الأعضاء الإشتراك و التسجيل

    التسجيل و الدخول عبر

نسيت كلمه المرور
الأقسام
ADs

تابعنا :



خطيب جُمعتنا مُدخنٌ وحليق‎ !

20 مارس, 2015 - 7:54:22 مساءً آخر تحديث : 20 مارس, 2015 - 7:54:22 مساءً

صحيفة مبتعث - علي الغامدي

صحيفة مبتعث – علي الغامدي

لا يختلف إثنان على أن هُناك أنواع من النوم لايُمكن مُقاومتها حتى في أحلكِ الظروف كتِلك التي تغزوك والمُدرس يشرح أو يُبربر بكلام ممل. و تذكرون أيضاً مقاومتنا باستِماتة للنوم في خطبة الجُمعة التي يُلقيها بعض الخُطباء ولولا الحياء والخوف من الله لأتينا ب(مخدة) بدلاً من السجادة.

الخلل ليس في الخِطبة بل في من يُلقيها ، فبعض الخطباء يملك من قوة التخدير والتنويم مالا يملكه أبرع أطباء التخدير في العالم. فأُسلوبه ونبرة صوته لو حُقّ لها لتبرّأت منه خجلاً لوضعه لها في مكانٍ لا يليق بها ، فهو يطرح مواضيعاً وأحداثاً لم تعد الناس تهتم بها لعدم وجودها في هذا الزمان ، ويقرأ من ورقة وكأنه يلقي نشرة الأخبار الإقتصادية وأسهم الشركات.

دعُوني أُحدثكم عن خطيب جُمعتنا هُناك في مُصلّى الجامعة الصغير حيثُ يتناوب مجموعة من المُتطوّعين من كل الجنسيات لإلقاءِ الخطبة بتنسيق من أحدِ الطُلاب. فيهم من التنوع ما يجعلُك مُتشوّقاً لسماع موضوع اليوم.

وكان الدور في هذه المرة لشاب اسمه أحمد في الثلاثينات من عُمره ، لو رأيناه في مساجدنا لما سمحنا لأقدامه بأن تمسّ المنبر… . لأنهُ مُدخّن شرِهٌ وحليق. لا يحفظُ من الخطبة إلّا مقدمتها وخاتمتها ولا يحمل ورقةً في يده ولا بشتاً على كتفه بل كان يرتدي بنطلوناً. أمّا مابين المقدمة والخاتمة فهو من وحي خياله و من بنات أفكاره يقذِف بها ارتجالاً .

ما إن بدأ أحمد الخطبة إلا وكأنّ أحداً إنسلّ إلى أعماقنا وسرق انتباهنا ونحن نشاهده مسلّمين طائعين ، متمكّنٌ من اللغتين العربية والإنجليزية ، يتلاعب بكلمات اللغتين وكأنّه يعزف آلة موسيقية فطربت أسماعنا وتراقصت مشاعرنا لخطبته.

كانت الخطبة أشبه بمحائرة عِلمية ربط فيها العِلم الحديث بالآيات والأحاديث . واستحث تفكيرنا ببعض الأسئلة المتبوعة بلحظات من الصمت ليسمح لعُقولنا بأن تكسر القفص لتُحلق للتفكير فيما حولنا فشعرنا بأننا عُظماء نتّبعُ ديناً عظيماً.

بل هل جرّبتم أن يحكي الخطيب قصّة طريفة ويتفاعل المستمعين حتى تسمع علو أصوات ضحِكاتهم؟ لقد فعلها أحمد وكأننا في جلسة حوارية بسيطة تُناقش فيها قضايانا (نحن) ولست قضايا مجتمعات سابقة. وفي النهاية أحمد شخصٌ بسيط لايُطلق عليه كلمة (شيخ) بل إنه بعد انتهائه من الخطبة ذهب معنا لنحتسي القهوة في مكتبة الجامعة لنتفق أين وكيف نسهر هذه الليلة وبعد الإتفاق عاد كلٌ إلى مُحاضرته أو بحثِه ليُكمل كلٌ مابدأه في صباح اليوم.

علّمنا أحمد درساً ثميناً في الحياة مُفاده أنه لكي لا ننام في خطبة الجمعة يجب أن نختار خطيباً كفؤاً كما نختار البِضاعة الثمينة . فيجب أن يكون متمكناً من اللغة و متقناً لفن الإلقاء والخطابة مناقشاً لأمور تهمّنا فيضعُ يده على قضايانا . و إن لم نفعل وأبينا إلّا أن نُقدّم من له هيئة وشكل معينا وتناسينا مايملكه من كفاءة فأقول لكم…. (أعطوني المخدّة).

دمتم بود… ولي عودة

  • لا يوجد تعليقات

علي الغامدي

كاتب

باحث دكتوراه , متخصص بعلم الأعصاب. جامعة يورك مهتم بالبحث عن أخر الدراسات وتفسير الظواهر المحيطة بنا بشكل علمي.

التعليق

عفواً, للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول أولاً. إذا كنت لا تملك عضوية, يمكن الإشترك بالنقر هنا إنشاء عضوية

تسجيل عبر
ADs