October 12th, 2006, 09:24 PM
رؤية لمستقبل الإسلام في كوريا
بقلم: أ.د.مصطفى رجب
أكاديمي مصري، معار بجامعة اليرموك
تقع شبه الجزيرة الكورية في الجزء الجنوبي من شمال شرق قارة آسيا. ويبلغ طولها حوالي ألف كم طولا من الشمال إلى الجنوب و216 عرضاً في أضيق أجزائها. ويفصلها عن شبه جزيرة "شانتونج" الصينية نحو الغرب مسافة 190كم من مياه البحر الأصفر، وتبعد عن اليابان حوالي 20 كم في أقرب مسافة بينهما.
ويحدها شرقاً البحر الشرقي (المعروف ببحر اليابان) وغرباً البحر الأصفر والصين من الشمال الغربي، ويفصلها شمالاً عن منشوريا وسيبيريا نهرا امنو كجانج (يالو)، وتومانجانج (تومن) ويحدها من الجنوب المحيط الهادي.
وتقع شبه الجزيرة الكورية وما يتصل بها من جزر بين خط طول 124ر11 وخط 131ر53 شرقا، وخط العرض 33ر6 وخط 40ر1 شمالا.
وتبلغ مساحة شبه الجزيرة الكورية 221487كم2.
تتميز كوريا بطبيعة جبلية حيث أن 70% من أراضيها جبالاً وبخاصة على الساحل الشرقي أما السواحل الغربية والجنوبية فهي متعرجة.
وتتمتع كوريا بأربع فصول ذات طوابع مناخية مميزة، ففصلي الربيع والخريف قصيران نسبياً. ويكون خلالهما الجو منعشاً وتشرق الشمس في معظم الأوقات، وبسبب تأثير حزام مودن - سون على منطقة شرق آسيا يكون الجو في شبه الجزيرة صيفاً حاراً ورطباً ويبدأ موسم الإمطار عادة في نهاية شهر يونيو. أما الشتاء فهو بارد وجاف وتسقط فيه الثلوج بصورة موسمية، فهو شتاء تتناوب فيه الأيام الدافئة والباردة.
الوضع الاقتصادي في كوريا
يحتل الاقتصاد الكوري الجنوبي المرتبة الثالثة عشرة على صعيد أكبر الاقتصاديات في العالم، وباجمالي للناتج القومي بلغ (1ر421) مليار دولار، ويتوقع أن تجتذب 6 مليار دولار سنوياً على مدى الفترة من 2002 - 2006 فقد احتلت سيول المرتبة التالية بعد طوكيو في جذب الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة من 97-2001م بإجمالي 5ر31 مليار دولار.
أما كوريا الشمالية فتعاني من اقتصاد الندرة والنقص مما يحد من قدرتها على توفير الاحتياجات الضرورية لمواطنيها البالغ عددهم مليون نسمة، كما أن صادراتها وتجارتها الخارجية لم تتجاوز 27ر2 مليار دولار في عام 2001م مقابل 5ر291 مليار دولار بالنسبة إلى كوريا الجنوبية خلال الفترة ذاتها.
وتلعب المعاملات التجارية بين الكوريتين دوراً مهما في تحقيق التقدم الاقتصادي لكوريا الشمالية، حيث بلغت قيمتها 130 مليون دولار أمريكي خلال الربع الأول من عام 2002م وبزيادة تعادل 4ر21% من قيمتها في ذات الفترة من عام 2001م والفائض التجاري لصالح كوريا الشمالية.
ويبدو أن كوريا الشمالية ماضية قدماً في تحقيق الإصلاح الاقتصادي، ولذا فقد سنت في السنوات الأخيرة نحو 57 قانوناً لتشجيع الاستثمارات الخارجية، كما أقامت منطقة صناعية من أجل التصدير للخارج، وإن كانت الأوضاع الداخلية والمؤثرات الاقليمية في شبه القارة الكورية غير مواتية، إضافة إلى العوامل الخارجية وبخاصة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبخاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م حيث صنف جورج بوش كوريا مع محور الشر.
وتذكر تقارير منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي أن كوريا الشمالية عانت عجزاً ضخماً خلال عام 2004م رغم التحسن الذي طرأ على موسم حصاد 2003م، ولذا فإن وضعها يتطلب تقديم معونات خارجية كبرى، كما جاء في التقرير أن عدم كفاية الإنتاج المحلي يعني أن نحو 5ر6 مليون شخص سيحتاجون للمعونات، كما حذرت المنظمتان في تقريرهما من أن الحالة مازالت خطيرة لاسيما بالنسبة للأطفال الصغار، والحوامل وأعداد كبيرة من المسنين.
كما بين التقرير أن هناك أربعة أطفال من أصل عشرة يعانون من سوء تغذية مزمن، ولذا فقد دعت المنظمتان إلى ضرورة تأمين نحو 484 ألف طن من السلع بما في ذلك 400 ألف طن من الحبوب خلال العام الماضي كمعونات غذائية عاجلة.
ينحدر الكوريون من سلالة القبائل المنغولية التي هاجرت من آسيا الوسطى إلى شبه الجزيرة الكورية في أواخر العصر الحجري من 500 - 1000 قبل الميلاد والعصر البرونزي من 1000 - 300 قبل الميلاد، وفي أوائل عهد المسيحية (بعد الميلاد) أصبح الكوريون شعباً متجانساً بالرغم من أن الوحدة السياسية لم تتحقق إلا في القرن السابع الميلادي.
ويتكلم الكوريون لغة واحدة تنتمي إلى مجموعة اللغات الأورالية في آسيا الوسطى والتي تتضمن اللغات التركية، المجرية، الفنلندية، المنغولية، لغة التبت واللغة اليابانية، وتعد هذه اللغة من أهم عوامل وحدة الهوية والقومية لدى الكوريين.
وبالرغم من وجود اللهجات العديدة لدى الكوريين المعاصرين إلا أنها متقاربة لا تشكل عائقاً في فهم الكوريين بعضهم بعضا.
يبلغ عدد سكان شبه الجزيرة الكورية 65 مليون نسمة إضافة إلى 5ر5 مليون كوري يعيشون في مختلف بقاع العالم. وقد بلغ عدد سكان كوريا الجنوبية 9ر45 مليون نسمة بحسب إحصاءات عام 1997م وتعد كوريا واحدة من أعلى الكثافات السكانية في العالم.
التاريخ الكوري
يؤكد العلماء أن أول مملكة أو دولة تكونت في كوريا كانت في العصر البرونزي عندما أنشأ (تان جون) مملكة فيها عرفت باسم كورتشوسون أو تشوسون القديمة والتي توحدت سريعاً لتصبح الأقوى في بداية القرن الرابع الميلادي.
ومع تعاظم قوة هذه المملكة زاد اهتمام الصين بها مما أدى إلى قيام الامبراطور الصيني (هان - ديتي) لغزوها عام 109 قبل الميلاد فاحتلها وقضى على مملكتها في العام التالي، فأدى ذلك إلى تكون مملكة تدعي كوريو من 37 قبل الميلاد - 668 بعد الميلاد بقيادة عدد من الملوك الصارمين الذين تمكنوا من الاستيلاء على القبائل واحدة تلو الأخرى، وبذلك خلصت هذه المملكة شبه الجزيرة الكورية من آخر الفرق الصينية الموجودة عليها وكان ذلك عام 313 بعد الميلاد.
وفي أواخر القرن السادس عشر غزت مجموعة من اليابانيين بقيادة تويو تومي هيديوشي فاجتاحوا مملكة (تشوسون) في طريقهم لغزو الصين، وبذلك دمر جزء كبير من شبه الجزيرة كما فقدت العديد من الكنوز الثقافية والآثار، وأجبر الصناع الكوريون على الانتقال إلى اليابان وبخاصة صناع الفخار لدعم صناعة الفخار اليابانية، إلا أنهم بفضل روحهم القومية جمعوا قواهم وتمكنوا من قطع خطوط الإمداد اليابانية مما أجبر اليابانيين على الانسحاب ومن ثم انتهت الحرب عام 1598 مخلفة الدمار على كوريا.
وفي عامي 1627 و1636 تعرضت كوريا للغزو مرتين من قبل المنشورين الذين أسسوا مملكة تشي - ينج من 1644 - 1911م.
ظلت كوريا مملكة مغلقة بشدة أمام مطالب الغرب بتكوين علاقات دبلوماسية وتجارية، ولكن كان عليها بعد ذلك أن تتعامل مع التغييرات السريعة التي حدثت بنهاية القرن التاسع عشر وذلك حينما هزمت اليابان الصين راعى كوريا وبذلك أصبحت كوريا مستعمرة يابانية عام 1910م.
كوريا الحديثة
احتلت شبه الجزيرة الكورية من قبل اليابان ما بين عامي 1910 - 1945م، وعندما تحررت انقسمت إلى شمالية (عاصمتها بيونغيانغ) وجنوبية (عاصمتها سيول) وفي الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية تدخل السوفييت وأعادوا قائد حرب العصابات كيم إل سونغ الذي كان في الاتحاد السوفيتي بين عام 1941 - 1945م زعيماً للدولة الشيوعية الشمالية، وفي المقابل عملت الولايات خفية لترشيح رجل أمريكا في الجنوب سينغمان رهي.
حاول القوميون الجنوبيون إعادة توحيد شبه الجزيرة، لكن رهي وشكوك الولايات المتحدة أفشلا المساعي، ثم حدد الفاصل رسميا بين الكوريتين عندما أعلنت جمهورية كوريا الجنوبية وبدأ الجانبان البناء العسكري للمواجهة.
ومع أن المناوشات التي راح ضحيتها الآلاف ظلت لخمس سنوات 45 - 1950م يلقي باللائمة فيها على الطرفين، فإن المشهور تاريخياً أن الحرب بدأت عام 1950م عندما غزا الشماليون أجزاء من الجنوب، ثم تدخلت واشنطن لدعم الجنوبيين تحت راية الأمم المتحدة. ولأنها دفعت القوات الشمالية إلى الحدود الصينية تدخل جيش المتطوعين الصينيين لوقف التقدم الأمريكي. وبعد ثلاث سنوات - قتل خلالها مليون كوري وصيني وأمريكي - انتهت الحرب لتعود الكوريتان عند الحدود التي كانت قبل الحرب.
ومنذ عام 1953م ظلت الحدود الكورية قابلة للاشتعال في أي وقت في أجواء الحرب الباردة التي حولت الحرب إلى أشكال أخرى أبقتها متأزمة، مع استمرار الحرب الدعائية والدبلوماسية وعمليات التسليح المستمر والحرب الاقتصادية للتضييق دولياً على الشماليين، ولاتزال الحكومة الشمالية تنفق نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي (25 - 32%) حسب التقديرات الأجنبية - على التسلح والجيش، وقد قدر ذلك من قبل المخابرات الأمريكية بـ7ر3 - 9ر4 مليار دولار عام 1998م، فيما ظل الجنوبيون يلقون دعماً تسليحياً وحضوراً عسكرياً أمريكيين.
الأديان الوضعية في كوريا
تعد كوريا مستودعاً للأديان إذ يبلغ عدد الأديان فيها مئتين وسبعة أديان 207 ابتداء من الديانات القديمة من تشونوكية أي دين السماء، والشمانية والبوذية والكونفوشوسية إلى جانب النصرانية، وهذا يعني أن الشعب الكوري يغلب عليه الطابع الديني فقد بلغت نسبة المعتقدين منه (أي المتدينين) 7ر77% من عدد السكان.
لقد آمن الشعب الكوري قديماً جداً بالسماء (مركز الآلهة الكبرى) - كما يعتقدون - والتي يقال لها (هانول أي السماء) كما اعتقدوا بوجود آلهة ثانوية مساعدة لرئيس الآلهة في السماء، الأمر الذي يعني تعدد هذه الآلهة إلى حد كبير فاعتقدوا بكل مظاهر الحياة الطبيعية كالنجوم والقمر والأشجار التي عمرت كثيراً، وأرواح الآباء والأجداد والأرواح المظلومة. ووفقاً لمعتقدات الكوريين فإن هذه الآلهة لها تأثيرها في تهذيب الأخلاق وصلاح المجتمع وليست مجرد آلهة للعبادة والتقديس فحسب.
تاريخ دخول الإسلام إلى كوريا:
هناك شبه إجماع بين الباحثين في شؤون كوريا وأحوال المسلمين فيها على أن الإسلام دخلها عن طريق الجنود الأتراك الذين جاءوا إليها لحماية كوريا الجنوبية من خطر الزحف الشيوعي القادم من كوريا الشمالية عام 1955م فقد كان لالتزام هؤلاء الجنود بأمور دينهم، والمحافظة على صلواتهم وتنظيم أوقاتهم واستقامتهم قولاً وعملاً وأدباً في تعاملهم مع الناس أعظم الأثر في نفوس عدد من أبناء الشعب الكوري الذي يتميز بشدة التدين مما أدى إلى دخول عدد منهم في هذا الدين. وقد ظل هذا العدد من المسلمين الكوريين في تزايد حتى وصل اليوم نحواً من عشرين ألفاً.
إلا أن الكوريين أنفسهم يروون روايات مختلفة عن دخول الإسلام إلى بلادهم، ففي حين يذكر الدكتور أبو بكر كيم رئيس اتحاد المسلمين الكوريين أن الإسلام دخل بلاده عن طريق اليابان وذلك عن طريق المؤلفات اليابانية التي كتبت عن الإسلام والتعريف بمبادئه وسهولة تعاليمه ومزاياه التشريعية، نجد غيره يؤكد أن كوريا عرفت الإسلام عن طريق الصين وبجهود فردية من الدعاة المسلمين الدين ينتمون إلى أسرة "تن تاي وا" وبخاصة الداعية "محم بون" الذي يعد الداعية الأول في كوريا.
ويرى آخرون أن الإسلام دخل كوريا عن طريق ترجمة لمعاني القرآن الكريم أعدها الدكتور كيم يونج سون أستاذ اللغة العربية في هانكوك والذي آمن بكل قيم ومبادىء الإسلام فأشهر إسلامه وسمى نفسه "عثمان".
أما الكوريون أنفسهم فإنهم يرجعون تاريخ دخول الإسلام إلى كوريا إلى منتصف القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية عندما عاد الكوريون الذين كانوا قد هاجروا إلى منشوريا في أوائل القرن العشرين تحت سياسة الاستعمار الياباني، ويذكرون أن دخول الجنود الأتراك كان السبب في إيجاد أول مسجد في كوريا وكان ذلك عام 1955م أعقبه اختيار أول إمام كوري. ولحق ذلك تنامي الجماعة الإسلامية الكورية وتم الاعتراف بها كاتحاد للمسلمين الكوريين عام 1967م، ثم افتتح المسجد والمركز الإسلامي في سيول عام 1976م.
ويعد الكوريون الإسلام آخر دين عالمي كبير اعتنقه الكوريون ، ويعزون نشاط حركة اعتناق الإسلام إلى وجود أعداد كبيرة من المهندسين والعمال الكوريين الذين يباشرون أعمال التشييد ببلاد الشرق الأوسط في المشاريع التي تتولاها الشركات الكورية منذ أوائل سنة 1970م ويؤكد هؤلاء أن العالم الإسلامي أسهم في إنجاز مشروع أول مسجد يشيد على الطراز المعماري التقليدي والذي افتتح عام 1976م كما يهتم اهتماما، بالغاً بالحركة الإسلامية الكورية، كما أسهم في تشييد مسجدين أحدهما في بوسان والآخر في كوانجزو باقليم كيا نجفيدو.
قنوات الدعوة الإسلامية في كوريا:
1 - تعددت اليوم قنوات الدعوة الإسلامية في كوريا الجنوبية، فقد بدأت الجمعيات والمنظمات الإسلامية الكورية في ممارسة نشاطها في نشر الدعوة وقد أثمرت جهود الدعاة نتائج إيجابية وفعالة في مجال التعريف بالإسلام. ولقد كان للدول العربية دور هام في نشر العقيدة الإسلامية وتوجيه المسلمين الجدد لاتباع المنهج الإسلامي الصحيح في حياتهم، فأول كوري فكر في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الكورية درس التاريخ الإسلامي في جامعة القاهرة، وقام بترجمة مقدمة ابن خلدون.
وقد أقرت المنظمات الإسلامية في بعض البلدان العربية هذه الترجمة، وقامت رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة بطبع هذه الترجمة على نفقتها الخاصة ووزعتها على المسلمين المتحدثين باللغة الكورية. كما قام المترجم بإعداد دراسة عن سيرة النبي [ وترجمة الأحاديث النبوية الشريفة.
2 - الإذاعة الإسلامية الموجهة إلى المسلمين الكوريين:
أعلن في جدة أن إذاعة القرآن الكريم هناك قامت بتوجيه إذاعة باللغة الكورية تذاع أيام الثلاثاء والجمعة من كل أسبوع ابتداء من الساعة العاشرة مساء كما تخصص إذاعة الرياض برنامج إسلاميا باللغة الكورية يذاع في فترة زمنية مماثلة في أيام أخرى اسبوعياً، وذلك نتيجة تزايد أعداد الجالية الكورية في المملكة العربية السعودية، وتزايد أعداد الحجاج لبيت الله الحرام من مسلمي كوريا الجنوبية.
3 - التعليم الإسلامي:
تتبرع المملكة العربية السعودية بمبلغ 30 ألف دولار سنويا لصالح الجمعية الإسلامية الكورية وذلك بناء على طلب رئيس الجمعية الإسلامية في كوريا الجنوبية من وزير الداخلية السعودية. كما أوضح رئيس الجمعية تصميم المسلمين هناك على انشاء كليات ومعاهد إسلامية لتعليم أبنائهم. كما اقترح أن تضم الكلية المقترح تأسيسها 9 أقسام لفروع العلوم الإسلامية واللغة العربية بتكلفة يتوقع أن تصل إلى 3 ملايين دولار أمريكي، والمشروع في مرحلة التنفيذ ولكن يتوقع أن يكون قد فرغ من العمل به.
4 - المساجد والمراكز الإسلامية في كوريا الجنوبية:
أعلن الدكتور أبو بكر كيم رئيس اتحاد المسلمين الكوريين عن افتتاح مركز إسلامي جديد في مدينة جينجو وعن اقامة معرض إسلامي عام 1408هـ وقد تم تخصيص جناح في المعرض لكل دولة إسلامية لتعرض فيه آثارها الإسلامية والمخطوطات النادرة.
كما أعلن عن افتتاح مسجد جديد في المدينة باسم مسجد أبوبكر الصديق ويقوم اتحاد المسلمين الكوريين بدعوة كبار العلماء في العالم الإسلامي لإلقاء محاضرات دينية، ثم يقوم الاتحاد بطباعة هذه المحاضرات في كتاب خاص يترجم إلى اللغات الأجنبية.
كما أعلنت الحكومة الكورية تبرعها بقطعة أرض لاقامة بعض المشروعات الإسلامية عليها في سيول العاصمة.
وبشكل عام فإن هناك عشرات المساجد الصغيرة في كوريا الجنوبية اضافة إلى المساجد الثلاث الكبرى في سيول وجينجو وبوسان.
تعليم اللغة العربية في كوريا الجنوبية:
تذكر المصادر أن تاريخ الاتصالات العربية الكورية يعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي، حيث قدم أكثر من مائة تاجر عربي إلى كوريا في عهد الملك هيون زونغ Hyonjong محملين بالزئبق والعطور والأعشاب طيبة الرائحة وغير ذلك.
وفي عام 1274م قدم إلى كوريا عربي معروف باسم سانكو Sanko كرئيس لتشريف كوبلان خان Kubilai Khan إذ كان مرافقاً لابنته الأميرة زيكوك Chaeguk التي تزوجت من الملك الكوري تشونغ يول Chung yol الذي أهدى اسم العائلة (جانغ Chang) وقطعة من الأرض.
ويذكر الدكتور القرضاوي أنه وجد فندقا في سيول يسمى (هيات) أي "حياة" ويذكر أن أن أهل سيول يقولون أن أصل الكلمة عربية.
افتتح في جامعة هانكوك عام 1965 قسم للغة العربية رغبة من الحكومة الكورية في ذلك الوقت بتحسين علاقاتها السياسية الخارجية مع دول العالم الثالث وبخاصة الدول العربية والإسلامية. وتحت دافع آخر وراء افتتاح هذا القسم وهو تلبية لحاجات التجار الكوريين الذين وجدوا في العالم العربي والإسلامي سوقاً جديدة وواسعة لصادراتهم. وعزز ذلك أزمة النفط التي حصلت عام 1973 إثر حرب رمضان (أكتوبر) التي أدت إلى تراكم دولارات النفط الهائلة في بلدان العالم الإسلامي المنتجة للنفط الأمر الذي زاد الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط. فنتج عن ذلك زيادة الاهتمام باللغة العربية، مما أدى إلى افتتاح أقسام جديدة للغة العربية في ثلاث جامعات أخرى إضافة إلى جامعة هانكوك، وبهذا يصبح عدد الجامعات التي تدرس اللغة العربية أربع جامعات من أصل مئة وعشرين جامعة كورية مما يعني ان الاهتمام باللغة العربية لايزال محدوداً.
ولقد كان لافتتاح هذه الأقسام أثره الواضح في تأسيس "الجمعية الكورية لدراسات الشرق الأوسط" التي تقيم سنويا أربعة مؤتمرات داخلية حسب فصول السنة، وقامت عام 1996م بإقامة مؤتمر موسع للمهتمين بشؤون الشرق الأوسط. وقد بلغ مجموع البحوث التي أصدرتها الجمعية في مجلتها الخاصة مائة وسبع وثمانين بحثاً في الفترة الواقعة بين 1980 - 1995م.
ويضع الدكتور سوك الكرة في ملعب العرب أنفسهم فهو يدعوهم لحماية لغتهم عن طريق جعلها لغة أساسية في معاملات الشركات والمؤسسات التجارية التي تقيم علاقات مع الدول الأجنبية لتجبرها على تعلم اللغة العربية، وتشجيعهم على دراستها.
التحديات التي تواجه نشر الإسلام في كوريا:
أ - الحملات التنصيرية:
يعود تاريخ الوجود الصليبي في كوريا إلى القرن السابع عشر الميلادي عن طريق الوثائق التي أعدت بواسطة الدبلوماسيين القادمين من الصين، وكان القساوسة الكاثوليك يرسلون فيما بعد إلى كوريا وهم متخفون وذلك لتجنب الحظر المفروض على الدين النصراني الأجنبي فكانت النصرانية تلاقي اضطهادات عنيفة، حتى شهد التاريخ مذابح وقعت في كوريا قتل فيها آلاف النصارى.
إلا أن معاهدة 1882م الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية سمحت بحماية الإرساليات النصرانية، ومنذ ذلك الحين تزايد توافد القساوسة والبعثات التعليمية والطبية على كوريا حتى غرست النصرانية بذورها في صفوف الكوريين ممزوجة بين الوثنية والتوحيد، كما تحمل في طياتها الكراهية والحقد على الإسلام، وتنفث بكل ما تستطيع من قوة سموم الشكوك ضد الدين الإسلامي الحنيف. وأهم الشكوك التي يثيرونها تتعرض إلى دعوى أن:
1 - الإسلام دين محمد لا صلة له بالإله الحقيقي للنصارى.
2 - الإسلام دين إرهابي يقتل ويرهب الناس يحمل في يمناه السيف ويحمل في يسراه القرآن.
3 - أباح للرجال تعدد الزوجات.
4- ألبس المرأة السواد وحجبها عن حقها في الحياة.
5 - أتباع الإسلام هم البدو أبناء الصحراء الذين لا حضارة لهم ولا ثقافة فهم يأكلون بأيديهم ويستنجون بها، ولا يأكلون لحم الخنزير ولا يشربون الخمر.
6 - الإسلام عدو اليهودية والنصرانية.
ب - تشوه فهم الشباب الكوري للإسلام:
الشعب الكوري شعب متدين بالفطرة ولذا استطاعت الحملات التنصيرية ان تبث سمومها في فكر الشباب الكوري عن الإسلام وأصله مستغلة هذه السمة فيه. فالكوري يحب الدين وقد أثر هذا الحب على حياته حتى العصر الحاضر، فإنه يحترم الدعاة ويعدهم أبناء الله، وعملهم أشبه بعمل الملائكة، وكثير منهم يعتقد بالدعاة أنهم رجال الله جاءوا لهدايتهم إلى الحق والصواب.
ودعاة الإسلام وأئمة المساجد المسلمون، ورجال الدين المسيحي يتمتعون بحياة كريمة بين صفوف الشعب الكوري من الناحية الاجتماعية، حتي أن الشباب الكوري يفتخر بين أصحابه بأنه يحمل ديناً، ويؤمن بالله.
أما فكر الشباب في كوريا عن الإسلام فقد تأثر بالدسائس والشكوك التي غرسها دعاة الصليبية واليهودية في صفوف الشعب الكوري عن طريق التلفزيون وأفلام الفيديو، ووسائل الإعلام مع أن الداعية مهما كان دينه فإنه محترم لكونه أستاذا ومعلما، والأستاذ والمعلم مقدس ومحترم في عقيدة الكوري. لكنك عندما تدعوه إلى الإسلام تواجه كثيراً من الصعوبات وتثار في وجهك التساؤلات والشكوك.
أما البعثات التبشيرية فإنها تلقى دعماً من الدول الغربية مكنها من النجاح في مهمتها وتنصير أبناء الشعب الكوري الأمر الذي يعرقل جهود الدعاة المسلمين، إضافة إلى الفهم الخاطىء المشوه للإسلام.
مدى تقبل الشباب الكوري الإسلام والنقاط التي تؤثر فيه:
الشباب الكوري يعشق العلم والثقافة والدراسة، ولذا فإن أفضل وسيلة لنشر الإسلام في صفوفه هو العلم والثقافة. وأنجح وسيلة في ذلك هي الجامعات والمعاهد العلمية والمدارس فالشاب الكوري ينشأ منذ صغره على حب الدراسة والمطالعة فهو يخرج في الصباح إلى المدرسة ولا يعود منها إلا ليلاً فيقضي كل يومه مطالعة ودراسة بإشراف أساتذته، فهو بذلك قادر على فهم الحقائق التي جاء بها الإسلام.
- الأمر الآخر الذي يجعل الشباب الكوري مؤهلاً للاستجابة للدعوة الإسلامية فهي الأخلاق. فالشباب الكوري يتربى على الأخلاق التي ورثها عن أسلافه فالشعب الكوري معروف بالتماسك واحترام الكبير، والعطف على الصغير، واحترام المرأة واحترام الأخ الأكبر. الخ.
كما يعشق الكوري المساواة والعدل والحرية وهي كلها مبادىء جاء بها الإسلام، فمحاسن الإسلام تتفق مع المظهر العام لحياة الشعب الكوري الاجتماعية، فإذا ما عرضت بأسلوب سليم يصبح من السهل جداً تقبلها، ومن عرف عقلية الكوري استطاع الدخول إلى قلبه وعقله بالحكمة والموعظة الحسنة.
النتائج:
1 - الشعب الكوري مجتمع يغلب عليه التدين، وهو يؤمن بإله واحد.
2 - دخلت النصرانية في صفوف الشعب الكوري مدعومة بوسائل الإعلام الصحفي والمجلات والنشرات وببرامج بث إذاعة مرئية ومسموعة أثمر وجوداً ملحوظاً لهذه الديانة في الأوساط الكورية.
3 - الإسلام آخر الأديان العالمية دخولاً إلى كوريا الجنوبية ولايزال أتباعه قلة قليلة لا تتجاوز (000ر20) نسمة وهي أرض خصبة دينياً لو أحسن التعامل مع شعوبها فهم متدينون بفطرتهم، وما على المسلمين إلا بذل المزيد من الجهد والاهتمام بهذه المنطقة من العالم.
4 - الشعب الكوري شعب يعشق العلم وبالتالي فإن خير وسيلة لنشر الدين الإسلامي في وسطه هو اتباع الأساليب والتقنيات العلمية بمختلف أنواعها واستغلال منتجات أو معطيات الحضارة الإنسانية المعاصرة من انترنت وغيره في نشر الدعوة في صفوف الكوريين.
5 - مايزال المسلمون الكوريون يفتقرون إلى المدارس والمعاهد والكليات الإسلامية، وكذلك ما زالوا يفتقرون إلى المحطات الإذاعية والتلفزيونية والقنوات الفضائية والمجلات وغيرها من الوسائل الإعلامية الإسلامية التي تنشر الوعي الإسلامي في صفوف المسلمين الكوريين وتدعو الكوريين غير المسلمين إلى الدخول في الإسلام.
6 - البيئة الاجتماعية الكورية قريبة بقيمها وتقاليدها من الإسلام وهذه عوامل تساعد الأسرة المسلمة وتعينها على حسن تربية أبنائها وفقاً لتعاليم الإسلام.
التوصيات:
1 - يجب على المؤسسات الإسلامية الرسمية بحث موضوع فتح مدارس ومعاهد علمية تمول من قبل المسلمين لنشر الثقافة الإسلامية بين أبناء المسلمين في كوريا.
2 - إطلاق قناة فضائية إسلامية تبث البرامج الهادفة والمركزة باللغة الكورية لنشر الدعوة رداً على ما يقدمه أعداء هذا الدين.
3 - تأليف لجنة ترجمة للكتب الإسلامية ذات المواضيع الهادفة لنشر حقيقة الإسلام ومحاسنه وعدالته إلى اللغة الكورية.
4 - تكوين لجنة للوقف الإسلامي ولجنة للزكاة لمساعدة المحتاجين وسد حاجاتهم. والعمل على بناء مقابر للمسلمين.
5 - إيجاد صحيفة أو مجلة باللغة الكورية تنشر في كوريا ذاتها ليتمكن المسلم الكوري من قراءتها وفهمها.
6 - التوسع في إقامة علاقات ثقافية بين كوريا والدول الإسلامية ومحاولة تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام الموجودة في الكتب المدرسية، فالدولة الكورية تحترم المملكة العربية السعودية، وتسعى جاهدة للحفاظ على صداقتها معها فلو وجد الخطاب الرسمي لكان له الأثر الطيب في ذلك.
7 - استخدام اللغة العربية في المكاتبات والاتصالات بين الحكومات والمنظمات والشركات العربية ونظائرها الكورية وذلك تشجيعاً على استعمال اللغة العربية لإعطاء فرصة لتقريب المسلم الكوري من فهم الثقافة العربية الإسلامية.
October 12th, 2006, 09:24 PM
رؤية لمستقبل الإسلام في كوريابقلم: أ.د.مصطفى رجب
أكاديمي مصري، معار بجامعة اليرموك
تقع شبه الجزيرة الكورية في الجزء الجنوبي من شمال شرق قارة آسيا. ويبلغ طولها حوالي ألف كم طولا من الشمال إلى الجنوب و216 عرضاً في أضيق أجزائها. ويفصلها عن شبه جزيرة "شانتونج" الصينية نحو الغرب مسافة 190كم من مياه البحر الأصفر، وتبعد عن اليابان حوالي 20 كم في أقرب مسافة بينهما.
ويحدها شرقاً البحر الشرقي (المعروف ببحر اليابان) وغرباً البحر الأصفر والصين من الشمال الغربي، ويفصلها شمالاً عن منشوريا وسيبيريا نهرا امنو كجانج (يالو)، وتومانجانج (تومن) ويحدها من الجنوب المحيط الهادي.
وتقع شبه الجزيرة الكورية وما يتصل بها من جزر بين خط طول 124ر11 وخط 131ر53 شرقا، وخط العرض 33ر6 وخط 40ر1 شمالا.
وتبلغ مساحة شبه الجزيرة الكورية 221487كم2.
تتميز كوريا بطبيعة جبلية حيث أن 70% من أراضيها جبالاً وبخاصة على الساحل الشرقي أما السواحل الغربية والجنوبية فهي متعرجة.
وتتمتع كوريا بأربع فصول ذات طوابع مناخية مميزة، ففصلي الربيع والخريف قصيران نسبياً. ويكون خلالهما الجو منعشاً وتشرق الشمس في معظم الأوقات، وبسبب تأثير حزام مودن - سون على منطقة شرق آسيا يكون الجو في شبه الجزيرة صيفاً حاراً ورطباً ويبدأ موسم الإمطار عادة في نهاية شهر يونيو. أما الشتاء فهو بارد وجاف وتسقط فيه الثلوج بصورة موسمية، فهو شتاء تتناوب فيه الأيام الدافئة والباردة.
الوضع الاقتصادي في كوريا
يحتل الاقتصاد الكوري الجنوبي المرتبة الثالثة عشرة على صعيد أكبر الاقتصاديات في العالم، وباجمالي للناتج القومي بلغ (1ر421) مليار دولار، ويتوقع أن تجتذب 6 مليار دولار سنوياً على مدى الفترة من 2002 - 2006 فقد احتلت سيول المرتبة التالية بعد طوكيو في جذب الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة من 97-2001م بإجمالي 5ر31 مليار دولار.
أما كوريا الشمالية فتعاني من اقتصاد الندرة والنقص مما يحد من قدرتها على توفير الاحتياجات الضرورية لمواطنيها البالغ عددهم مليون نسمة، كما أن صادراتها وتجارتها الخارجية لم تتجاوز 27ر2 مليار دولار في عام 2001م مقابل 5ر291 مليار دولار بالنسبة إلى كوريا الجنوبية خلال الفترة ذاتها.
وتلعب المعاملات التجارية بين الكوريتين دوراً مهما في تحقيق التقدم الاقتصادي لكوريا الشمالية، حيث بلغت قيمتها 130 مليون دولار أمريكي خلال الربع الأول من عام 2002م وبزيادة تعادل 4ر21% من قيمتها في ذات الفترة من عام 2001م والفائض التجاري لصالح كوريا الشمالية.
ويبدو أن كوريا الشمالية ماضية قدماً في تحقيق الإصلاح الاقتصادي، ولذا فقد سنت في السنوات الأخيرة نحو 57 قانوناً لتشجيع الاستثمارات الخارجية، كما أقامت منطقة صناعية من أجل التصدير للخارج، وإن كانت الأوضاع الداخلية والمؤثرات الاقليمية في شبه القارة الكورية غير مواتية، إضافة إلى العوامل الخارجية وبخاصة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبخاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م حيث صنف جورج بوش كوريا مع محور الشر.
وتذكر تقارير منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي أن كوريا الشمالية عانت عجزاً ضخماً خلال عام 2004م رغم التحسن الذي طرأ على موسم حصاد 2003م، ولذا فإن وضعها يتطلب تقديم معونات خارجية كبرى، كما جاء في التقرير أن عدم كفاية الإنتاج المحلي يعني أن نحو 5ر6 مليون شخص سيحتاجون للمعونات، كما حذرت المنظمتان في تقريرهما من أن الحالة مازالت خطيرة لاسيما بالنسبة للأطفال الصغار، والحوامل وأعداد كبيرة من المسنين.
كما بين التقرير أن هناك أربعة أطفال من أصل عشرة يعانون من سوء تغذية مزمن، ولذا فقد دعت المنظمتان إلى ضرورة تأمين نحو 484 ألف طن من السلع بما في ذلك 400 ألف طن من الحبوب خلال العام الماضي كمعونات غذائية عاجلة.
ينحدر الكوريون من سلالة القبائل المنغولية التي هاجرت من آسيا الوسطى إلى شبه الجزيرة الكورية في أواخر العصر الحجري من 500 - 1000 قبل الميلاد والعصر البرونزي من 1000 - 300 قبل الميلاد، وفي أوائل عهد المسيحية (بعد الميلاد) أصبح الكوريون شعباً متجانساً بالرغم من أن الوحدة السياسية لم تتحقق إلا في القرن السابع الميلادي.
ويتكلم الكوريون لغة واحدة تنتمي إلى مجموعة اللغات الأورالية في آسيا الوسطى والتي تتضمن اللغات التركية، المجرية، الفنلندية، المنغولية، لغة التبت واللغة اليابانية، وتعد هذه اللغة من أهم عوامل وحدة الهوية والقومية لدى الكوريين.
وبالرغم من وجود اللهجات العديدة لدى الكوريين المعاصرين إلا أنها متقاربة لا تشكل عائقاً في فهم الكوريين بعضهم بعضا.
يبلغ عدد سكان شبه الجزيرة الكورية 65 مليون نسمة إضافة إلى 5ر5 مليون كوري يعيشون في مختلف بقاع العالم. وقد بلغ عدد سكان كوريا الجنوبية 9ر45 مليون نسمة بحسب إحصاءات عام 1997م وتعد كوريا واحدة من أعلى الكثافات السكانية في العالم.
التاريخ الكوري
يؤكد العلماء أن أول مملكة أو دولة تكونت في كوريا كانت في العصر البرونزي عندما أنشأ (تان جون) مملكة فيها عرفت باسم كورتشوسون أو تشوسون القديمة والتي توحدت سريعاً لتصبح الأقوى في بداية القرن الرابع الميلادي.
ومع تعاظم قوة هذه المملكة زاد اهتمام الصين بها مما أدى إلى قيام الامبراطور الصيني (هان - ديتي) لغزوها عام 109 قبل الميلاد فاحتلها وقضى على مملكتها في العام التالي، فأدى ذلك إلى تكون مملكة تدعي كوريو من 37 قبل الميلاد - 668 بعد الميلاد بقيادة عدد من الملوك الصارمين الذين تمكنوا من الاستيلاء على القبائل واحدة تلو الأخرى، وبذلك خلصت هذه المملكة شبه الجزيرة الكورية من آخر الفرق الصينية الموجودة عليها وكان ذلك عام 313 بعد الميلاد.
وفي أواخر القرن السادس عشر غزت مجموعة من اليابانيين بقيادة تويو تومي هيديوشي فاجتاحوا مملكة (تشوسون) في طريقهم لغزو الصين، وبذلك دمر جزء كبير من شبه الجزيرة كما فقدت العديد من الكنوز الثقافية والآثار، وأجبر الصناع الكوريون على الانتقال إلى اليابان وبخاصة صناع الفخار لدعم صناعة الفخار اليابانية، إلا أنهم بفضل روحهم القومية جمعوا قواهم وتمكنوا من قطع خطوط الإمداد اليابانية مما أجبر اليابانيين على الانسحاب ومن ثم انتهت الحرب عام 1598 مخلفة الدمار على كوريا.
وفي عامي 1627 و1636 تعرضت كوريا للغزو مرتين من قبل المنشورين الذين أسسوا مملكة تشي - ينج من 1644 - 1911م.
ظلت كوريا مملكة مغلقة بشدة أمام مطالب الغرب بتكوين علاقات دبلوماسية وتجارية، ولكن كان عليها بعد ذلك أن تتعامل مع التغييرات السريعة التي حدثت بنهاية القرن التاسع عشر وذلك حينما هزمت اليابان الصين راعى كوريا وبذلك أصبحت كوريا مستعمرة يابانية عام 1910م.
كوريا الحديثة
احتلت شبه الجزيرة الكورية من قبل اليابان ما بين عامي 1910 - 1945م، وعندما تحررت انقسمت إلى شمالية (عاصمتها بيونغيانغ) وجنوبية (عاصمتها سيول) وفي الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية تدخل السوفييت وأعادوا قائد حرب العصابات كيم إل سونغ الذي كان في الاتحاد السوفيتي بين عام 1941 - 1945م زعيماً للدولة الشيوعية الشمالية، وفي المقابل عملت الولايات خفية لترشيح رجل أمريكا في الجنوب سينغمان رهي.
حاول القوميون الجنوبيون إعادة توحيد شبه الجزيرة، لكن رهي وشكوك الولايات المتحدة أفشلا المساعي، ثم حدد الفاصل رسميا بين الكوريتين عندما أعلنت جمهورية كوريا الجنوبية وبدأ الجانبان البناء العسكري للمواجهة.
ومع أن المناوشات التي راح ضحيتها الآلاف ظلت لخمس سنوات 45 - 1950م يلقي باللائمة فيها على الطرفين، فإن المشهور تاريخياً أن الحرب بدأت عام 1950م عندما غزا الشماليون أجزاء من الجنوب، ثم تدخلت واشنطن لدعم الجنوبيين تحت راية الأمم المتحدة. ولأنها دفعت القوات الشمالية إلى الحدود الصينية تدخل جيش المتطوعين الصينيين لوقف التقدم الأمريكي. وبعد ثلاث سنوات - قتل خلالها مليون كوري وصيني وأمريكي - انتهت الحرب لتعود الكوريتان عند الحدود التي كانت قبل الحرب.
ومنذ عام 1953م ظلت الحدود الكورية قابلة للاشتعال في أي وقت في أجواء الحرب الباردة التي حولت الحرب إلى أشكال أخرى أبقتها متأزمة، مع استمرار الحرب الدعائية والدبلوماسية وعمليات التسليح المستمر والحرب الاقتصادية للتضييق دولياً على الشماليين، ولاتزال الحكومة الشمالية تنفق نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي (25 - 32%) حسب التقديرات الأجنبية - على التسلح والجيش، وقد قدر ذلك من قبل المخابرات الأمريكية بـ7ر3 - 9ر4 مليار دولار عام 1998م، فيما ظل الجنوبيون يلقون دعماً تسليحياً وحضوراً عسكرياً أمريكيين.
الأديان الوضعية في كوريا
تعد كوريا مستودعاً للأديان إذ يبلغ عدد الأديان فيها مئتين وسبعة أديان 207 ابتداء من الديانات القديمة من تشونوكية أي دين السماء، والشمانية والبوذية والكونفوشوسية إلى جانب النصرانية، وهذا يعني أن الشعب الكوري يغلب عليه الطابع الديني فقد بلغت نسبة المعتقدين منه (أي المتدينين) 7ر77% من عدد السكان.
لقد آمن الشعب الكوري قديماً جداً بالسماء (مركز الآلهة الكبرى) - كما يعتقدون - والتي يقال لها (هانول أي السماء) كما اعتقدوا بوجود آلهة ثانوية مساعدة لرئيس الآلهة في السماء، الأمر الذي يعني تعدد هذه الآلهة إلى حد كبير فاعتقدوا بكل مظاهر الحياة الطبيعية كالنجوم والقمر والأشجار التي عمرت كثيراً، وأرواح الآباء والأجداد والأرواح المظلومة. ووفقاً لمعتقدات الكوريين فإن هذه الآلهة لها تأثيرها في تهذيب الأخلاق وصلاح المجتمع وليست مجرد آلهة للعبادة والتقديس فحسب.
تاريخ دخول الإسلام إلى كوريا:
هناك شبه إجماع بين الباحثين في شؤون كوريا وأحوال المسلمين فيها على أن الإسلام دخلها عن طريق الجنود الأتراك الذين جاءوا إليها لحماية كوريا الجنوبية من خطر الزحف الشيوعي القادم من كوريا الشمالية عام 1955م فقد كان لالتزام هؤلاء الجنود بأمور دينهم، والمحافظة على صلواتهم وتنظيم أوقاتهم واستقامتهم قولاً وعملاً وأدباً في تعاملهم مع الناس أعظم الأثر في نفوس عدد من أبناء الشعب الكوري الذي يتميز بشدة التدين مما أدى إلى دخول عدد منهم في هذا الدين. وقد ظل هذا العدد من المسلمين الكوريين في تزايد حتى وصل اليوم نحواً من عشرين ألفاً.
إلا أن الكوريين أنفسهم يروون روايات مختلفة عن دخول الإسلام إلى بلادهم، ففي حين يذكر الدكتور أبو بكر كيم رئيس اتحاد المسلمين الكوريين أن الإسلام دخل بلاده عن طريق اليابان وذلك عن طريق المؤلفات اليابانية التي كتبت عن الإسلام والتعريف بمبادئه وسهولة تعاليمه ومزاياه التشريعية، نجد غيره يؤكد أن كوريا عرفت الإسلام عن طريق الصين وبجهود فردية من الدعاة المسلمين الدين ينتمون إلى أسرة "تن تاي وا" وبخاصة الداعية "محم بون" الذي يعد الداعية الأول في كوريا.
ويرى آخرون أن الإسلام دخل كوريا عن طريق ترجمة لمعاني القرآن الكريم أعدها الدكتور كيم يونج سون أستاذ اللغة العربية في هانكوك والذي آمن بكل قيم ومبادىء الإسلام فأشهر إسلامه وسمى نفسه "عثمان".
أما الكوريون أنفسهم فإنهم يرجعون تاريخ دخول الإسلام إلى كوريا إلى منتصف القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية عندما عاد الكوريون الذين كانوا قد هاجروا إلى منشوريا في أوائل القرن العشرين تحت سياسة الاستعمار الياباني، ويذكرون أن دخول الجنود الأتراك كان السبب في إيجاد أول مسجد في كوريا وكان ذلك عام 1955م أعقبه اختيار أول إمام كوري. ولحق ذلك تنامي الجماعة الإسلامية الكورية وتم الاعتراف بها كاتحاد للمسلمين الكوريين عام 1967م، ثم افتتح المسجد والمركز الإسلامي في سيول عام 1976م.
ويعد الكوريون الإسلام آخر دين عالمي كبير اعتنقه الكوريون ، ويعزون نشاط حركة اعتناق الإسلام إلى وجود أعداد كبيرة من المهندسين والعمال الكوريين الذين يباشرون أعمال التشييد ببلاد الشرق الأوسط في المشاريع التي تتولاها الشركات الكورية منذ أوائل سنة 1970م ويؤكد هؤلاء أن العالم الإسلامي أسهم في إنجاز مشروع أول مسجد يشيد على الطراز المعماري التقليدي والذي افتتح عام 1976م كما يهتم اهتماما، بالغاً بالحركة الإسلامية الكورية، كما أسهم في تشييد مسجدين أحدهما في بوسان والآخر في كوانجزو باقليم كيا نجفيدو.
قنوات الدعوة الإسلامية في كوريا:
1 - تعددت اليوم قنوات الدعوة الإسلامية في كوريا الجنوبية، فقد بدأت الجمعيات والمنظمات الإسلامية الكورية في ممارسة نشاطها في نشر الدعوة وقد أثمرت جهود الدعاة نتائج إيجابية وفعالة في مجال التعريف بالإسلام. ولقد كان للدول العربية دور هام في نشر العقيدة الإسلامية وتوجيه المسلمين الجدد لاتباع المنهج الإسلامي الصحيح في حياتهم، فأول كوري فكر في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الكورية درس التاريخ الإسلامي في جامعة القاهرة، وقام بترجمة مقدمة ابن خلدون.
وقد أقرت المنظمات الإسلامية في بعض البلدان العربية هذه الترجمة، وقامت رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة بطبع هذه الترجمة على نفقتها الخاصة ووزعتها على المسلمين المتحدثين باللغة الكورية. كما قام المترجم بإعداد دراسة عن سيرة النبي [ وترجمة الأحاديث النبوية الشريفة.
2 - الإذاعة الإسلامية الموجهة إلى المسلمين الكوريين:
أعلن في جدة أن إذاعة القرآن الكريم هناك قامت بتوجيه إذاعة باللغة الكورية تذاع أيام الثلاثاء والجمعة من كل أسبوع ابتداء من الساعة العاشرة مساء كما تخصص إذاعة الرياض برنامج إسلاميا باللغة الكورية يذاع في فترة زمنية مماثلة في أيام أخرى اسبوعياً، وذلك نتيجة تزايد أعداد الجالية الكورية في المملكة العربية السعودية، وتزايد أعداد الحجاج لبيت الله الحرام من مسلمي كوريا الجنوبية.
3 - التعليم الإسلامي:
تتبرع المملكة العربية السعودية بمبلغ 30 ألف دولار سنويا لصالح الجمعية الإسلامية الكورية وذلك بناء على طلب رئيس الجمعية الإسلامية في كوريا الجنوبية من وزير الداخلية السعودية. كما أوضح رئيس الجمعية تصميم المسلمين هناك على انشاء كليات ومعاهد إسلامية لتعليم أبنائهم. كما اقترح أن تضم الكلية المقترح تأسيسها 9 أقسام لفروع العلوم الإسلامية واللغة العربية بتكلفة يتوقع أن تصل إلى 3 ملايين دولار أمريكي، والمشروع في مرحلة التنفيذ ولكن يتوقع أن يكون قد فرغ من العمل به.
4 - المساجد والمراكز الإسلامية في كوريا الجنوبية:
أعلن الدكتور أبو بكر كيم رئيس اتحاد المسلمين الكوريين عن افتتاح مركز إسلامي جديد في مدينة جينجو وعن اقامة معرض إسلامي عام 1408هـ وقد تم تخصيص جناح في المعرض لكل دولة إسلامية لتعرض فيه آثارها الإسلامية والمخطوطات النادرة.
كما أعلن عن افتتاح مسجد جديد في المدينة باسم مسجد أبوبكر الصديق ويقوم اتحاد المسلمين الكوريين بدعوة كبار العلماء في العالم الإسلامي لإلقاء محاضرات دينية، ثم يقوم الاتحاد بطباعة هذه المحاضرات في كتاب خاص يترجم إلى اللغات الأجنبية.
كما أعلنت الحكومة الكورية تبرعها بقطعة أرض لاقامة بعض المشروعات الإسلامية عليها في سيول العاصمة.
وبشكل عام فإن هناك عشرات المساجد الصغيرة في كوريا الجنوبية اضافة إلى المساجد الثلاث الكبرى في سيول وجينجو وبوسان.
تعليم اللغة العربية في كوريا الجنوبية:
تذكر المصادر أن تاريخ الاتصالات العربية الكورية يعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي، حيث قدم أكثر من مائة تاجر عربي إلى كوريا في عهد الملك هيون زونغ Hyonjong محملين بالزئبق والعطور والأعشاب طيبة الرائحة وغير ذلك.
وفي عام 1274م قدم إلى كوريا عربي معروف باسم سانكو Sanko كرئيس لتشريف كوبلان خان Kubilai Khan إذ كان مرافقاً لابنته الأميرة زيكوك Chaeguk التي تزوجت من الملك الكوري تشونغ يول Chung yol الذي أهدى اسم العائلة (جانغ Chang) وقطعة من الأرض.
ويذكر الدكتور القرضاوي أنه وجد فندقا في سيول يسمى (هيات) أي "حياة" ويذكر أن أن أهل سيول يقولون أن أصل الكلمة عربية.
افتتح في جامعة هانكوك عام 1965 قسم للغة العربية رغبة من الحكومة الكورية في ذلك الوقت بتحسين علاقاتها السياسية الخارجية مع دول العالم الثالث وبخاصة الدول العربية والإسلامية. وتحت دافع آخر وراء افتتاح هذا القسم وهو تلبية لحاجات التجار الكوريين الذين وجدوا في العالم العربي والإسلامي سوقاً جديدة وواسعة لصادراتهم. وعزز ذلك أزمة النفط التي حصلت عام 1973 إثر حرب رمضان (أكتوبر) التي أدت إلى تراكم دولارات النفط الهائلة في بلدان العالم الإسلامي المنتجة للنفط الأمر الذي زاد الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط. فنتج عن ذلك زيادة الاهتمام باللغة العربية، مما أدى إلى افتتاح أقسام جديدة للغة العربية في ثلاث جامعات أخرى إضافة إلى جامعة هانكوك، وبهذا يصبح عدد الجامعات التي تدرس اللغة العربية أربع جامعات من أصل مئة وعشرين جامعة كورية مما يعني ان الاهتمام باللغة العربية لايزال محدوداً.
ولقد كان لافتتاح هذه الأقسام أثره الواضح في تأسيس "الجمعية الكورية لدراسات الشرق الأوسط" التي تقيم سنويا أربعة مؤتمرات داخلية حسب فصول السنة، وقامت عام 1996م بإقامة مؤتمر موسع للمهتمين بشؤون الشرق الأوسط. وقد بلغ مجموع البحوث التي أصدرتها الجمعية في مجلتها الخاصة مائة وسبع وثمانين بحثاً في الفترة الواقعة بين 1980 - 1995م.
ويضع الدكتور سوك الكرة في ملعب العرب أنفسهم فهو يدعوهم لحماية لغتهم عن طريق جعلها لغة أساسية في معاملات الشركات والمؤسسات التجارية التي تقيم علاقات مع الدول الأجنبية لتجبرها على تعلم اللغة العربية، وتشجيعهم على دراستها.
التحديات التي تواجه نشر الإسلام في كوريا:
أ - الحملات التنصيرية:
يعود تاريخ الوجود الصليبي في كوريا إلى القرن السابع عشر الميلادي عن طريق الوثائق التي أعدت بواسطة الدبلوماسيين القادمين من الصين، وكان القساوسة الكاثوليك يرسلون فيما بعد إلى كوريا وهم متخفون وذلك لتجنب الحظر المفروض على الدين النصراني الأجنبي فكانت النصرانية تلاقي اضطهادات عنيفة، حتى شهد التاريخ مذابح وقعت في كوريا قتل فيها آلاف النصارى.
إلا أن معاهدة 1882م الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية سمحت بحماية الإرساليات النصرانية، ومنذ ذلك الحين تزايد توافد القساوسة والبعثات التعليمية والطبية على كوريا حتى غرست النصرانية بذورها في صفوف الكوريين ممزوجة بين الوثنية والتوحيد، كما تحمل في طياتها الكراهية والحقد على الإسلام، وتنفث بكل ما تستطيع من قوة سموم الشكوك ضد الدين الإسلامي الحنيف. وأهم الشكوك التي يثيرونها تتعرض إلى دعوى أن:
1 - الإسلام دين محمد لا صلة له بالإله الحقيقي للنصارى.
2 - الإسلام دين إرهابي يقتل ويرهب الناس يحمل في يمناه السيف ويحمل في يسراه القرآن.
3 - أباح للرجال تعدد الزوجات.
4- ألبس المرأة السواد وحجبها عن حقها في الحياة.
5 - أتباع الإسلام هم البدو أبناء الصحراء الذين لا حضارة لهم ولا ثقافة فهم يأكلون بأيديهم ويستنجون بها، ولا يأكلون لحم الخنزير ولا يشربون الخمر.
6 - الإسلام عدو اليهودية والنصرانية.
ب - تشوه فهم الشباب الكوري للإسلام:
الشعب الكوري شعب متدين بالفطرة ولذا استطاعت الحملات التنصيرية ان تبث سمومها في فكر الشباب الكوري عن الإسلام وأصله مستغلة هذه السمة فيه. فالكوري يحب الدين وقد أثر هذا الحب على حياته حتى العصر الحاضر، فإنه يحترم الدعاة ويعدهم أبناء الله، وعملهم أشبه بعمل الملائكة، وكثير منهم يعتقد بالدعاة أنهم رجال الله جاءوا لهدايتهم إلى الحق والصواب.
ودعاة الإسلام وأئمة المساجد المسلمون، ورجال الدين المسيحي يتمتعون بحياة كريمة بين صفوف الشعب الكوري من الناحية الاجتماعية، حتي أن الشباب الكوري يفتخر بين أصحابه بأنه يحمل ديناً، ويؤمن بالله.
أما فكر الشباب في كوريا عن الإسلام فقد تأثر بالدسائس والشكوك التي غرسها دعاة الصليبية واليهودية في صفوف الشعب الكوري عن طريق التلفزيون وأفلام الفيديو، ووسائل الإعلام مع أن الداعية مهما كان دينه فإنه محترم لكونه أستاذا ومعلما، والأستاذ والمعلم مقدس ومحترم في عقيدة الكوري. لكنك عندما تدعوه إلى الإسلام تواجه كثيراً من الصعوبات وتثار في وجهك التساؤلات والشكوك.
أما البعثات التبشيرية فإنها تلقى دعماً من الدول الغربية مكنها من النجاح في مهمتها وتنصير أبناء الشعب الكوري الأمر الذي يعرقل جهود الدعاة المسلمين، إضافة إلى الفهم الخاطىء المشوه للإسلام.
مدى تقبل الشباب الكوري الإسلام والنقاط التي تؤثر فيه:
الشباب الكوري يعشق العلم والثقافة والدراسة، ولذا فإن أفضل وسيلة لنشر الإسلام في صفوفه هو العلم والثقافة. وأنجح وسيلة في ذلك هي الجامعات والمعاهد العلمية والمدارس فالشاب الكوري ينشأ منذ صغره على حب الدراسة والمطالعة فهو يخرج في الصباح إلى المدرسة ولا يعود منها إلا ليلاً فيقضي كل يومه مطالعة ودراسة بإشراف أساتذته، فهو بذلك قادر على فهم الحقائق التي جاء بها الإسلام.
- الأمر الآخر الذي يجعل الشباب الكوري مؤهلاً للاستجابة للدعوة الإسلامية فهي الأخلاق. فالشباب الكوري يتربى على الأخلاق التي ورثها عن أسلافه فالشعب الكوري معروف بالتماسك واحترام الكبير، والعطف على الصغير، واحترام المرأة واحترام الأخ الأكبر. الخ.
كما يعشق الكوري المساواة والعدل والحرية وهي كلها مبادىء جاء بها الإسلام، فمحاسن الإسلام تتفق مع المظهر العام لحياة الشعب الكوري الاجتماعية، فإذا ما عرضت بأسلوب سليم يصبح من السهل جداً تقبلها، ومن عرف عقلية الكوري استطاع الدخول إلى قلبه وعقله بالحكمة والموعظة الحسنة.
النتائج:
1 - الشعب الكوري مجتمع يغلب عليه التدين، وهو يؤمن بإله واحد.
2 - دخلت النصرانية في صفوف الشعب الكوري مدعومة بوسائل الإعلام الصحفي والمجلات والنشرات وببرامج بث إذاعة مرئية ومسموعة أثمر وجوداً ملحوظاً لهذه الديانة في الأوساط الكورية.
3 - الإسلام آخر الأديان العالمية دخولاً إلى كوريا الجنوبية ولايزال أتباعه قلة قليلة لا تتجاوز (000ر20) نسمة وهي أرض خصبة دينياً لو أحسن التعامل مع شعوبها فهم متدينون بفطرتهم، وما على المسلمين إلا بذل المزيد من الجهد والاهتمام بهذه المنطقة من العالم.
4 - الشعب الكوري شعب يعشق العلم وبالتالي فإن خير وسيلة لنشر الدين الإسلامي في وسطه هو اتباع الأساليب والتقنيات العلمية بمختلف أنواعها واستغلال منتجات أو معطيات الحضارة الإنسانية المعاصرة من انترنت وغيره في نشر الدعوة في صفوف الكوريين.
5 - مايزال المسلمون الكوريون يفتقرون إلى المدارس والمعاهد والكليات الإسلامية، وكذلك ما زالوا يفتقرون إلى المحطات الإذاعية والتلفزيونية والقنوات الفضائية والمجلات وغيرها من الوسائل الإعلامية الإسلامية التي تنشر الوعي الإسلامي في صفوف المسلمين الكوريين وتدعو الكوريين غير المسلمين إلى الدخول في الإسلام.
6 - البيئة الاجتماعية الكورية قريبة بقيمها وتقاليدها من الإسلام وهذه عوامل تساعد الأسرة المسلمة وتعينها على حسن تربية أبنائها وفقاً لتعاليم الإسلام.
التوصيات:
1 - يجب على المؤسسات الإسلامية الرسمية بحث موضوع فتح مدارس ومعاهد علمية تمول من قبل المسلمين لنشر الثقافة الإسلامية بين أبناء المسلمين في كوريا.
2 - إطلاق قناة فضائية إسلامية تبث البرامج الهادفة والمركزة باللغة الكورية لنشر الدعوة رداً على ما يقدمه أعداء هذا الدين.
3 - تأليف لجنة ترجمة للكتب الإسلامية ذات المواضيع الهادفة لنشر حقيقة الإسلام ومحاسنه وعدالته إلى اللغة الكورية.
4 - تكوين لجنة للوقف الإسلامي ولجنة للزكاة لمساعدة المحتاجين وسد حاجاتهم. والعمل على بناء مقابر للمسلمين.
5 - إيجاد صحيفة أو مجلة باللغة الكورية تنشر في كوريا ذاتها ليتمكن المسلم الكوري من قراءتها وفهمها.
6 - التوسع في إقامة علاقات ثقافية بين كوريا والدول الإسلامية ومحاولة تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام الموجودة في الكتب المدرسية، فالدولة الكورية تحترم المملكة العربية السعودية، وتسعى جاهدة للحفاظ على صداقتها معها فلو وجد الخطاب الرسمي لكان له الأثر الطيب في ذلك.
7 - استخدام اللغة العربية في المكاتبات والاتصالات بين الحكومات والمنظمات والشركات العربية ونظائرها الكورية وذلك تشجيعاً على استعمال اللغة العربية لإعطاء فرصة لتقريب المسلم الكوري من فهم الثقافة العربية الإسلامية.