معيتها في حديقة الهايدبارك، ولم أتبين ملامحها مرة أخرى لأن المكان لا تضيئة سوى الأنوار التي تتراقص مع الموسيقى، رحبت بها وطلبت لها قهوة سكر زيادة، لأني رفضت أن أطلب لها خمرا، وطلبت لي عصير برتقال. ضحك الجرسون من طلبي ولكنها سرعان ما عاد وقدم لنا الطلبات. أثناء الحديث معها طلبت مني أن نرقص سويا خاصة عندما أتت أغنية مشهورة تلك الأيام وهي أغنية Careless Whisper، عندما هممت بالوقوف رأيت زميل قد تعرفت عليه من قبل اسمه أحمد الحبتور من الإمارات العربية، كان يدرس في لندن، فنظر لي نظرة غريبة وكأنها متضايق من شيء. ابتسمت له وتقدمت وسلمت عليه وقلت ما بك يا أحمد تنظر إلي هكذا، رد علي بضيق شديد، نديم هل تعلم مع من تجلس الآن، رددت لا، فتاة تعرفت عليها عشية هذا المساء في الهايدبارك، ودعتني الليلة، لا أعرف سوى اسمها الأول. قال يا حبيبي هذه الفتاة التى تتأبطها كانت رجلاً حتى السنة الماضية وهي معروفة في هذا المكان وقد عملت عملية وتحولت إلى فتاة، وإن كنت ترضى بهذا الوضع فأنا لا أرضاه لك. لم ينهي أحمد كلامه إلا وتذكرت ذلك السوداني الذي قابلته في الحلقة الأولى فأحسست بنفس الإحساس الذي أعتراه وأصبت مثله بشحنة كهرباء 200 ألف فولط، وذهبت مسرعاً نحو الحمام، كرمتم، وأصبت بالغثيان وأفرغت ما في جوفي وخرجت مسرعا نحو أعلى الدرج للخروج من هذا الماخور أو من حفرة جهنم، فلحق بي أحمد ليطمئن علي، وكان لديه سيارة زد أكس حمرا اللون وقال أركب معي، سأخذك لمقهى ترتاح فيه أو إلى السكن لتنام، قلت لا ، لا تأخذني للسكن خذني للمسجد الرئيسي في لندن في green park ، وسرعان ما وصلت هنالك قبل صلاة الفجر فصليت ركعتين استغفرت فيها رب العباد وطلبت المغفرة وفتحت المصحف وقرأت،
    بسم الله الرحمن الرحيم
    (طه ، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ،إلا تذكرة لمن يخشى ، تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا ، الرحمن على العرش استوى ،له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ،وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ،الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى)


    يتبع
    7 "
  4. الامريكان يطلعون لنا بأعياد والبريطانيين بأعياد ! ماندري متى نفتك من هالاعياد اللي ما تخلص .. بكره بيطلعون لنا بعيد النوم << ترى تصير ( من باب المزح =)

    ههههههههههههه صج حرقت ثيابك اللي شريتهم ؟؟ ههههههه لك حق

    بووو طلعت ولد !!! الله يغربل ابليسها اقصد ابليسه !! حتى ف الكلام تلخبطت

    الحمدلله ان الله هداك ورحت للمسجد ... الله يبعد عنكم وعن كل المسلمين الموجودين هناك اي شر يارب


    انتظر البقيه

    اختك : دندونة الكون =)
    7 "
  5. كلاممممممممممممممم كبييييييييييييير
    عندي امنيتين
    1 انو الله شفاء اخوك ورجع بالسلامه
    2انو هالقصه اكملها وانا بمريكا بمقاعد المعهد والدراسه عشان تكون حافز

    بصراحه قصه ررروعه وبنتظار ان تكملها
    ماشالله على ابوك اسسسطوري بصراحه
    عقليه قويه انت عارف انك دمجت شغلتين مهمه بهالقصه
    مرض اخوك ووقوفك بجانب اخوك اتمنى انو الله شافاه ورده بالسسلامه
    وابوك الي بصراحه قصتها تحفز الواحد رجل مكافح واستحق ماناله الله يطول بعمره
    انتظرك بفارغ الصبر
    اخوك عدنان
    7 "
  6. يازين الذكريات و الأيام القديمة
    الله يسلم الوالد ليت شباب اليوم يتعلمون منه

    و ننتظر مغامراتك أيها الشاب الوسيم
    أحداث القصة قبل ما انولد بشوي يعني الحين انت صرت أبو
    ما أدري شطرى عليك تتذكر معناها كبرت
    هههههههه


    لا يوقف!
    7 "
  7. و انا بطبع القصه و اخلي الكل يقراه

    من اروع القصص الي قرأتها

    بكل تفاصيلها " شيقه " تستحق القراءه ...
    تخرجك قبل ميلادي بسنوات !!
    و التفاصيل عالقه بذهنك ماشالله تبارك الله
    و ياليت تكمل لنا عن والداك ..

    سلمت يداك
    7 "
  8. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

    في الحقيقية من اجمل المذكرات والقصص التي قرأت
    فعلاً أيام قديمة لكن جميلة وتجارب مفيدة كانت لك ولجميـــــــع
    القرّاء وسوف تكون حافز لهم كما أفاد احد الاخوان في تعليقاته
    ،، لذلك انا مستمتع لقراءة مذكراتك أيها الشـاب الـوسيم ^_^
    وأرجوا منكـ إكمال مذكراتك بِـأدق تـفـاصيلها لأنها فعلاً مشوقة
    وممتعة للقراءة أكثر وأكثر ،، رغـم أن مذكراتك كانت قبل عـشرات
    السنين لكنها حقاً تستحق القراءة ..

    بِـــإنــتــظــــاركـ <<<<<<<<<


    كــــــل الـــتـــقـــديــــر ،،،،،،،،،،،،،،،،
    7 "
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.